زهران جلال يكتب: الأكاديمية القضائية بوابة مدينة العدالة
بدأت فكرة إنشاء أكاديمية للقضاة فى بدايةثمانينيات القرن الماضى، وكانت مطلبًا معلنًا لرجال القضاء منذ عام 1984، حيث ناقشها مؤتمر العدالة فى مصر، وأوصى بإنشاء هذه الأكاديمية لإعداد وتأهيل الراغبين فى العمل بالسلك القضائي، وتكون بمثابة خطوة تكميلية في الدراسة، بعد دراسة الحقوق، وتقدم للقضاة، وللأجهزة المساعدة والمعاونة تأهيلًا وتدريبًا يحتاجونه، للعمل على تطوير المنظومة القضائية.
وتكون هى المعنية بتدريب المتقدمين للعمل في النيابة العامة والهيئات القضائية المختلفة أي المدخل الأساسي الى القضاء، كما يكون من مهمتها التدريب المستمر لتكون ضمانة أساسية ليس فقط لتحسين الأداء والكفاءة، وإنما لتتحقق العدالة والاستقرار المجتمعي من خلال مبادئ أساسية وشروط عامة مجردة بمعايير تقوم علي الكفاءة العلمية والأهلية التي يحددها القانون ،خالية من التمييز الطبقي والعنصري وتحد من الاستحواذ والتمكين الممنهج، من خلال مشروع قانون الأكاديمية القضائية الذي شرعت فيه إدارة التشريع بوزارة العدل عهد المستشار فاروق سيف النصر وزير العدل الأسبق في إعداده بحيث تتولي إعداد لجنة رفيعة المستوى، لتحقيق فكرة تحويل المركز القومي للدراسات القضائية إلي أكاديمية القضاء تخضع لوزارة العدل وتتولي إداراتها إدارة كاملة ، وتشتمل علي ثلاثة معاهد أولها للقضاء ،وثانيها للخبراء والطب الشرعي، والشهر العقاري، وثالثها لأعوان القضاة ليكون تعيين رجال القضاء والنيابة العامة وسائر أعضاء الهيئات القضائية من خريجي هذه الأكاديمية اقتداء بما نهجته الكثير من الدول المتقدمة و الدول العربية.
وتمثلت أبرز المحاور في جعل الدراسة بهذه الأكاديمية دراسة داخلية مدتها ثمانية عشر شهرا، تشمل الجوانب النظرية والتطبيقية والميدانية، وبحيث لا يجري التعيين في أدني الوظائف القضائية سالفة الذكر إلا من بين من اجتازوا تلك الدراسة.
ظل اهتمام الوزراء المتعاقبين بفكرة إنشاء الأكاديمية القضائية بداية من المستشار فاروق سيف النصر، وتطورت الفكرة إلى صياغة مشروع قانون “الأكاديمية القضائية في عهد المستشار ممدوح مرعي، وفي عام ٢٠١٦ بعد تولي المستشار أحمد الزند وزارة العدل تم طرح مشروع القانون وفكرة إنشاء أكاديمية للقضاء، لتكون هي المعنية بتدريب المتقدمين لشغل الوظائف في الجهات والهيئات القضائية والشهر العقاري والتوثيق والخبراء والطب الشرعي والجهات المعاونة ، والتي لاقت استحسان وموافقة من الرئيس عبدالفتاح السيسي ووجه بإنشائها في مدينة العدالة بالعاصمة الإدارية .
ونظراً لعدم جاهزية الأكاديمية القضائية وسن القوانين واللوائح المنظمة لها خلال السنوات السابقة تم إلحاق المقبولين في الجهات والهيئات القضائية بالإكاديمية الوطنية للشباب في الشيخ زايد، واستقبلت دفعات من مجلس الدولة والإدارية وقضايا الدولة، وفي يناير الماضي من العام الجاري تم إلحاق المقبولين من دفعة ٢٠٢٠ نيابة عامة، ومجلس الدولة وكذلك تظلمات ٢٠١٩ من خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون باستثناء أصحاب الموانع الصحية والبدنية ، وخريجي اكاديمية الشرطة.
كما تقوم الأكاديمية العسكرية أيضا بتدريب المعينين بقرارات جمهوري العام المنصرم في هيئتي قضايا الدولة والإدارية من دفعات ٢٠١٧،٢٠١٨ وتظلمات ٢٠١٣،٢٠١٤ لبدء فترة التدريب عقب انتهاء المعينين في النيابة العامة ومجلس الدولة الشهر المقبل نهاية مدة ٦ أشهر المحدده لفترة التدريب والإقامة في الأكاديمية العسكرية .
ضرورة إنشاء الأكاديمية القضائية يحقق المصلحة للجميع ، و تخفيف العبء عن كاهل الأكاديمية العسكرية ، وتحقيق الغاية المثلي والهدف المنشود كما تهدف لها الفكرة ومشروع القانون الذي تم إعداده في وزارة العدل منذ ما يقرب من أربعين عاما ، وضمانة أساسية ليس فقط لتحسين الأداء والكفاء، إنما هو يمهد أيضا لإجراء تعديلات أساسية على عملية الاختيار، وإعداد وتكوين “المتقدمين لشغل وظائف القضاء، النيابة العامة، هيئة قضايا الدولة، هيئة النيابة الإدارية، ومجلس الدولة، والمتقدمين لشغل وظائف الخبراء بقطاع الشهر العقاري والتوثيق، ومصلحة الخبراء والطب الشرعي والوظائف غير القضائية المعاونة، وإخضاع الإختيار الى إجراء اختبار للقبول في معهد أو أكاديمية للقضاء ومن ثم الدراسة فيها، يتم من خلالها تأهيل وتقييم الأعضاء لشغل الوظائف القضائية، تمنع الشكوك التي تساور المواطنين حول معايير الاختيار لشغل الوظيفة القضائية وتحقق الرضا العام والاستقرار النفسي والمجتمعي .
واخيرا وليس اخرا الحديث عن تطوير منظومة العدالة لا يصح ولا يكتمل دون وضع فكرة إنشاء “أكاديمية القضاة” كأولوية قصوى فى الجمهورية الجديدة، التي ستسهم بالأساس فى مطلب تطوير العاملين، وتحقيق العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص في منظومة العدالة ، وتدريبهم وتأهيلهم لممارسة العمل النيابى والقضائى، عن طريق ما ستقدمه من تدريبات لتطوير المنظومة وتحسين أدواتها.