نسرين طارق تكتب: لم تكن “حالة خاصة” وحيدة

كثيرا ما تلفت الدرما انتباه الناس لقضايا لم تكن فى الحسبان.

الإعاقة الغامضة كما يطلق عليها المتخصصون.. التوحد أو شخصية نديم التي ظهرت خلال احداث مسلسل حالة خاصة.

التوحد كما يسمى ايضا اضطراب طيف التوحد.. لانه يظهر كطيف متغير ومتباين من حالة لاخرى.

مقالي اليوم ليس عن الدراما والأدوار والشخصيات والإضاءة والصوت.. المقال عن الحالة الخاصة.. الأشخاص ذوي التوحد.

هل التوحد مرض؟

كثيرا ما نسمع كلمة مرض التوحد هل هو فعلا مرض باعراض محددة ونستطيع استخدام الادوية او حتى الجراحة للشفاء منه؟

من اكبر الاخطاء الشائعة اطلاق لفظ مرض على التوحد.. التوحد اضطراب نمائي من اضطرابات التطور العصبي.

اضطراب طيف التوحد هي الحالات التي يواجه فيها الأشخاص صعوبة في تطوير العلاقات الاجتماعية العادية، أو استخدام اللغة بشكل طبيعي، أو عجز مطلق عن استخدام اللغة، ويُظهرون سلوكيات وحركات تكرارية.

كما يواجه المصابون بالتوحد صعوبة في التواصل مع الآخرين والارتباط بهم.

تكون لدى المصابين باضطراب طيف التوحد أيضًا أنماط سلوكية اهتمامات وأنشطة محدودة، وغالبًا ما يتبعون روتينًا صارمًا في حياتهم.

يستند التشخيص إلى مراقبة الطفل، وتقارير الأهل ومقدمي الرعاية، والاختبارات النوعية المعتمدة لاكتشاف التوحد.

يستجيب معظم المصابين بشكل جيد إلى التدخلات العلاجية القائمة على التدخلات السلوكية المُنظمة.

لماذا يعتبر المتخصصون التوحد طيف؟

اعتبار التوحد طيف أو نطاق من الاضطرابات المتعددة، لأن مظاهره تتباين كثيرًا من حيث النوع والشدة. كانه مظلة بها العديد من السمات تختلف وتتباين فى الشدة والوضوح بين شخص وآخر.

فيما سبق كان التوحد مقسم لعدة أنواع مثل التوحد التقليدي، ومتلازمة أسبرجر، و الإعاقة الذهنية، والاضطراب التحللي الطفولي، واضطراب الارتقاء المنتشر.

ولكن، نظرًأ للتداخل الكبير مع صعوبة التميز بينهم، أطلق على جميع أنواع التوحد اسم اضطرابات طيف التوحد (باستثناء متلازمة ريت، التي تُعد اضطرابًا وراثيًا مميزًا).

تحدث هذه الاضطرابات بمعدل حالة واحدة لكل 54 شخصًا في الولايات المتحدة، وتكون أكثر شيوعًا عند الذكور بنسبة 4 أضعاف مما هو الحال عند الإناث.

وتشير الإحصائيات إلى أن العدد التقريبي للأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد قد ازداد ليس بسبب زيادة الاعداد او النسب ولكن لانتشار الوعي بأعراض التوحد، وتطور اساليب التشخيص.

اذا عرف السبب بطل العجب

الاعاقة الغامضة هذا المصطلح الادق حتى الان لوصف حالات التوحد لانه رغم التقدم العلمي الذي اصبح العالم عليه وانتشار ادوات التشخيص الا انه لا تزال أسباب اضطراب طيف التوحد غير مفهومة بشكل كامل.

هل الاسباب جينية حيث انه في حال وجود طفل في العائلة مصاب بالتوحد، فإن خطر ولادة طفل آخر مُصاب بالتوحد يبلغ 3 إلى 10%، ولكن هذه الحالة لاتنطبق على معظم حالات التوحد أي انه ليس السبب الرئيسي.

كما يمكن لأنواع العدوى قبل الولادية، مثل عدوى الحصبة الألمانية أو العدوى بالفيروس المضخم للخلايا، أن تمارس دورًا في الإصابة.

قد تكون الولادة المبكرة أيضًا عامل خطورة: فكلما وُلد الطفل في مرحلة مبكرة أكثر، كلما ازداد خطر حدوث اضطراب طيف التوحد.

