كتب: جرجس خليل
يعاني لبنان حاليًا من نقص حاد في الكهرباء، بعد أن قرر المصرف المركزي اللبناني، رفع الدعم عن الوقود الشهر الماضي، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية كارثية.
كما أدى تراجع الليرة اللبنانية، وانهيار النظام المالي في البلاد إلى عدم قدرة الحكومة على استيراد ما يكفي من الوقود، لمواصلة إتاحة الطاقة، كما أدى انقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع أسعار الوقود إلى تعطل كل أوجه الحياة، حتى الخدمات الحيوية، مثل المستشفيات.
ولحل تلك الأزمات الطاحنة التي تضرب لبنان، تعتزم مصر تصدير الغاز الطبيعي إليها، من خلال خط الغاز العربي، الذي يمر عبر الأردن، وسوريا، ليساعد في تخفيف حدة أزمة نقص الوقود المتفاقمة، التي تسببت في شل حركة الحياة في بلاد الأَرز.
وعليه اتفقت الدول الأربع؛ مصر، ولبنان، والأردن، وسوريا – في اجتماع استضافته عمّان – على تشغيل الخط، الذي جرى إنشاؤه قبل 20 عامًا، ليُستخدم في إمداد محطة كهرباء في شمال لبنان بالغاز الطبيعي، وذلك بعد إجراء أعمال الصيانة عليه، إذ ظلّ مُعطلًا، منذ العام 2010، بسبب تعرُّضه لهجمات متكررة، خلال الحرب الأهلية السورية.
ومن ناحيته، كشف وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا – في تصريحات لوكالة أنباء “بلومبرج” الأمريكية – أن الغاز الطبيعي المصري سوف يصل إلى لبنان، في مطلع العام المُقبِل 2022.
وسيساعد الغاز المصري في تغذية معمل دير عمار للكهرباء، بشمال لبنان، وقدرته حوالي 450 ميجاوات، ويؤمّن أكثر من 4 ساعات تغذية بالطاقة الكهربائية للمواطنين اللبنانيين.
وتعد كلٌّ من مصر، والأردن عضوين مؤسسين في منتدى غاز شرق المتوسط، وقد اتفقتا على التعاون في مجالات التبادل الفني، والتجاري، وتطوير البنية التحتية، وتسهيل التمويل في قطاع الغاز بالمنطقة.
وكان خط الغاز العربي قد جرى تنفيذه على ثلاث مراحل؛ الأولى من العريش إلى العقبة، بطول (265) كم، وقطر (36) بوصة، يضخ (10) مليار م3 في السنة، وتم البدء بتوريد الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن، بموجب هذه المرحلة، في 2003/7/7.
في حين امتدت المرحلة الثانية من العقبة إلى منطقة رحاب بشمال الأردن، بطول (393) كم، وتم البدء بتزويد الغاز لمحطات توليد الكهرباء في شمال المملكة، في شهر فبراير 2006، استكملت المرحلة الثانية لخط الغاز العربي، من رحاب، وحتى الحدود الأردنية – السورية، بطول (30) كم، وقطر (36) بوصة في شهر مارس من العام 2008.
وانتهى تنفيذ الجزء الجنوبي من المرحلة الثالثة لخط الغاز العربي داخل الأراضي السورية، والممتدة من الحدود الأردنية – السورية إلى مدينة حمص، بطول 320 كم، وقطر (36) بوصة، وتشغيله في شهر يوليو من العام 2008، ثم البدء بتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان، عبر الأردن، في شهر نوفمبر 2009، إلى أن توقف في العام 2011.
موافقة أمريكية
ومن ناحيتها، أبدت الولايات المتحده عدم ممانعتها على اتفاقيات التعاون بين الدول الأربع في هذا المجال، وأيدت خطوة مصر لتوريدها الغاز الطبيعي إلى لبنان عبر الأراضي السورية، رغم أن تلك الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة المصرية كانت ستعرضها لعقوبات أمريكية، بموجب قانون قيصر، الذي أقرته واشنطن، في العام الماضي، لمنع الدول من التعاون مع نظام بشار الأسد.
انزعاج إيراني
وفور إعلان التوصل للاتفاق، أبدت إيران انزعاجها، وسارعت بتزويد لبنان بناقلات نفط محملة بالمازوت، ليس حُبًّا في اللبنانيين، بل سعيًّا خلف تحجيم النفوذ المصري العربي الممتد للبنان.
وقد غرّد رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، معلِّقًا على تلك الخطوة الإيرانية المُفاجئة، قائلًا: “هل ما سمعناه هذا الصباح عن وصول السفن الإيرانية هو بُشرى سارة للبنانيين، أم إعلان خطير بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟! ”
واعتبر – في سلسلة تغريدات على حسابه عبر “تويتر” – سفن الدعم الإيرانية أنها ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر، وعقوبات إضافية، على شاكلة العقوبات، التي تخضع لها فنزويلا، ودول أخرى.
وأشار الحريري إلى أن اعتبار السفن الإيرانية أراضى لبنانية يشكل قمة التفريط في السيادة الوطنية اللبنانية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان، كما لو أنها محافظة إيرانية، محذِّرًا إيران قائلًا بحسم : “نحن بما نمثل على المستويين الوطني، والسياسي، لن نكون – تحت أي ظرف – غطاء لمشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية، تُعادي العرب، والعالم.
موضوعات ذات صلة:
مصر تُعَزِّزُ موقعها كمركز للطاقة بإنتاج الهيدروجين الأخضر
“قانون قيصر” مرفوع مؤقتًا من الخدمة في لبنان!
مصر تُسرع الخطوات وتوقع اتفاق نقل الغاز للبنان بخطة زمنية للتنفيذ
مِصرُ تُضيءُ العالمَ في إطار الربط الكهربائي مع ٨ دولٍ
الطاقةُ المتجددة .. المصدر الأساسي للربط الكهربائي بين مصر واليونان.
عودة الكهرباء للبنان بعد توقفها أمس
تصدير الغاز المصري للبنان.. توسع مصري وتراجع تركي وخسارة إيرانية
ثقل إقليمي وفوائد اقتصادية..غزو مصري لسوق الطاقة الأوربية عبر بوابة “اليونان”