بردية تورين.. التاريخ المصري القديم أقدم مما هو مدون

تاريخ مصر القديمة يزخر بالعديد من اللحظات الغامضة والفترات المفقودة التي تثير الفضول والتساؤلات بين الباحثين والعلماء.

تعتبر الفترة التي تشير إليها بردية تورين والتي ترجع تسميتها بهذا الاسم نظرا لوجودها بمتحف تورين بإيطاليا، وهي واحدة من أهم الفترات، بالإضافة إلى الكتابات التاريخية للمؤرخ المصري مانيتون.

الفترة المفقودة، التي تشير إليها البردية يعود عمرها إلى نحو 33 ألف عام قبل الميلاد، ويقدم الأثريون والباحثون فرضيات متعددة وتفسيرات مختلفة لما قد يكون عليه الوضع في ذلك الزمن.

ما يعني أن حضارة مصر كانت قائمة وناضجة قبل الفترة المعروفة لدى علماء الآثار يكفترة طويلة، مما يؤدي إلى تغيير فهمنا لتاريخ الحضارة المصرية وبداياتها.

بردية تورين هي خريطة مصرية قديمة، تُعتبر أقدم خريطة جيولوجية باقية ذات أهمية طبوغرافية من العالم القديم.
رسمت على ورق بردي و تم اكتشافها في دير المدينة في طيبة، جمعها برناردينو دروفيتي (المعروف باسم نابليون بروكونسول) في مصر في وقت ما قبل عام 1824 م، وهي محفوظة الآن في المتحف المصري بتورينو.

تم رسم الخريطة حوالي عام 1150 قبل الميلاد بواسطة كاتب القبر المعروف أمن ناخت، ابن إيبوي.

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، أن هناك فترة مفقودة فى تاريخ مصر القديمة عمرها 33 ألف عام قبل الميلاد أشارت إليها بردية تورين المحفوظة بالمتحف المصرى فى إيطاليا وكذلك كتابات المؤرخ المصرى مانيتون، وبذلك يكون عمر الحضارة المصرية الحقيقى 35 ألف عام .

غياب التوثيق

ويوضح الدكتور ريحان أن هذه الفترة يطلق عليها الفترة المفقودة فى تاريخ مصر رغم تسجيلها فى بردية تورين وفى تاريخ مانيتون وهو نفسه الذى وضع تاريخ الأسرات الذى نعترف به، وسبب عدم الاعتراف بهذه الفترة هو عدم وجود مظاهر حضارية لها من عمارة وفنون وغيره رغم أنها تاريخ موثق.

ويتم الاعتراف بالعمر الحقيقى للحضارة المصرية خمسة آلاف عام تبدأ باكتشاف اللوحات العاجية الذى اكتشفها العالم الألماني جونتر دراير فى مقبرة الملك العقرب الأول فى أم الجعاب فى أبيدوس والتى ترجع إلى عصور ما قبل الأسرات عصر نقادة حوالى 3200 قبل الميلاد.

عمر الحضارة المصرية الحقيقي

وفى بحث بعنوان “أقدم آوانى فخارية في مصر.. فخار سبخة نبتة خلال فترة الهولوسين” للدكتورة إيمان السيد خليفة الأستاذ بقسم الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة، أكدت أن الحضارة المصرية عمرها 10 آلاف عام من خلال دراسة فخار منطقة سبخة نبتة الواقعة فى صحراء مصر الغربية والذى تم تأريخه بحوالي 10 آلاف عام، وبالتالى فإن عمر الحضارة المصرية طبقًا للمظاهر الحضارية الباقية يتأرجح ما بين 5 إلى 10 آلاف عام .

ما هو أصل الحضارة المفقودة؟

طبقًا لما ذكر فى بردية تورين الذى اكتشفها العالم الإيطالى برناردينو دوروفين عام 1818 فى البر الغربى بالأقصر ويعود تاريخها إلى عام 1150ق.م، فى عهد رمسيس الثاني، وكتبت بالخط الهيراطيقي، ويبلغ طولها 257 سم، تشير إلى وجود الحضارة المصرية منذ 33 ألف عام قبل الميلاد.