من المؤكد بأن اضطرابات طيف التوحد لا تنجم عن سوء رعاية الأبوين، أو العنف الأسري والتجارب القاسية في الطفولة، أو اللقاحات.

يكون لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد فُروق في كيفية تشكُّل دماغهم وكيفية قيامه بوظائفه.

مازالت الابحاث جارية لاكتشاف السبب الحقيقي لهذا الاضطراب ولكن حتى الان لم يعرف السبب الحقيقي.

أعراض طيف التوحد

من المهم جدا ان تحظى الامهات بوعي كاف عن أطوار نمو الاطفال لانها الشخص الملازم للطفل خلال سنواته الاولى من حياته وبامكانها تحديد السلوكيات الغربية والغير منطقية ففي حالات التوحد تبدأ الأعراض بالظهور في أول سنتين، ولكن هناك بعض الاعراض قد لا يمكن تمييزها حتى وصول الطفل إلى عمر المدرسة.

 يظهر الاشخاص ذوي التوحد أعراض متباينة ومختلفة تظهر في مجالين مهمين جدا

التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين

تتراوح أعرَاض اضطراب طيف التوحد بين الخفيفة والشديدة، ولكن معظم الأشخاص يحتاجون إلى الدعم في كلا المجالين.

يتباين قدرات اشخاص طيف التوحد بشكل كبير من حيث القيام المهام الاعتيادية باستقلالية سواءً في المدرسة أو المجتمع، وفي حاجتهم إلى الدعم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حوالى 20 إلى 40٪ من الأطفال الذين يعانون من التوحد، وخاصة أولئك الذين يكون معدل الذكاء لديهم أقل من 50، يُصابون باختلاجات قبل الوصول إلى سن البلوغ.

وفي حوالى 25% من الأطفال المصابين، يحدث فقدان المهارات المكتسبة سابقًا (ارتداد أو انتكاس النمو) بالتزامن مع التشخيص، وقد يكون ذلك المؤشر الأول على الإصابة.

تحدث المعانقة والتواصل البصري بشكل غير مألوف لدى الأطفال الرضع المُصابين بالتوحد.

وعلى الرغم من أن بعض الأطفال الرضع المُصابين ينزعجون عند فصلهم عن ذويهم، إلا أنهم لا يلجؤون إلى آبائهم طلبًا للحماية كما يفعل بقية الأطفال.

لا يقيمون علاقات وثيقة، سواء داخل او خارج الأسرة، وعند التفاعل مع الأطفال الآخرين، فقد يتجنب الطفل التواصل البصري ولا يستخدم التعبيرات الوجهية لتأسيس تفاعل اجتماعي، ويواجه صعوبة في تفسير تعبيرات وأمزجة الآخرين.

قد يواجه الطفل صعوبة في معرفة كيفية المشاركة في الأحاديث، ولا يميز الكلمات الودودة من الكلمات الجارحة.

كل هذا العوامل تؤدي إلى جعل الطفل يبدو غريب الأطوار في نظر الآخرين، مما يؤدي إلى عزلته اجتماعيًا.

اللغة عندهم

في الحالات الشديدة جدًا من التوحد لا يمكن للطفل أن يتعلم الكلام.

وإذا تمكن الطفل من الكلام، فلا يكون ذلك إلا في وقت متأخر، ويستخدم الكلمات بمواضع غريبة.

وكثيرًا ما يكرر الطفل الكلمات المنطوقة إليه (صدى النص echolalia)، أو يستخدم الكلام المحفوظ بدلًا من التكلم بعفوية، أو يعكس الاستخدام العادي للضمائر، ولا سيما استخدام “أنت” بدلًا من “أنا”، أو ضمير الملكية “لي” بدلًا من “لهم”.قد لا تكون المحادثة مع الطفل تفاعلية، وغالبًا ما يستخدم اللغة لتسمية الأشياء أو طلب مساعدة، وليس لمشاركة الأفكار أو المشاعر.قد يتكلم الأشخاص المصابون باضطراب طيف التوحد بإيقاع ونبرة غير عاديين.

السلوك، والاهتمامات، والأنشطة

غالبًا ما يكون الشخص المُصاب باضطراب طيف التوحد مقاومًا جدًا للتغيير، مثل تناول طعام أو ممارسة ألعاب الجديدة، أو ترتيب الأثاث والملابس.

ويتعلق بشدة بالجمادات.

وكثيرًا ما يُكرر نفس الأشياء، مثل الأرجحة، أو تقليب الكفين، أو تدوير الأجسام.

وقد يلحق بعضهم الأذى بنفسه من خلال تلك السُّلُوكيات المتكررة، مثل هز رؤوسهم أو عض أنفسهم.

أما الأطفال الأقل تضررًا، فقد يشاهدون الفيديو نفسه عدة مرات، أو يُصرون على تناول نفس الطعام في كل وجبة.

غالبًا ما تكون اهتمامات المصابين بالتوحد غير اعتيادية وشديدة التخصص.على سبيل المثال، قد يكون الطفل متمسك او محب لفرشاة الشعر أو المكنسة.

كثيرًا ما تكون ردات فعل الأطفال المصابين بالتوحد تجاه الحواس شديدة أو ضعيفة جداً.

فعلى سبيل المثال، قد ينزعجون بشدة من ملمس أو روائح أو مذاقات معينة، أو يستجيبون بشكل باهت لإحساسات مؤلمة أو باردة أو حارة يجدها الآخرون مزعجة للغاية.

وقد يتجاهلون بعض الأصوات، في حين قد تزعجهم أصوات أخرى بشدة.

كل هذه الاشياء تلاحظها الام فى المراجل الاولى من النمو.. لذلك تقع على الام مهمة اكتشاف التوحد فى المرتبة الاولى.

معدل الذكاء

يعاني الكثير من المصابين بالتوحد من درجة ما من الإعاقة الذهنية (معدل ذكاء أقل من 70 ويتفاوت أداؤهم بشكل كبير.

وعادة ما يكون أداؤهم أفضل في اختبارات المهارات الحركية والاستيعاب الفراغي، وذلك بالمقارنة مع الاختبارات اللفظية.

يمتلك بعض المصابين بالتوحد مهارات ذاتية التعلم أو فريدة، مثل القدرة على القيام بعمليات حسابية معقدة، أو امتلاك مهارات موسيقية متقدمة.ولكن للأسف، كثيرًا ما يعجز هؤلاء الأشخاص عن توظيف مهاراتهم بطريقة تفاعلية أو مثمرة اجتماعيًا.

ليس من الضروري أن تكون جميع الأعراض موجودة لدى الشخص لكي يشخص بانه مصاب باضطراب طيف التوحد، ولكن ينبغي أن يكون لدى الطفل صعوبات في اكثر من سمة من سمات طيف التوحد، ويمكن لهذه العلامات أن تتباين بشكل كبير من حيث الشدة، وهنا نستعرض معكم الصعوبات التي نستطيع ان نحدد من خلالها ان الشخص مصاب بالتوحد:

– صعوبة في التواصل البصري مع الاخرين

– صعوبات في التواصل الاجتماعي والتفاعل

-صعوبة التعامل مع الآخرين وتبادل الأفكار والمشاعر

-صعوبة الاتصال غير اللفظي (مثل التواصل البصري، والفهم، واستخدام لغة الجسد وتعبيرات الوجه)

-صعوبة بناء العلاقات الشخصية وتعزيزها أو الحفاظ عليها، وصعوبة فهم العلاقات بين الأشخاص

-الأنماط المحدودة والمتكررة من السلوك، و الاهتمامات، و الأنشطة

-الحركات المتكررة أو الكلام المعاد

-التقيد الصارم بالأعمال الروتينية ومقاومة التغيير

-الاهتمام الشديد بأشياء معينة دون سواها

-زيادة أو نقصان شديد في الاستجابة للحواس، مثل الذوق، أو الرائح، أو الملمس

مآل الاشخاص ذوي طيف التوحد

بشكل عام، تستمر أعراض اضطرابات طيف التوحد طوال الحياة.

ويتأثر مآل الحالة بشدة بمدى اللغة الصالحة للاستخدام اليومي التي اكتسبها الطفل في سنواته الاولى.

هل للتوحد علاج؟

اتفقنا سابقا ان التوحد ليس مرض، كما ان اسبابه مازالت مجهولة حتى الان، فبالتالى ليست هناك علاجات، المتاح حاليا تدخلات سلوكية من شأنها تخفيف الاعراض او اكساب مهارات اضافية للتعايش.

