fbpx
مقالات

بأمر الرئيس.. اتجاه اجباري نحو احتياجات سوق العمل

بقلم الدكتور محمد شعيب

كما عودنا الرئيس السيسي منذ بداية عهدنا به بأحاديثه الصريحة والتلقائية غير المكتوبة، أن يتحدث من القلب للقلب، كوالد وأخ لجميع المصريين، يحمل بداخله كل ما يخص معاشهم وشئونهم ومشكلاتهم وهمومهم بمنتهى الصدق والصراحة، وتتضمن أحاديثه رسائل تنبيهية للمواطنين وللمسئولين على السواء.

منذ أكثر من عامين وتحديداً في فبراير 2022 تحدث الرئيس متعجباً عن الآلاف خريجي الكليات النظرية ضارباً المثال بكليات الآداب – قسمي التاريخ والجغرافيا، والذين تضخهم الجامعات سنوياً للمجتمع، رغم عدم حاجة سوق العمل لتلك التخصصات.

مَرَّ عامان على هذا التصريح وللأسف لم يتغير شيء في سياسات القبول في الجامعات منذ ذلك الحين.. بل استمرت سياسات تعيين المعيدين وأعضاء هيئة التدريس بتلك الكليات كما هي، ليعود الرئيس ويتحدث مرة أخرى في ذات الموضوع بالأمس غاضباً ومتعجباً قائلاً “قاعدين تدخلوا ولادكم تجارة وآداب وحقوق وكل الكلام ده.. حيطلعوا يشتغلوا ايه؟”
ومن سخرية القدر أن يأتي تصريح الرئيس بعد أسابيع إعلان أحد رؤساء الجامعات الإقليمية عن الموافقة على إنشاء كلية نظرية جديدة.

حيث أشار في بيان رسمي على صفحة الجامعة بأن هذه الكلية هي عيدية الرئيس السيسي لأهل المحافظة، وقدم الشكر للرئيس!! رغم أن القرار الجمهوري هو مجرد قرار كاشف، وأن عملية السير في إجراءات إنشاء كلية جديدة تبدأ من الجامعة، ولا علاقة لها برئيس الجمهورية من قريب او بعيد. فماذا سيقول رئيس هذه الجامعة للجمهور بعد تصريح الرئيس اللاذع عن الكليات النظرية؟!

لقد كتبت عشرات المقالات والمنشورات في هذا الشأن منذ 2018 في الصحف والمواقع الالكترونية وعلى حسابي المتواضع بمواقع التواصل “فيس بوك، كما تحدثت عن البطالة المقنعة من أعضاء هيئة التدريس في هذه الكليات، مما يمثل إهداراً للمال العام، وقدمت مقترحات تفصيلية لهيكلة أعضاء هيئة التدريس بالكليات النظرية، ولا داعي لسردها مرةً أخرى فهي موجودة لمن يريد الاطلاع عليها.
أقول لمن تعجبوا من كلام الرئيس عن كليات الحقوق والتجارة والآداب، أن بعض دول المنطقة الغنية اقتصادياً قد أغلقت الكليات النظرية نهائياً، ووزعت منتسبيها على الكليات الأخرى، وقامت بفتح برامج مهنية قصيرة الأجل بناءً على طلب سوق العمل بما يسمى الدراسة المنتهية بالتوظيف.

فيما قامت دول الأخرى بخفض أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية بنسبة 50% ، كل هذا حدث في الخمس سنوات الأخيرة، رغم أن عدد سكان هذه الدول ونسب البطالة بها لا يقارن بمصر، إلا أنهم تداركوا الخطر مبكراً، واتخذوا القرار دون مقدمات.

لا شك أن تطبيق أي قرار جديد قد يُواجه بمقاومة من أطراف عديدة أهمها وأخطرها فئة المنتفعين وأصحاب المصالح من الأوضاع القائمة، لذا أقترح الآتِ:
1- إنشاء تخصصات مهنية قصيرة الأجل وفقاً لاحتياجات سوق العمل الفعلية، مع عمل شراكات مع مؤسسات القطاع الخاص لتكون الدراسة منتهية بالتوظيف.
2- معاملة الخريج تجنيدياً نفس معاملة خريج البكالوريوس الأكاديمي العادي.
3- عند التوظيف تكون الشهادة المهنية معادلة إدارياً ومالياً لنظيرتها الأكاديمية.
4- الإبقاء على كلية نظرية واحدة في كل إقليم من أقاليم مصر، مع تقليل أعداد المقبولين بها.
5- إلغاء الدعم عن الدراسة بالكليات النظرية، سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا. بحيث تغطي مصروفاتها تكاليف التشغيل كاملةً.
6- التوقف عن تعيين أعضاء هيئة تدريس جدد في الكليات النظرية لفترة محددة يتم تجديدها حسب الحاجة.
7- فتح باب الإجازات بدون مرتب لمنسوبي الكليات النظرية، وكذلك المعاش المبكر مع الحصول على كافة ونفس الحقوق المقررة للسن القانونية.
8- الاستفادة من أعضاء هيئة التدريس في أعمال الجودة بالجامعة، وفي إدارة وتشغيل والإشراف على البرامج المهنية الجديدة.
9- إمكانية ندب أعضاء هيئة التدريس بها للجهات العامة خارج الجامعة كمستشارين وخبراء على سبيل المثال في وزارة التربية والتعليم. وكذلك أساتذة القانون كمستشارين قانونيين في الوزارات وشركات قطاع الأعمال العام.
10- إصدار قرار بحظر رفع مقترحات بإنشاء كليات نظرية جديدة.
11- إعلاء المصلحة العامة فوق مصالح الأفراد أياً كانوا.

الكاتب: الدكتور محمد شعيب، الاستاذ بكلية السياحة والفنادق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى