تم إفتتاح المتحف المصري الكبير، تجريبياً، وتم فتح كل قاعات العرض ماعدا قاعة عرض توت عنخ آمون وقاعة اليخوت الملكية.
قرأت الخبر وشاهدت صور الافتتاح وتخيلت، ماذا لو لم يكن هناك حضارة من الأساس، ماذا لو لم يكن هناك فن، لا موسيقى ولا سينما ولا تمثيل ولا مسارح، كيف كانت ستكون هذه الدنيا؟!
حاول أحدهم مقاطعتي: بس أيام الـ…..
فباغته أنا دون أن يكمل حرفا واحدا: شششش اسمحلي بعد أذنك لا تقاطعني ولا تجادلني إلا عندما أنتهي من سرد ما أريد أن أقول.
من أكثر من 7 آلاف سنة، والفن كان عنوانا لرقي أي حضارة إنسانية، وارتبط الاثنان ارتباطا جوهريا ووثيقا من دون أن يفترقا، وبرغم محاولات طيور الظلام على مدار آلاف السنين لطمس أي حضارة، أو حتى سرقتها، لكن الفن برغم كل تلك المحاولات باقٍ ومازال ينفذ عبر الأزمنة، تتوارثه الأجيال بمختلف أذواقهم دون أن يندثر أو يضمحل.
الحضارة والفن أصبحا عامود من أعمدة الدول، يعبران عنها ويحكيان عن شعبها، وقوة ناعمة جبارة وسريعة التأثير، وسواء كانت الحضارة فناً أو الفن حضارة فهما مترادفتان بعلاقة طردية صلبة لا يمكن أن تنعكس.
ولكن للأسف هناك من قام بالفعل بمحاولة إزالة هذا المبدأ الهام والعمود الرئيسي، عندما لغى فصول الموسيقى وجرف المسرح المدرسي واهتموا بأشياء أخرى أكثر من الرسم والنحت وغيره…إلخ
فنما حولنا جيلا لا يعرف لا معنى الحضارة ولا تفسير الفن، لا يعرفون الطريق إلى الرقي والشياكة، فقط تعلموا الطريق إلى وسائل التواصل الهشة الاجتماعية، تعلموا الفن من التيك توك متجردا من أصله وقيمته، ومتحولا إلى مسخ لا طعم له ولا لون.
وتخيلت لو أن هناك إدارة متخصصة في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، مهمتها وهدفها الرئيسي هو الإهتمام بفصول الموسيقى والرسم والنحت والمسرح المدرسي وكل آداة تصنع فنا أو تحكي حضارة، ومسابقات فنية بين المدارس بالاتفاق مع شركات الانتاج لاكتشاف المواهب الصغيرة والشابة.
صغيرة على الحب، لم تكن معجزة، فهناك الكثير منهن تستطيع أن تكون أفضل من سعاد حسني، تتعلم الفن وتدرسه بل وتتعلم كيف تكون فنانة ذكية تحسن الاختيار والطريق إلى الهدف المحدد.
هل تعلم أن هناك دراسة بأن أي انسان على هذه الأرض لابد أن يكون فناناً في شيء معين، فهي منحة رباينة لرقي الروح وسموها.
أنا شخصيا أحلم بأن تكون هذه الإدارة لرعاية الفن والحضارة داخل المدارس بكافة أنواعها، إدارة قوية ولها خطة وهدف يخلق لنا مواهب لاتعد ولا تحصى، لكي يحكوا لنا عن حضارتنا، وكل منهم بطريقته وأسلوبه.
نحن المصريون، نحن أصل كل جميل ومبدع ولابد أن نبادر كعادتنا بأن نكون الأوائل، وأن نحكي قصتنا وحضارتنا ليس للمصريين فقط، بل للعالم أجمع، بجيل جديد يستطيع بالفن أن يخلق حضارة جديدة، وهم قادرون لأنهم بالأصل مصريون.