أعادت الدولة المصرية رسم الخارطة العمرانية القومية، وصياغتها؛ بما يتناسب مع مساحة مصر،وحضارتها، وخصوصية موقعها! وفقًا لإستراتيجية شاملة للتنمية العمرانية، تشمل تأسيس مجتمعات، و تشييد مدن جديدة على الطراز الحضاري، والمعماري الحديث، إلى جانب تطوير المناطق السكنية القائمة بالفعل على أسس تخطيطية، وإنشائية سليمة تتناسب مع التغيرات المكانية، والزمانية؛ فضلاً عن القضاء على ظاهرة البناء العشوائ، والعشوائيات الحالية، واستعادة الشكل الحضاري اللائق بااشوارع المصرية، ومبانيه، وبما يسهم في تلبية طموحات المواطنين في الارتقاء بجودة الحياة داخل المجتمع.
وفي احدى وسائل الاعلام المرئي قال الدكتور عاصم الجزار وزير الاسكان:
“مصر عانت كثيرا من تركز سكان مصر على 7% فقط من مساحتها، وادى ذلك لهدر موارد كثيرة فكان لابد من تخطيط جديد وتنفيذ سريع لمدن جديدة وتطوير لمناطق مختلفة لنصل اليوم لزيادة المعمور المصري لنسبة 9.5% من مساحة مصر حاليا”
وقد كان هذا القرار بمواجهة العشوائيات- بعد أن تفاقمت تلك المشكلة لعشرات السنين- واقتحام هذا الملف الشائك منذ عام 2014، وذلك بهدف توفير حياة كريمة لأهالي تلك المناطق.
والهدف أن تغدو مصر خالية من المناطق العشوائية غير الآمنة بنهاية عام 2021، وفي سبيل ذلك تم تنفيذ 205.4 ألف وحدة في 317 منطقة، وجاري تنفيذ 40.6 ألف وحدة بـ 40 منطقة، علمًا بأن إجمالي تكلفة تطوير المناطق غير الآمنة قد بلغ 62.2 مليار جنيه.
بينما من المقرر أن تصير مصر خالية من المناطق العشوائية غير المخططة بنهاية عام 2030،ً.
وفي سبيل تجربة الدولة الرائدة في التنمية العمرانية أطلقت مصر مشروعها القومي لتطوير قرى الريف المصري، وتننيتها؛ من خلال “مبادرة حياة كريمة”،؛حيث تم إطلاق المرحلة التمهيدية من المبادرة في يناير من عام 2019، والتي استهدفت 375 قرية.
أما المرحلة الشاملة من المبادرة فقد تم إطلاقها في يوليو 2021؛ حيث من المستهدف إنجازها خلال ثلاثة سنوات فقط، بتكلفة تقديرية تبلغ أكثر من 700 مليار جنيه، وتستهدف تطوير 4584 قرية بـ 20 محافظة، وتحسين جودة حياة ما يعادل 58% من السكان الذين يسكنون الريف المصري، علمًا بأن 93% من هذه القرى تعاني من عشوائية العمران.
وقد كان من ملامح هذه التجربة- أيضًا- التوسع في إنشاء المدن، والوحدات السكنية الجديدة! حيث تم، وجاري تنفيذ مشروعات بـ 21 مدينة قائمة بتكلفة 160 مليار جنيه؛ فضلًا عن أنه جارٍ تنفيذ 23 مدينة جديدة بمختلف محافظات الجمهورية.
وقد تضمنت خطة التنمية العمرانية إصدار مبادرة التمويل العقاري، وهي مبادرة رئاسية، تم إطلاقها في يوليو 2021، وينفذها البنك المركزي؛ حيث تم تخصيص 100 مليار جنيه من قِبل البنوك بشروط أكثر تيسيرًا؛ وذلك بهدف دعم إسكان محدودي الدخل، ومتوسطيه.
