إبراهيم الصياد يكتب: ” أخطاء شائعة في مواجهة الشائعة “
هناك أخطاء شائعة common mistakes عند تناول الكيفية التي نتصدى بها للشائعات Rumors فيما يتعلق بالإعلام التقليدي أو حتى الإعلام الجديد منها:
– إعادة ترديد الشائعة عند الرد عليها بما يساهم دون قصد في انتشارها.
– تجاهل الشائعة وتركها دون رد تنتشر انتشار النار في الهشيم.
– الرد المباشر غير الدقيق على الشائعة يجعلها والرد عليها كفتي ميزان أمام الجمهور.
على أي حال نبدأ بتعريف المفهوم وكيفية نشوؤه وسبل مواجهته بشكل ومضمون احترافي سواء على مستوى صنع القرار أو مستوى تنفيذه.
يرتبط مفهوم الشائعة بدراسات الراي العام ووسائط الاعلام الجمعي أو الجماهيري Mass communications media
وتتفق معظم البحوث التي تناولت هذا الفرع من علوم الإعلام على ان منحنى الشائعات يصعد كلما زاد التعتيم الإعلامي وقلت حرية تداول المعلومات بما يمكن من تنامي الشائعة في ظل حاضنة خصبة تعتمد على شح المعلومات وتقييد حرية تداول المعلومة فيما يتعلق بأمر ما يهم الجمهور.
ودعونا نعرف الشائعة بأنها خبر كاذب Fake News له ( ظل من الحقيقة) وتستخدم المعلومات القليلة لو أُتيحت بشيء من التضخيم واختلاق أو تلفيق معلومات غير حقيقية في تفاصيل وبين حواشي الشائعة.
وان كنا نرى في الوقت نفسه أن هناك شائعات غير حقيقية مئة بالمئة (مثل معظم تلك المتعلقة بالحياة الشخصية للمشاهير من الساسة والفنانين والرياضيين والشخصيات العامة).
وتنقسم الشائعات الى نوعين سلبي وايجابي:
– الشائعة السلبية هي خبر كاذب يستهدف خفض معنويات المجتمع بشكل مباشر (مثل شائعة عن ارتفاع سعر سلعة استراتيجية ما كالخبز)
– الشائعة الإيجابية هي خبر كاذب أيضا لكن يستهدف رفع معنويات المجتمع ثم عندما يثبت عدم صحته يحدث نوع من الصدمة shock تؤدي الى تأليب المجتمع على مراكز صنع القرار في المجتمع المنوط بها اتخاذ القرارات الإيجابية لصالح الناس
مثل (رفع المرتبات بنسبة 500 ٪ من قبل الحكومة ثم ثبوت عدم صحة ذلك ).
وفي اعتقادي ان النوع الإيجابي أشد خطورة وتأثيرا من النوع السلبي ونمثله بمن رُفع الى عنان السماء ثم تم إلقاؤه من أعلى عليين الى أسفل سافلين!
ويمكن القول إن هبوط منحنى الشائعات يعتمد على 4 من العوامل نعرضها. فيما يلي:
◾هناك علاقة بين حرية تداول المعلومات والخبر الذي لا يصبح خبرا إلا اذا امتلك معايير محدده من بينها ان يكون جديدا ويعلم به الجمهور لأول مرة ومن ثم الحصول على المعلومة المدققة امر حيوي وأن يكون مصدر الخبر موثوقا فيه ولهذا ننصح دائما باستيفاء الخبر من مصدره وثبت من خلال التجربة العملية أن المراسل التابع للوسيلة الإعلامية في موقع الحدث هو أكثر المصادر صدقية ولهذا الصدق والشفافية يصبحان أمرين مهمين في عملية وأد أي شائعة أو حصار أي خبر كاذب وعليه يمكن القول لا يمكن تحقيق ما تقدم إلا بحرية تداول المعلومات.
◾لم يعد التعتيم يصلح في ظل تعدد وسائل الإعلام المتنافسة التي يسعى كل منها الى تحقيق السبق والانفراد مع وجود إعلام اجتماعي social media يعد بيئة لنشر الشائعات.
وفي الوقت نفسه إن الإصرار على منع نشر المعلومات أو حجب البيانات عن عمد أمر في غاية الخطورة يؤدي الى تنامي الشائعات! اذن كلما تجنبنا التعتيم على الأحداث كلما ساعد ذلك في القضاء على فرص تنامي الشائعة.
وفي الوقت نفسه ننصح بالا تقوم مراكز رصد الشائعات بالرد المباشر على الشائعة بنفيها انما تجعل الرد عن طريق مصدر رسمي في شكل خبر يفند الشائعة دون الإشارة إليها.
◾وجود سياسة تحريرية تضبط الأداء الإعلامي و تعتمد القيم المهنية التي تساعد على تحقيق الدقة والتوازن والموضوعية والشفافية والتنوع والمحاسبة ونعتقد ان ذلك سيمنع احتمال تكون أي حاضنة أو بيئة منشطة للشائعة.
◾من الضروري التأكيد على أن الأمن المجتمعي يرتبط بالوضوح والشفافية وهو عامل مهم لتحقيق الاستقرار وما يمكن أن نطلق عليه السلام الاجتماعي والذي بالتبعية لا يساعد على انتشار الشائعات أو الأخبار الكاذبة.
نافلة القول
ان ادبيات علم السياسة فيما يتعلق بدراسات الرأي العام والإعلام توضح أن هناك علاقة عكسية بين المناخ الديموقراطي وانتشار الشائعات ولهذا تقل كثيرا في المجتمعات الديموقراطية التي تتيح بذكاء حرية تداول المعلومات وتزيد كثيرا في المجتمعات ذات النظم الشمولية التي لا تتمتع بالحريات.
ولهذا ننصح صانعي السياسات الإعلامية بأن يعطوا مساحات من الحرية التي تحميها القيم المهنية والأداء الذكي حيث أن بعض النوافذ الإعلامية تتعامل في هذا المجال بطريقة الدب الذي قتل صاحبه.