بردية تورين حددت تواريخ حكم مصر القديمة

ذكر الدكتور رمضان عبده أستاذ التاريخ المصري القديم في كتابه “رؤى جديدة في تاريخ مصر القديمة” أن هذه البردية تعد من المصادر الأساسية التي يعتمد عليها علماء المصريات في تحديد فترات حكم الملولك الذين حكموا مصر فترة ما قبل الأسرات وحكام عصر الأسرات حتى الأسرة الـ 18، ويبلغ عددهم 300 ملك، ولأهمية هذه البردية فإنها تسجل ليس فقط سنوات الحكم بل تسجل أيضًا الشهر واليوم .

عمر الحضارة المصرية المؤرخ والمعترف به

ما هو معروف فى تاريخ مصر القديمة ويكاد يجمع عليه العلماء أن عمر الحضارة المصرية القديمة ترجع إلي حوالي 3500 ق.م، وإذا أضفنا إليها 2024 بعد الميلاد يكون عمر الحضارة الآن 5524 عام، بداية من توحيد القطرين علي يد الملك مينا (نارمر) 3200 سنة ق.م، والفترة التي تسبقها كانت مجتمعات متفرقة ترجع إلي 5000 سنة ق.م نقادة  والبداري وغيرها.

لكن بردية تورين أشارت إلى ملوك مصر فى عصر ما قبل الأسرات ويرجع حكمهم إلى 33 ألف عام، بينما رصد الكاهن والمؤرخ المصرى مانيتون الذى عاش أيام بطليموس الأول و التانى فى كتابه ” تأريخ مصر” التاريخ فى مصر منذ أقدم العصور حتى عام 323 قبل الميلاد بالإعتماد على سجلات المعابد المصرية وقسّم الأسر إلى 31 أسرة موزعة دولة قديمة ووسطى وحديثة.

ونفس الكاهن والذى يعترف الجميع بالتاريخ الذى رصده يذكر أن عصر الأسرات هو العصر الأخير فى الحضارة المصرية وأن هناك 33 ألف عام مفقودة قبل حكم نارمر وبالتالى يؤيد ما جاء فى بردية تورين.

وذكر المؤرخ اليونانى هيرودت الذى عاش فى القرن الخامس قبل الميلاد واقعة غريبة وقت زيارته لمدينة أون وقابل مجموعة من كبار الكهنة المصريين وسألهم عن العمر الحقيقى للحضارة المصرية فقال أحدهم وهو يشير إلى الشمس بأنها أشرقت مرتين وغربت مرتين وسجل الإجابة الغريبة ولم يفهمها وهى بالطبع تشير إلى وجود حضارة سابقة تمتد إلى زمن سحيق .

كما ذكرت الكاتبة الفرنسية لوسى لامى فى كتابها “إضاءة جديدة على المعرفة الروحية القديمة الألغاز المصرية” أن بردية تورين سجلت فترتين من تاريخ مصر ما قبل وما بعد الأسرات، ونقل ديودورس الصقلى المؤرخ اليونانى الذى عاش في القرن الأول قبل الميلاد عن مانيتون أن هناك 33 ألف عام قبل الأسرات .

تقسيم عصور ما قبل الأسرات

فترة الملوك الآلهة أو أشباه الآلهة من 36 ألف إلى 17 ألف قبل الميلاد .
فترة الحكام النوريين أو المبجلون من 17 ألف إلى 15 ألف قبل الميلاد .
فترة ملوك العهد من 15 ألف إلى 1000 قبل الميلاد .
فترة أتباع حورس أو شمسو حور من 1000 إلى 500 قبل الميلاد .
فترة الملوك من 3200 إلى 305 قبل الميلاد .