وهي تهدف إلى التيسير على المواطنين، وتوفير التمويل اللازم لتملك أي من الوحدات السكنية المسجلة بالشهر العقاري، وتتمثل أهميتها في توفير سكن ملائم لمحدودي الدخل، ومتوسطيه بأسعار عائد مخفضة، والنهوض بالقطاع العقاري لما له من أهمية كبيرة في دعم الاقتصاد، ودفع عجلة الإنتاج، وتشغيل العديد من الصناعات، والقطاعات المختلفة، مثل: المقاولات، والتشييد والبناء، وخلق فرص عمل للمواطنين بالمشروعات، والصناعات المختلفة.
ولكي تكتمل منظومة التنمية العمرانية فقد تم إصدار قانون التصالح رقم 17 لسنة 2019، حيث تم تقديم 2.8 مليون طلب تصالح حتى نهاية فترة التقديم في مارس 2021، فيما تتمثل أهميته في أن 65% من حصيلة مخالفات التصالح يتم صرفها على الإسكان الاجتماعي، ومشروعات البنية التحتية، بالإضافة إلى تعظيم قيمة الوحدة السكنية بثبوت وضعها القانوني، وتيسير حصولها على الخدمات بصورة رسمية، فضلًا عن تنظيم أعمال البناء، والحفاظ على الأراضي الزراعية، وإيقاف الزحف العشوائي.
وتم وضع منظومة الضوابط، والاشتراطات التخطيطية والبنائية الجديدة بالمدن، والتي تم البدء في تطبيقها على جميع المدن المصرية في يوليو 2021، وتتمثل أهميتها في الحد من ظهور مزيد من المناطق العشوائية، والحفاظ على البنية التحتية والمرافق “مياه- صرف- كهرباء-غاز”، وتحديد شكل العمران في كل مدينة؛ مما يسهم في توحيد شكل العمران في مصر، وضمان الحوكمة الكاملة لمنظومة استخراج تراخيص البناء.
وبشأن مشروع حصر الثروة العقارية، وإدارتها فقد تم تنفيذ منظومة رقمية، وتشغيلها لحصر الثروة العقارية، وإدارتها؛ من خلال عمل قاعدة بيانات رقم قومي موحد للعقارات، وربط البيانات بين الجهات المعنية، وتكاملها، وسيتم إطلاقه في بورسعيد، والإسكندرية، والعاشر من رمضان، والشيخ زايد؛ من خلال إطلاق متتابع بدءً ببورسعيد، وذلك في الفترة من يوليو 2021 حتى يونيو 2022.
وقد أشادت المؤسسات الدولية بجهود الدولة المصرية في ملف البناء، وتطوير العشوائيات؛،حيث ذكر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية 2021 أن مصر تعد واحدة من دول العالم التي نصًت على “الحق في السكن” ضمن دستورها الصادر في عام 2014؛ حيث تكفل الدولة لمواطنيها الحق في المسكن الملائم، والآمن، والصحي، وتلتزم بوضع خطة وطنية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات.
ومن جانبه أشاد صندوق النقد الدولي بتبني الحكومة المصرية برامج حماية اجتماعية، تهدف لتوفير السكن اللائق للفئات الأكثر احتياجًا.
وقد علقت مجلة “الإيكونوميست”- أيضًا- بأن الحكومة المصرية تعنى بالعديد من مخططات الإسكان لذوي الدخل المنخفض، كما توقعت أن يكون قطاع التشييد،والبناء محركًا رئيسًا للنمو الاقتصادي، ووفقًا لوكالةً “فيتش” فإن مصر ستشهد أعلى معدل نمو بصناعة التشييد، والبناء بمنطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا عام 2021، وانفردت بتحقيق نموًا إيجابيًا بالقطاع خلال عام 2020.
وقد كان من أثر تطبيق التجربة المصرية في التنمية العمرانية فوز هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بجائزة الأمم المتحدة للعمران المستدام 2021 في مجال تطوير العمران المستدام، وذلك بفضل تنفيذ مشروعات إسكان اجتماعي آمنة، وبأسعار معقولة، وبما يتناسب مع أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر لعام 2030، وتعد هذه الجائزة إحدى الجوائز العالمية المرموقة في مجال تطوير العمران المستدام، وتركز على تحقيق الهدف الـ 11 من أهداف التنمية المستدامة الخاص بجعل المدن شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود و تتسم أنها “مستدامة”.