شحاتة زكريا يكتب: المسؤولية المجتمعية والاستثمار في الشباب.. رهان الحاضر لبناء المستقبل
في عالم يتسم بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة ، تبدو المسؤولية المجتمعية كركيزة أساسية لبناء مجتمع مستدام خاصة في ظل تصاعد الوعي بأهمية الاستثمار في العنصر البشري وتحديدا في الكوادر الشبابية. فالشباب ليسوا مجرد فئة عمرية عابرة ، بل هم العمود الفقري لأي مجتمع يطمح إلى النمو والابتكار.
إن مفهوم المسؤولية المجتمعية لم يعد مقتصرا على تقديم الدعم المادي أو تنفيذ برامج خيرية عابرة، بل أصبح توجها استراتيجيا يتطلب رؤية متكاملة. فالشركات والمؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة تتحمل اليوم عبء المساهمة الفعالة في دعم الشباب عبر مبادرات متعددة الأبعاد تشمل التدريب، التمكين، وتوفير الفرص الوظيفية، مما يخلق جيلا مستعدا لمواجهة تحديات المستقبل.
دعم الكوادر الشبابية يجب أن يتجاوز مجرد تمويل المشاريع الصغيرة أو المتوسطة. بل يجب أن يتمحور حول بناء القدرات الحقيقية لهؤلاء الشباب من خلال تدريبهم على المهارات الحديثة مثل الابتكار وريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي. هذا الاستثمار ليس فقط دعما للفرد بل هو استثمار في مستقبل المجتمعات بأسرها حيث تتحول الأفكار إلى مشاريع ، والمشاريع إلى إنجازات ملموسة تساهم في تحسين جودة الحياة.
وفي هذا السياق يأتي دور الإعلام كرافعة رئيسية تعزز هذا التوجه. فالإعلام بمختلف وسائله قادر على خلق بيئة واعية تدرك أهمية المسؤولية المجتمعية، وتشجع التكاتف بين القطاعات المختلفة لدعم الشباب. يمكن للإعلام أن يسهم في إبراز النماذج الشبابية الناجحة، وتسليط الضوء على المبادرات التي تصنع فرقا حقيقيا مما يلهم آخرين للانخراط في مسارات مشابهة.
لا يمكن إنكار أهمية التعاون بين مختلف الجهات في تحقيق هذا الهدف. فالجامعات، الشركات، المنظمات غير الحكومية، وحتى الأفراد، يجب أن يعملوا معا بروح من التفاهم المشترك. هذه الشراكات تُعد محركا أساسيا لإطلاق العنان لإمكانات الشباب من خلال تنظيم المؤتمرات، المبادرات، وحتى المسابقات التي تحفز الإبداع والابتكار.
المسؤولية المجتمعية ليست مجرد شعار يُرفع بل هي رؤية تتجسد في مبادرات عملية تستند إلى قيم العدالة، التمكين، والتقدم. عندما تصبح المؤسسات أكثر وعيا بأهمية دورها في دعم الشباب فإنها تسهم في بناء مجتمع أكثر قوة واستدامة. الشباب هم قادة الغد، ولكن دعمهم وتمكينهم يبدأ اليوم.
في النهاية، لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر دون استثمار حقيقي في موارده البشرية.
المسؤولية المجتمعية ليست خيارا إضافيا بل هي التزام حتمي يفرض نفسه في ظل المتغيرات المتسارعة. والاستثمار في الكوادر الشبابية هو الاستثمار الأذكى، فهو الضمانة الوحيدة لمستقبل أكثر استقراراً وازدهارا.