عكس الشائع.. تليجرام ليست المنصة الأكثر أمنا
أثارت تصريحات بافيل دوروف مؤسس منصة تيليجرام استهجان خبراء الأمن التي قال فيها أن الشركة لا تضم سوى 30 مهندساً ومدير منتج وحيد فقط في الفريق، والذي أشار الخبراء للمخاطر الأمنية لاعتماد فريق صغير كهذا.
بالإضافة إلى انتقادات خبراء الأمن إحجام تيليجرام عن تبني تشفير المحادثات بين الطرفين كما هو متعارف عليه في المنصات الأخرى.
انتشر خلال الأيام الماضية، مقطع فيديو من مقابلة مؤسس تيليجرام، بافيل دوروف، بشكل واسع على منصة X، خلال استضافة ترونج فان، في أبريل الماضي في لقاء حواري، حيث ذكر دوروف بأنه مدير المنتج الوحيد في الشركة، وأن طاقم موظفيه يضم ثلاثين مهندساً فقط، وهذا قوام الفريق الذي يخدم قاعدة مستخدمين يتخطى المليار، كما أن الشركة لا تمتلك قسم موارد بشرية.
كان لتلك التصريحات أصداء كبيرة في صفوف خبراء الأمن السيبراني، والذين اعتبروها بمثابة جرس إنذار للمستخدمين.
رغم أن مؤسس تيليجرام اطلق تصريحه من منطلق التفاخر بمستوى الكفاءة العالي في شركته، والتي تأسست في روسيا وبعد معاناة من التضييق هناك، نقلت مقرها الى دبي.
محادثات تيليجرام لا تخضع للتشفير بين الطرفين كما هو الحال في مختلف منصات المراسلة الأخرى مثل واتساب، وسيجنال، وحتى فيسبوك ماسنجر ما أثار ردود فعل سلبية مقلقة.
المنصات الأخرى، يتم تفعيل التشفير بين الطرفين تلقائيا، على عكس تيليجرام لا يتم ذلك إلا في حال استخدام خاصية «المحادثة السرية»، وحتى حينها، لا يستخدم التطبيق المعيار العالمي، مثل معيار Signal الذي يعد الأوسع استخداما، بل يستخدم خوارزمية تشفير مجهولة التفاصيل ومطورة من قبل نيكولاي دوروف، شقيق مؤسس الشركة.
نوهت الخبيرة الأمنية ومديرة الأمن السيبراني في مؤسسة الجبهة الإلكترونية (EFF)، إيفا جالبرين، بضرورة عدم تجاهل حقيقة أن تيليجرام أكثر من مجرد تطبيق مراسلة؛ فهو أيضاً منصة تواصل اجتماعي، ويحتفظ بكمية هائلة من بيانات المستخدمين، خصوصا محادثات الرسائل غير المشفرة.
وفقاً لقولها أشارت إلى أن ذلك ما يجعل الأمر أسوأ بكثير، حيث أبدت دهشتها من وجود ثلاثين مهندساً فحسب، واعتبرت العدد غير كافٍ على الإطلاق، ويدع مهام مثل التعامل مع النزاعات القانونية، والبنية التحتية للتعامل مع إساءة الاستخدام، وإجراءات تعديل المحتوى دون أي طاقم مخصص لها.
كما أكدت ان تصريحات مثل هذه تعتبر إغراء كبير للمجرمين الإلكترونيين وفرصة كبيرة لاختراق بيانات المستخدمين بسهولة.
من منظور آخر، لطالما أشار خبراء الحماية الرقمية إلى أكبر الشركات على وجه الأرض لربما لا تنفق ما يكفي من المال والوقت والطاقة على تدابير الحماية الرقمية، وبينما لا تعد تيليجرام خارج الحالة العامة بذلك، فحجم قاعدة مستخدميها الهائل يعني أنها حالة متطرفة للغاية.
يذكر أن تيليجرام يواجه العديد من المشاكل فيما يخص التمويل، حيث أن عدد مشتركي Premium لدى الشركة ضئيل جداً، كما أنها تستهلك قداراً هائلاً من البيانات وحركة الإنترنت كونها تحفظ المحادثات على خوادمها.
وبينما يمكن مقارنة تيليجرام مع منصة مثل واتساب التي لم تكن تمتلك سوى 55 موظف مقابل 450 مليون مستخدم عندما استحوذت عليها Facebook حينها، فالفرق الأساسي هو أن واتساب كانت أكثر تقييداً بمراحل من حيث الميزات والمحتوى المعروض، كما لم تكن تقوم المنصة بحفظ أي محادثات من أي نوع على السحابة أو على خوادمها، مما يعني أن المستخدمين كانوا بأمان حتى في حال اختراق خوادمها.
في المقابل، تعاني تيليجرام اليوم من أزمة حقيقية بخصوص المحتوى المرفوع عليها.
حيث ينتشر على المنصة آلاف إن لم يكن ملايين القنوات التي تروج لمحتوى غير قانوني، بداية من المحتوى المقرصن والمسروق من خدمات البث، وحتى المحتوى الإباحي أو الدموي أو غيره من انواع المحتوى.
وفي الفترة الأخيرة، تتزايد الأصوات المنادية بتنظيم المنصة بشكل أفضل ومنع هذا النوع من المحتوى، لكن مع وجود 30 موظف فقط، لسنا قريبين حتى من حل هذا النوع من المشاكل التي عادة ما تتطلب مئات إن لم يكن آلاف الموظفين المخصصين لمراجعة المحتوى.