د. علاء جراد يكتب: الأسبوع العالمي للجودة
يحتفل العالم في الأسبوع الثاني من نوفمبر بالأسبوع العالمي للجودة، وقد بدأت هذه الاحتفالية منذ أوائل التسعينات باليوم العالمي للجودة، وكان الخميس الثاني من نوفمبر ثم تحول لأسبوع كامل.
ويقوم المعهد الملكي للجودة في لندن باختيار احد القضايا أو العناوين ليشكل محور الاهتمام والنقاش. فما الغرض من هذا الاحتفال والاحتفاء بالجودة وما أهميته؟ يسعى الأسبوع العالمي للجودة 2024 إلى تحقيق عدة أهداف أساسية، أهمها زيادة الوعي بمهنة إدارة الجودة، وتسليط الضوء على كيفية تحويل مبادئ الجودة في المؤسسات من مجرد الامتثال والمطابقة إلى أداء متميز، مما يساعد المؤسسات على تحسين خدماتها ومنتجاتها، والسعي للوصول إلى مستويات عالية من التميز في أدائها.
يُبرز الأسبوع العالمي للجودة الدور المحوري لإدارة الجودة في تحقيق العديد من الفوائد الأساسية للمؤسسات، فمن خلال إدارة الجودة يمكن للمؤسسات ضمان رضا العملاء وتحسين كفاءتها التشغيلية، مما يسهم في تقليل التكاليف وزيادة القدرة التنافسية.
كما يعزز التركيز على الجودة التحسين المستمر وبناء علاقات ثقة وولاء بين المؤسسة وعملائها.
ويعد الاحتفال بأسبوع الجودة فرصة للمؤسسات لتأكيد التزامها بالتميز، وإلهام فرق العمل لتبني ثقافة الجودة في جميع جوانب العمل، مما ينعكس إيجابياً على الأداء العام للمؤسسة.
يؤكد الاحتفال بالجودة على أن الجودة مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد المؤسسة، بدءاً من التخطيط وصولاً إلى التنفيذ. علاوةً على ذلك، يتم تشجيع الإدارة العليا على توفير الموارد اللازمة والاحتفاء بالإنجازات في مبادرات الجودة. ويمكن للمؤسسات والأفراد الاحتفال بالأسبوع العالمي للجودة 2024 من خلال العديد من الأنشطة والفعاليات، مثل تنظيم جلسات تدريبية لتعزيز مفهوم الجودة، وإقامة مسابقات أو تصميم الملصقات حول موضوعات الجودة، وفتح حوار حول الجودة بين الموظفين، وإطلاق برامج مقترحات تتيح للموظفين تقديم أفكار لتحسين الجودة، كما يمكن تكريم الموظفين الذين قدموا مساهمات بارزة، إضافةً إلى عرض لافتات وملصقات تتعلق بالجودة في مكان العمل، ومشاركة قصص نجاح مبادرات الجودة التي حققتها المؤسسة.
الجودة ليست مجرد شهادة: الجودة هي مفهوم يشير إلى مدى تلبية منتج أو خدمة لمتطلبات أو توقعات معينة. وهي قدرة المنتج أو الخدمة على أداء الوظيفة المطلوبة بأعلى مستوى من الدقة والفاعلية، وهي أيضاً فلسفة وفكر وأسلوب حياة وعمل، ولا يمكن اختزالها في شهادة مثل الآيزو 9001 أو جائزة تميز معينة. الجودة هي أكثر من مجرد معايير معتمدة أو جوائز تكريمية، بل هي مفهوم أعمق يتطلب فهماً وإدراكاً حقيقياً من كافة أفراد المؤسسة، ويجب أن تتجاوز الجودة الحدود التقليدية للمقاييس والشهادات لتصبح منهجية تترسخ في ثقافة العمل وفي العمليات اليومية للمؤسسة. إن تحقيق الجودة يتطلب نشر الوعي حول أهميتها وكيفية تطبيقها بشكل صحيح، ولا يمكن للمؤسسات أن تحقق الجودة بدون فهم العاملين لأدوارهم في تعزيز الجودة وتحسينها. لذا يجب أن يكون هناك اهتمام متواصل بتدريب وتثقيف الموظفين حول مفهوم الجودة، ليس فقط من حيث الإجراءات، بل من حيث القيم والمبادئ التي تشجع على الالتزام بالجودة في كل خطوة.
مكونات نظام الجودة: يشمل نظام الجودة عدة مكونات رئيسية تساهم في تحسين الأداء وضمان مستوى عالٍ من الجودة، وهذه المكونات هي
1- تخطيط الجودة والذي يتضمن وضع الأهداف والمعايير التي تضمن تقديم منتجات وخدمات تتوافق مع توقعات العملاء.
2- ضمان الجودة: ويعني التأكد من أن جميع عمليات الإنتاج والتطوير تتبع معايير الجودة المحددة.
3- ضبط الجودة: أي مراقبة العمليات باستمرار لضمان عدم وجود أخطاء أو عيوب.
4- التدريب والتأهيل: فلابد من الاستثمار في العنصر البشري والاهتمام المادي والمعنوي بالتدريب وبناء القدرات. وكما قال “إدوارد ديمنج” الأب الروحي لنظرية الجودة “العاملون يرغبون بالقيام بأفضل ما لديهم لكنهم بحاجة لمعرفة كيفية القيام بذلك”.
دور الإدارة العليا:
لا يمكن أن تنجح مبادرات الجودة دون دعم قوي ومستمر من الإدارة العليا، فدور القادة والمسؤولين في المؤسسة هو المحور الأساسي لضمان جودة عالية ومستدامة.
ولا ينحصر دور الإدارة العليا في وضع الاستراتيجيات والتوجيهات، بل يجب أن تشارك بفعالية في تعزيز الجودة من خلال التشجيع والدعم المادي والمعنوي لمشاريع التحسين. فبدون اهتمام وتوجيه من القادة لن تكون هناك جودة حقيقية ولن يكون للجودة مكانة ثابتة ومستدامة داخل المؤسسة.