fbpx
أخبار العالم

لأول مرة.. الذكاء الاصطناعي يتنبأ بقوة الأعاصير بنسبة 100%

كتب إريك هولثاوس كنت أدرس الأعاصير وأتنبأ بها وأكتب عنها لأكثر من عقدين من الزمان، منذ وقت طويل عندما كنا نرسم خرائط الطقس يدوياً.

إلا أن إعصارَي “هيلين” و”ميلتون” كانا أول إعصارين اعتمدت فيهما بشدة على توقعات الطقس التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وكان الأمر وكأنه نقطة تحول.

في عصر تطرف المناخ الحالي الذي يتسم بحالة من الطوارئ المناخية المتصاعدة، والمتباينة، ما يعرض مزيداً من الناس للخطر كل عام، ولذا فإن التنبؤات الأكثر ثقة بتلك الأعاصير التي ستتحول إلى وحش أو التي ستتلاشى بأمان، تمنح الناس مزيداً من الوقت للاستعداد.

رصد وتحديث لحركة الأعاصير ساعة بساعة

خلال إعصاري هيلين وميلتون، تم تطوير أداة الذكاء الاصطناعي تسمى “AI RI” بواسطة باحثين في جامعة ويسكونسن، وهي تقدم احتمالات محدثة كل ساعة حول فرص حدوث نوبة من التكثيف السريع لحركة أي إعصار ناشئ جديد.

في مرحلة ما، كانت هذه الأداة (AI RI) تعطي قراءات بنسبة 100 % تقريباً بأن «ميلتون» سيزداد قوة ليتحول من الفئة 1 إلى الفئة 5 في غضون 24 ساعة قادمة، ومع تقدم الإعصار، تبين أن هذا التنبؤ صحيح.

ولم يشهد أي إعصار خلال 175 عاماً من تسجيلات الأعاصير مثل قوة إعصار «ميلتون»، ولم يكن لأحد أن يتصور حدوث كل هذا الدمار.

تنبؤات الذكاء الاصطناعي غير مسبوقة

هذا التنبؤ الدقيق حتى قبل 5 سنوات كان صعباً باستخدام نماذج الطقس الحاسوبية التقليدية.

وقبل قرن واحد فقط، كان من المستحيل تقريباً وضع توقعات للظروف الجوية المعاكسة بشكل موثوق، ضمن أي نطاق زمني، ولإعطاء فكرة عن حجم تقدم الإعاصير.

وأصبح الذكاء الاصطناعي يعطي فرصة أياماً وأسابيع وأشهراً في المستقبل، وعلى مقاييس جغرافية أدق وأدق، حيث توفر التقنيات الحديثة تكلفة التأثيرات الإجمالية لتغير المناخ والتي تقدر بتريليونات الدولارات سنويا

الذكاء الاصطناعي يغيِّر عمل خبراء الأرصاد الجوية

قبل البداية السريعة لأدوات الذكاء الاصطناعي، تم تطوير أفضل نموذج حاسوبي للأعاصير بتكلفة 150 مليون دولار، وكان لا بد من تشغيله على أحد أسرع أجهزة الكومبيوتر في العالم.

لذا فإن حقيقة أنه يمكن تشغيل “AI RI” من الناحية النظرية، خلال بضع دقائق على جهاز كومبيوتر محمول، أشبه بالسحر.

وقد ظلت إدارة الأرصاد الجوية الوطنية ومنظمتها الأم (NOAA) لسنوات، تستثمر في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لمساعدة علمائها على تفنيد كميات هائلة من البيانات البيئية التي يجمعونها يوميا.

وأتت هذه الاستثمارات ثمارها بالفعل، وبشكل كبير، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بجعل تكنولوجيا التنبؤ بالطقس أكثر فائدة للمجتمعات المحرومة.

50 عاماً من نماذج الطقس الكومبيوترية

منذ اختراعها قبل نحو 50 عاماً، كانت نماذج الطقس بمساعدة الكومبيوتر تُشغَّل دائماً تقريباً على أكبر أجهزة الكومبيوتر التي يستطيع العلماء تحمل تكلفتها.

وذلك لأن مئات الحسابات الرياضية والفيزيائية يجب إجراؤها مراراً وتكراراً لتتبع جميع المسارات المحتملة للأمام في الوقت المناسب لكل جزء من الغلاف الجوي الذي توجد بيانات عنه، بقدر ما يمكن جمع هذه البيانات، إنها دورة لا تنتهي أبداً من الخيارات الصعبة حول كيفية تركيز قوة الحوسبة النادرة بأكبر قدر من الكفاءة، وهو صراع صعب جداً ضد قوى الطبيعة.

