في عقلي وانا اكتب كلمات هذا المقال، موسيقى المسلسل التوثيقي الرائع “أم الدنيا”، سميه برنامج توثيقي أو مسلسل توثيقي، في الحالتين هو أعظم انتاج لسرد التاريخ المصري حتى الآن، حتى وان كان ذلك من وجهة نظري المتواضعة.
ودعونا نتفق على أن التاريخ تستطيع ان تسمع وتقرأ عدة روايات لحدث تاريخي معين، لكن دائما وسط اختلاف الروايات وطريقة السرد، هم جميهم يحكون ماذا حدث في هذا التاريخ وهذه المدة الزمنية.
وهناك دائما حقيقة مطلقة لا يمكن الجدال فيها لإنها ببساطة حقيقة أمام عينك، إنه التاريخ المصري القديم.
حاولوا سرقته وتشويهه وطمس معالمه عبر مر العصور والأزمنة، لكن هناك دائما من يحرسه، ولما اخفقوا في كل تلك المحاولات، حاولوا أن ينسبوه لغير أصحابه، وبالطبع فشلوا أيضا في ذلك.
وهنا راودني سؤال في غاية الأهمية، بعد عشر سنوات، أو بعد عشرون عاما، كيف سيرى أحفادنا التاريخ؟
كيف سيقرأونه وبأي طريقة ووسيلة، كيف سيرونه بأعينهم وبأي طريقة ووسيلة أيضا؟
المنصة التي تمتلكها مصر لعرض بعض أعمالها والمسماه: Watch it، وهي منصة جيدة المحتوى، لكن ماذا ستفعل بعد عشرون عاما وسط أسطول من المنصات، وكيف ستنافس في حرب الإعلام والدراما الرقمية، وهي لا تمتلك منصات اجتماعية مصرية خاصة بها؟
المستقبل لا يقبل المزاح، ولا الكسل ولا حتى الجدال؛
المستقبل يقول، بل يأمرك.. إما أن تحاكي التطور وتكون على قدر المنافسة، وأن تخترق مضمار السباق، أو تنحى جانباً، وارجع للوراء وانضم للمشاهدين فقط، عليك الاختيار.
وبما أننا أصحاب تاريخ بشهادة الباحثين والمؤرخين يتجاوز تاريخنا المصري العشرون ألف عام، وليس مجرد سبعة آلاف سنة فقط، فكيف لم نمتلك حتى الآن منصة رقمية متخصصة في التاريخ، ليست منصة عادية، لا..
بل يجب أن تكون أكبر منصة رقمية تاريخية لها أفرع وأدوات تسبق مثيلاتها بمراحل، وأنا أسمع البعض يتهامس قائلا: نريد منصة اقتصادية وفنية وتعليمية و…إلخ
ياعزيزي إن لم يكن لديك تاريخ فلن يكون لك حاضر ولا مستقبل، تاريخك وأصلك، هو من يحافظ على الشخصية الأصيلة للمواطن، لكي يعرف من هو وكيف يجب أن يكون.
وأظن ان تاريخنا المصري لم يترك شيء للصدفة، ولم يترك مجالا إلا وكان صاحب السبق فيه، بل تعدى ذلك ليقول للعالم أجمع، لن تستطيع فك وحل ماحققته من نجاحات على كل الأصعدة، ولكي تعرف سر التاريخ المصري، فلن يكون ذلك يسيرا أبدا.
فهل آن الأوان لنمتلك تلك المنصة الرقمية المتخصصة في سرد التاريخ، وليس التاريخ المصري وحسب، بل تاريخ العالم أجمع بكل حضاراته، وهنا أقولها بكل يقين، أن المصريين أئمن من يقومون بسرد التاريخ والحضارات بمنتهى المصداقية، اتعرف ما السبب؟
السبب ياعزيزي ان مصر اختلطت فيها معظم حضارات العالم، لكن أخذت مايناسبها وأصبح في نسيج المصريين، ولم تأخذ أي حضارة تتعارض مع قيم التاريخ المصري القديم دون تشويه، بل دعوني أقولها بكل فخر أن أعظم مبدأ قامت عليه الحضارة المصرية هو “الضمير الإنساني”، وهذه ليست كلماتي، إنها كلمات وأحاديث من كل من قرأوا وعرفوا التاريخ جيدا.
لذلك أطالب كمواطن مصري وليا الشرف بالانتماء لتاريخ عظيم، أن يتم بمنتهى السرعة والجدية والإبداع، التخطيط لتنفيذ أكبر منصة رقمية تاريخية في العالم.
وكما قدمنا للعالم هدية المتحف المصري الكبير كأكبر متحف بالعالم، فيجب أن نقدم رقميا، أعظم منصة تاريخية في العالم.