كتب: أحمد علي
أخذت الحرب الروسية الأوكرانية منحنى متصاعد لخطر نشوب صراع نووي بعد أن أرسلت بريطانيا قذائف اليورانيوم المنضب بجانب دبابات قتال رئيسية من طراز “تشالنجر-2″، فيما أعتبرت موسكو أن إرسال لندن ذخائر تحوي مواد نووية مؤشرًا خطيرًا على الوضع في أوكرانيا ويُنذر بنشوب حرب نووية، بينما اعتبرت واشنطن أن قذائف اليورانيوم المنضب لا تمثل خطرًا على البيئة وغير محظورة دوليًّا وأنها على حد تعبيرها “نوع مألوف إلى حد ما من الذخائر”.
ما هو اليورانيوم المنضب؟
اليورانيوم المستنفد أو المنضب، هو المادة المتبقية بعد إزالة معظم أشكال اليورانيوم ذات النشاط الإشعاعي المرتفع والمعروفة باسم “يو-235” (U-235) من خام اليورانيوم الطبيعي، وتعتبر هذه الأشكال هي القادرة على توفير الوقود المستخدم لإنتاج الطاقة النووية والرؤوس النووية المستعملة في الأسلحة النووية.
وهو عبارة عن معدن ثقيل سام، وهو المنتج الثانوي الرئيسي لعملية تخصيب اليورانيوم، وهو المادة المتبقية على إثر إزالة معظم نظائر اليورانيوم الشديدة الإشعاع لأغراض استخدامها كوقود نووي أو في الأسلحة النووية، ويملك اليورانيوم المستنفد
نفس خصائص السمية الكيميائية التي يتميز بها اليورانيوم، ولكن يتسم بدرجة أقل من السمية الإشعاعية، ونظرًا لكثافته العالية التي تعادل حوالي ضعف كثافة الرصاص، يستخدم اليورانيوم المستنفد في الذخائر المصممة لإختراق الدروع، ويمكن أن يستخدم أيضًا لتعزيز المركبات العسكرية، مثل الدبابات، أما الذخائر التي تحتوي على اليورانيوم المستنفد، فهي تنفجر بفعل الإرتطام وتطلق غبار أوكسيد اليورانيوم.
بدأ الجيش الأمريكي في إنتاج قذائف اليورانيوم المنضب الخارقة للدروع في السبعينيات، كما أضافت الولايات المتحدة اليورانيوم المنضب إلى دروع الدبابات المُركبة وذخيرة الهجوم البري للقوات الجوية A-10 المعروفة باسم “قاتل الدبابات”.
وتدخل الذخيرة مع نوى اليورانيوم المستنفد في الخدمة لدى العديد من البلدان منها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا، وألمانيا، وفرنسا، وإسرائيل.
قدرات قذائف اليورانيوم المنضب:
تعتبر قذائف اليورانيوم المنضب من أفضل القذائف المضادة للدروع نظرًا لسهولة إختراقها للدروع بضعف القذائف التقليدية.
ويتم استخدام اليورانيوم المنضب في الأسلحة والقذائف، لأنه قادر على إختراق الدبابات والدروع بسهولة أكثر بسبب كثافته وخصائصه الفيزيائية،
وتتمثل ميزة اليورانيوم في الذخيرة الخارقة للدروع في قدرته على الإشتعال عند الإصطدام واختراق الدروع، وذلك لأنه أقوى في الخصائص الفيزيائية، ويختلف تأثير اليورانيوم على المعادن التي تستخدم لحماية الدروع، فكلما كانت المركبات أكثر متانة، يؤدي ذلك لإنتاج كمية أكبر من الحرارة، كما أن إحتراق الشظايا الصغيرة يمكن أن يؤدي إلى اشتعال إمدادات الوقود للمعدات العسكرية وانفجار الذخيرة.