وهذا يعني أن التنبؤ بالطقس كان مكلفاً دائماً، كما أن عدم المساواة صارخ؛ إذ تنفق الحكومات في البلدان الأكثر ثراءً -مثل أمريكا وأوروبا نحو 25 دولاراً سنوياً لكل مواطن على توقعات الطقس الخاصة بها، بينما تنفق البلدان الأكثر فقراً أقل من دولار واحد سنوياً لكل مواطن، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض دقة التوقعات بالنسبة للأشخاص الذين من المرجح أن يشاركوا في أنشطة حساسة للطقس، مثل الزراعة أو صيد الأسماك.

المساواة المناخية العالمية يحققها الذكاء الاصطناعي

وهذه أفضل جوانب الذكاء الاصطناعي لقدرته على تحقيق المساواة في هذا المجال.

وقال مايكل فيشر الباحث في مجال الأعاصير، وأستاذ الأرصاد الجوية في جامعة ميامي، والتي تعتبر قلب عالم التنبؤ بالأعاصير، فهي المكان الذي يوجد فيه خبراء التنبؤ بالأعاصير الرسميون التابعون للمركز الوطني للأعاصير، كما أنها موطن “صائدي الأعاصير”، وهم قسم من احتياطي القوات الجوية الأمريكية الذي كان لعقود من الزمان يطير بالطائرات عبر الأعاصير لقياس موقعها وحركتها وقوتها.

يركز عمل فيشر على تحسين التنبؤ بالأعاصير، وخصوصاً رادارات الطقس المحمولة جواً على طائرات صائدي الأعاصير.

ويقول: «أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يفتح كثيراً من الأبواب التي لم تكن ممكنة، على الأقل مع القدرات الحسابية الحالية؛ لأن هذه النماذج يمكن أن تعمل بسرعة كبيرة».

وأضاف: “إنه يسمح لنا بالقيام بأشياء، مثل إنشاء توقعات عالية الدقة للمناطق المحلية، ونأمل أن يساعد ذلك في إنقاذ الأرواح، إضافة إلى جوانب أخرى مثل موجات الحر والطقس المتطرف والأمطار الغزيرة”.

يقول فيشر، قديما كان الأمر يستغرق من عالم الأرصاد الجوية المدرب نحو أسبوعين لتصفية الضوضاء يدوياً من رادار الطائرة.

أما حاليا يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي القيام بذلك في دقائق، بينما لا تزال الطائرة في الهواء، بحيث يمكن بعد ذلك إرسال البيانات في الوقت الفعلي إلى نماذج الطقس للتوصل إلى توقعات.

نماذج طقس حكومية وخاصة

ومع التقدم والمنافسة بين الشركات التي تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، لم تعد هيئة الأرصاد الجوية الوطنية هي الوحيدة التي تستثمر في تحسين نماذج الطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي، فكل الأسماء الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي تفعل ذلك أيضاً.

حيث تمتلك جوجل GraphCast، بينما تمتلك نيفيديا FourCastNet ، وتعِدُ الشركات الناشئة –مثل «precip.ai» و«atmo.ai»- عملاءها بتحليلات الطقس المحلية والدقيقة للغاية لجميع أنواع الاستخدامات.

وطرحت جوجل أحدث نموذج للطقس المعزز بالذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، ليصبح التنبؤ بالطقس نقطة مضيئة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ خصوصاً مع زيادة الحاجة له بسبب تصاعد مخاطر المناخ.

تستخدم هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الذكاء الاصطناعي في خدمة ترجمة لغة جديدة لنشرات الطقس، لجعل التوقعات في متناول الجميع بحيث لا تقتصر على اللغة الإنجليزية فقط.

مخاوف من تحيّز الذكاء الاصطناعي

إلا أن فيشر يشعر ببعض المخاوف المألوفة، وخصوصاً بشأن التحيز أثناء تدريب للذكاء الاصطناعي؛ لكنه يعتقد في الوقت الحالي أن الأداة يمكن استخدامها بشكل متوازن.

وتمنح مشاركة شركات التكنولوجيا الكبرى فيشر الأمل في أن روح التعاون هذه في مواجهة حالة الطوارئ المناخية قد تستمر.

ويقول: «إذا كان هدفنا الرئيسي هو محاولة المساعدة في إنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات، فأعتقد أن العمل معاً بوصفنا مجتمعاً علمياً هو أفضل طريقة للقيام بذلك»،

المصدر: مجلة “فاست كومباني”، خدمات “تريبيون ميديا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى