اتخيل منذ عدة اشهر، انه كان اجتماع مليء بالصخب والتوتر والأجواء المشحونة، جلست الحكومة وأخذوا يفكرون ويفكرون ويفكرون، حتى وجدوا الحل المضيء الفكرة العبقرية التي لا محيص منها؛
نعم انها هي، سنقطع الكهرباء ساعتين كل يوم ليتم توفير العملة الصعبة، وسنتخذ كافة التدابير والقرارات اللازمة لإنجاح هذه الفكرة الألمعية.
وبدأنا بمنتهى منتهى الدقة قطع الكهرباء ساعتين يوميا، لدرجة انك تستطيع ضبط الساعة على دقة التوقيت فمثلا، يبدأ قطع الكهرباء الثانية ظهرا دون تأخير او تقديم وتعود الكهرباء للعمل في الساعة الرابعة تماما.
لدرجة ان المواطن إذا قطعت عنه الكهرباء اصبح يقول يقينا: اكيد الساعة دلوقتي ٢ بالظبط.
السؤال هنا هو كيف استطاعت الحكومة أخيرا ان تعمم القرار على كل موظفي شبكة الكهرباء بهذه الدقة وهذه الصرامة.
اظن ان هذا الحدث يحتاج إلى فيلم وثائقي لقياس هذا الانجاز ومعرفة ميكانيزم ودورة عمل هذا القرار الثوري، التي تكابلت كل ادوات الحكومة لانجاحه بدقة متناهية وهدف واضح صريح لكل العامة.
هنا ولد شعور لدي بأننا فعلا نعم نستطيع، لقد فعلناها أخيرا؛
لقد اتخذت الحكومة قرارا تريد منكم ان تساعدوها عليه، وها نحن قد فعلناها حقا..
ولابد من أن هناك شخصا مسؤول وذو إرادة صلبة لا تلين هو قائد قطع الكهرباء بمواعيد محددة ودقيقة ومعممة على الصغير والكبير، الغني والفقير، الوزير والغفير… إلخ
ولذلك أطالب الحكومة بالإعلان عن اسم هذا الشخص وتكريمه معنويا قبل ماديا؛
وأطالبه وأطالبكم بالآتي:
ياصاحب الدقة المتناهية، أستأذنك في ان تكون مسؤولا عن جهاز حماية المستهلك وتفعيل كل قراراته بمنتهى الدقة والمسؤولية لمصلحة الشعب المُستَهلك.
ياصاحب الدقة المتناهية، استأذنك ان تفعل قانون حماية المنافسة بمنتهى الحزم كما فعلت في قطع الكهرباء، وان نرى منافسة تقشعر لها الابدان بين رجال الاعمال وكبار التجار، وهو لمصلحة هذا الشعب المتنافس عليه.
ياصاحب الدقة المتناهية، استأذنك ان تصبح مسؤولا عن عقاب كل موظف يعرقل أوراق الصناعة الصغيرة والمتوسطة، وان تكون قويا وتبطش بأي موظف متخاذل، كما فعلت في قطع الكهرباء، فهو يصب في مصلحة الشعب الراضي الطموح.
ياصاحب الدقة المتناهية، استأذنك ان تخطط كما خططت لقطع الكهرباء بالجدول والمواعيد، لإعلام اقتصادي له معايير وعوامل نجاح وهدف واضح، ليصبح الشعب شريك الرؤية كما هو شريك في الظلام.
ياصاحب الدقة المتناهية، أستأذنك في ان تكون ذراع الردع على المدارس الخاصة والرقابة عليها وعلى مصروفاتها، كما كنت رادعا في عدم تفويت أي فرصة لاقتطاع النور لمدة ساعتين يوميا.
ياصاحب الدقة المتناهية، استأذنك ان تضع خريطة ملزمة لكل قطاعات الدولة، وتحدد حاجتنا للعمل على كذا وكذا ولا مجال اصلا لوجود عاطلين حتى لو كان العمل بأجر زهيد، كما فعلت وألتزمت برفع سعر الكهرباء برغم قطعها يوميا.
ياصاحب الدقة المتناهية اقف احتراما لنجاحك وثبات إصرارك وعزيمتك التي لا تلين واطلب منك حقا، ان تصبح مسؤولا عن كل الملفات الخربة التي فشلت الحكومة في اتخاذ اجراءات سريعة لديها، لمصلحة المواطن، كما فعلت لمصلحة الوطن لتوفير ما استطعت ان توفره بفكرتك.