مخاطر استعمال اليورانيوم المنضب:
حسب معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، فإنه لا يمكن اعتبار ذخيرة اليورانيوم المنضب أو المستنفد أسلحة نووية، وإن هذا اليورانيوم لا يفي بالتعريف القانوني للأسلحة النووية أو الإشعاعية أو السامة أو الكيميائية أو الحارقة.
وعلى الرغم من ذلك قال العلماء البريطانيون أن خطره على الصحة العامة للبشر “منخفض جدًا”،
في مقابل ذلك في تقرير صدر عام 2022 عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) أكد أن استعمال اليورانيوم المنضب يشكل تهديدًا للبيئة في أوكرانيا، وهناك دول حظرت استعماله في الأسلحة مثل بلجيكا وكوستاريكا.
وإجابة سؤال هل هناك خطر إشعاعي أو لا فحسب موقع الإتحاد الأوروبي، فإنه من بين جميع نظائر اليورانيوم المشعة يعتبر اليورانيوم المنضب الأقل نشاطًا إشعاعيًّا، وعادة ما يكون أقل بنسبة 40% من اليورانيوم غير المعالج.
ويكون نشاط اليورانيوم غير المنضب بشكل رئيسي على شكل جزيئات “ألفا” التي لا تخترق الجلد، وهذا يعني أن مخاطر الإشعاع من اليورانيوم المنضب قد تنشأ من (استنشاق الغبار أو شرب ماء ملوث به، أو دخول الشظايا إلى الجسم).
استعمالات اليورانيوم المنضب سابقًا وآثاره:
استخدمت الولايات المتحدة هذه الذخيرة على نطاق واسع خلال غزو العراق، وفقًا لمجلة “هارفارد إنترناشونال ريفيو”، تم استخدام ما يصل إلى 300 طن من اليورانيوم المنضب خلال حرب الخليج، وتم استخدام ما يصل إلى 2000 طن من هذا اليورانيوم خلال حرب العراق عام 2003.
استخدمه الجيش الأميركي على نطاق واسع في حرب الخليج الأولى سنة 1991 ضد الدبابات العراقية من طراز (T-72)، وكذلك سنة 2003 خلال غزو العراق، كما تم استعماله في صربيا وكوسوفو.
وظهرت بعض الأعراض والأمراض في صفوف الجنود الأميركيين والبريطانيين الذين شاركوا في غزو العراق، وحسب بعض الدراسات فإن أكثر من 250 ألف جندي شاركوا في حرب الخليج وغزو العراق عانوا من أعراض مثل (ضيق التنفس وعدم القدرة على النوم وآلام الرأس)، وهو ما أطلق عليه حينها اسم مرض “متلازمة الخليج”، وكان التفسير المنتشر أنه بسبب الاستعمال المكثف لليورانيوم المنضب في القذائف، فيما رجحت دراسة لجامعة بورتسموث البريطانية أن سبب هذه الأعراض قد يكون مواد كيميائية أخرى، مثل التعرض لغاز السارين المثير للأعصاب الذي استخدمته قوات التحالف وقوات الجيش العراقي أثناء الحرب.
ويمتلك الجيش الروسي أحدث نوع من ذخيرة 3BM60 “الرصاص -2″، التي يتكون جوهرها مما يسمى مادة- B، كما تسمي دوائر الجيش سبيكة اليورانيوم المنضب بـ”التنجستن”، وهذه المقذوفة قادرة على اختراق 800-830 ملم من الدروع على بعد 2كيلومتر.
في عام 1999 استخدم حلف “الناتو” هذا النوع من المقذوفات خلال العدوان على يوغوسلافيا، ويذكر أنه تم استخدام 40 ألف قذيفة جوية من اليورانيوم المنضب على أراضي يوغوسلافيا، ما تسبب في إرتفاع نسب الإصابة بالسرطان، فيما تم تشخيص أكثر من 4 آلاف جندي إيطالي لاحقًا بأورام خبيثة.