المقارنة واجبة للتزامن: المركزي المصري يثبت الفائدة للمرة الثانية رغم صعوبة الأجواء.. والتركي يحركها أقل من التوقعات
متابعة – فريد حمزة و بسنت عماد
في إطار التغييرات النقدية والمالية التى تقوم بها العديد من الدول في ظل الأزمات الاقتصادية، التى تضربها على اختلاف أشكالها وتوقيتاتها، كانت هناك خلال ال٢٤ ساعة الماضية إجراءات مختلفة من البنكين المركزيين المصري والتركى، وجب التزامن المقارنة، خاصة أن الظروف متشابهة في المعاناة الاقتصادية، رغم القوة الصناعية التركية مقارنة بالمصرية، وتكلفا البنكان الكثير من الاحتياطى الأجنبي لحماية عملتهما المستمرة في الانهيار، وتحتاج لدعم سياسي وليس ماليا واقتصادى فقط.
قرارات المركزي المصري ومبرراته
للمرة الثانية ، علي التوالي قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا يــوم آمس الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوي 18.25٪، 19.25٪ و18.75٪ على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوي 18.75٪.
على الصعيد العالمي، استمرت توقعات الأسعار العالمية للسلع في التراجع مقارنةً بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعاتها السابقة.
وعلى الرغم من مساهمة كل من تقييد السياسة النقدية وانخفاض الأسعار العالمية للطاقة في الحد من الضغوط التضخمية العالمية، تظل مستويات التضخم الحالية أعلى من المستويات المستهدفة في الاقتصادات الرئيسية.
كما شهدت الأوضاع المالية للاقتصادات المتقدمة بعض التقييد مقارنةً بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها في شهر مايو 2023 مما يدعم الانخفاض الطفيف في توقعات النمو الاقتصادي العالمي.
وعلى الصعيد المحلي، سجل معدل نمو النشاط الاقتصادي الحقيقي 3.9% خلال الربع الرابع من عام 2022 مقارنةً بمعدل نمو بلغ 4.4% خلال الربع الثالث من ذات العام.
وبالتالي، سجل النصف الأول من العام المالي 2022/2023 معدل نمو بلغ 4.2%.
وتوضح البيانيات التفصيلية للربع الرابع من عام 2022 أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي جاء مدفوعاً بالمساهمة الموجبة لصافي الصادرات اتساقاً مع تطورات سعر الصرف.
كما استمر النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص في دعم النمو بشكل أساسي، مدفوعاً بالمساهمات الموجبة لقطاعات تجارة الجملة والتجزئة والزراعة والتشييد والبناء.
وتفيد معظم المؤشرات الأولية إلى تباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2023 ، ومن المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022/2023 مقارنةً بالعام المالي السابق له، على أن يتعافى بعد ذلك.
وفيما يتعلق بسوق العمل، انخفض معدل البطالة بشكل طفيف إلى 7.1% خلال الربع الأول من عام 2023 ، مقارنةً بمعدل بلغ 7.2% خلال الربع السابق له، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة أعداد المشتغلين.
سجل المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي في الحضر 32.7% و40.3% في مايو 2023، على الترتيب.
ويرجع ذلك الى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل أساسي وأسعار السلع غير الغذائية. وقد تأثر كلاهما بالقرارات الحكومية المتخذة بشأن أسعار السلع والخدمات المحددة إدارياً، بالإضافة إلى الطلب الموسمي على بعض السلع الغذائية الأساسية.
وتفيد المؤشرات الحالية، بما في ذلك مؤشرات التضخم الأخيرة، إلى اتساق البيانات الواردة مع التوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعها في شهر مايو 2023. وفى ضوء ما سبق، قررت اللجنة الإبقاء على اسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي دون تغيير.
وستواصل اللجنة تقييم أثر السياسة النقدية التقييدية التي تم اتخاذها وتأثيرها على الاقتصاد وفقاً للبيانات الواردة خلال الفترة القادمة.
وتؤكد اللجنة على أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة.
وتستمر لجنة السياسة النقدية في متابعة التطورات والتوقعات الاقتصادية في المرحلة القادمة.
ولن تتردد اللجنة في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة، بما في ذلك عمليات إدارة السيولة، بهدف الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
موقف المركزي التركي وتحليلات الخبراء
وتركيا، لأول مرة في أكثر من عامين، رفع البنك المركزي التركي، أمس الخميس، أسعار الفائدة بمقدار 650 نقطة أساس لتصل إلى 15 بالمئة، وهو أقل كثيرا من التوقعات البالغة 20 بالمئة، لكنها خطوة تعبر عن تحول كبير في سياسة تركيا بعد تعيين فريق اقتصادي جديد مع بداية الولاية الجديدة للرئيس رجب طيب أردوغان.
على مدار أكثر من عامين كان أردوغان يصر على خفض الفائدة رغم الارتفاع الكبير في التضخم، متبعا سياسة وصفت بأنها غير تقليدية وتسير على خلاف المتبع عادة برفع الفائدة من أجل كبح زيادة الأسعار.
وعيّن أردوغان بعد فوزه بولاية رئاسية ثالثة نهاية مايو الماضي، محمد شيمشك، خبير الاقتصاد السابق لدى ميريل لينش وزيراً للمالية، والمسؤولة المالية السابقة في وول ستريت حفيظة غاية أركان حاكمة للمصرف المركزي.
واعتبرت الأسواق تعين الفريق الاقتصادي الجديد بحكومة أردوغان، بأنه إشارة إلى تحول في سياسة تركيا نحو سياسات اقتصادية تقليدية، من شأنها دعم العملة المحلية واستعادة الاستثمارات الأجنبية والحد من ارتفاع الأسعار.
كما أن الأنظار كانت تترقب اجتماع المركزي التركي باعتباره أول اختبار لاستقلالية قراره تحت رئاسة الحاكمة الجديدة للمصرف حفيظة أركان.
وأكد المركزي التركي، أن عملية رفع الفائدة ستكون تدريجية، وهو ما يتفق مع توقعات بنوك استثمار عالمية بمزيد الرفع في أسعار الفائدة هذا العام.
وتراجعت الليرة التركية عقب قرار المركزي التركي بأكثر من 2.5 بالمئة إلى مستوى قياسي جديد، حيث جاءت زيادة الفائدة أقل كثيرا من التوقعات.
وأدت السياسات النقدية المتساهلة في تركيا إلى قفزة كبيرة في معدل التضخم الذي تجاوز 85 بالمئة في أكتوبر من العام الماضي، عند أعلى مستوى في نحو ربع قرن، قبل أن يبدأ في التراجع إلى ما دون 40 بالمئة في مايو للمرة الأولى منذ 16 شهراً.
وهبطت الليرة التركية لمستويات متدنية تاريخية، وزادت وتيرة هذا الانخفاض عقب انتخاب الرئيس أردوغان الشهر الماضي، مع تخفيف السلطات قبضتها على العملة.
وبعد خروج المستثمرين الأجانب على مدى سنوات، تأمل الحكومة التركية أن يجذب التحرك نحو سياسات ولوائح السوق الحرة الاستثمار وتدفقات الأموال.
وانخفض صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي إلى مستوى قياسي بلغ 5.7 مليار دولار الشهر الماضي قبل أن يرتفع هذا الشهر، مما يعكس مدى تكلفة الجهود لتحقيق استقرار الليرة.