التدخلات الممكنة

تحليل السلوك التطبيقي

تدريب الأطفال على مهارات معرفية، أو اجتماعية، أو سلوكية بشكل متدرج.تُعزز التحسنات البسيطة ويُبنى عليها بشكل تدريجي لتحسين، أو تغيير، أو تطوير سلوكيات محددة عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد.تشمل هذه السلوكيات المهارات الاجتماعية، ومهارات اللغة والتواصل، ومهارات القراءة، والمهارات الدراسية بالإضافة إلى المهارات المُكتسبة مثل الرعاية الذاتية (كالاستحمام وحلاقة شعر الجسم)، ومهارات الحياة اليومية، والالتزام بالمواعيد، والكفاءة الوظيفية.يُستخدم هذا العلاج أيضًا لمساعدة الأطفال على تقليل السلوكيات التي قد تحد من تقدمهم (مثل السلوكيات العدوانية).يُصمم العلاج التطبيقي بحيث يلبي احتياجات كل طفل، وعادة ما يجري تصميمه والإشراف عليه من قبل اختصاصيين معتمدين في التحليل السلوكي.

البرامج التعليمي

تعمل البرامج التعليمية المخصصة للأطفال في سن المدرسة المصابين باضطراب طيف التوحد على تطوير المهارات الاجتماعية لديهم، ومعالجة تأخر النطق واكتساب اللغة، وتهيئة الأطفال للتعليم بعد المرحلة الثانوية أو للحصول على وظائف.

علاج النطق واللغة

العلاج الدوائي في بعض الأحيان التي تتطلب ادوية لتخفيف بعض الاعراض.

لا يمكن للعلاج الدوائي أن يحل المشكلة بالكامل، كلها مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل فلوكستين fluoxetine، وباروكستين fluoxetine، وفلوفوكسامين fluvoxamine، التي تعمل فقط  على الحدّ من السلوكيات الطقوسية للأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد.

كما تستخدم الأدوية المضادة للذهان، مثل الريسبيريدون risperidone، للحد من السلوك المؤذي للنفس، على الرغم من ضرورة أخذ خطر الآثار الجانبية (مثل زيادة الوزن واضطرابات الحركة) بعين الاعتبار.

بالاضافة الى أدوية تثبيت المزاج والمنبهات النفسية مفيدة للأشخاص قليلي الانتباه، أو الاندفاعيين، أو الذين لديهم فرط النشاط.

ويلجأ بعض الآباء إلى أنظمة غذائية خاصة، أو علاجات معدية معوية، أو علاجات مناعية، إلا أنه لا يوجد حاليًا أي دليل يدعم فعالية أي من هذه العلاجات عند الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد.

في النهاية استطاع مسلسل “حالة خاصة” خلق حالة من الأمل لاهالى اطفال التوحد بان ابنائهم من الممكن ان يصبحوا نديم في مجال من المجالات، بدا الحديث اكثر على السوشيال ميديا عن التوحد وهل استطاع طدسوقي تقديم النموذج كما يجب ام كان مفتعل.. بدأ البحث عن اعراض التوحد واسبابه والتشخيص وهكذا.. هذا هو نجاح الدراما.. اثراء المجتمع بقضايا مهمة قد تستطيع معالجة فهم خاطئ لدى الناس عن اضطراب طيف التوحد، أو حتى قضايا اخرى، بعض الاشخاص كانوا يتجنبون الاشخاص ذوي التوحد خوفا من العدوى، المسلسل استطاع ان يقتحم عالم التوحد ويشرح ببساطة انهم اشخاص عاديين لديهم قدرات مختلفة قد تكون اعلى من قدراتنا او اقل.

معاناة التوحد

تعاني أسر اطفال التوحد متمثلة في الام معاناة لا يعلم عنها احد شيئ.. معاناة عدم تقبل المجتمع للابن، معاناة قصور الخدمات المقدمة لهم هذا بالاضافة الى تكلفتها العالية، مع الاخد فى الاعتبار انه شخص غير منتج في نظر المجتمع اى انه بعد التعليم والتكاليف لن يصبح مهندس او طبيب كما الاطفال الاخرين.

معاناة النصب.. يعانى الاهالي كثيرا من الاشخاص الذين يدعون ان لديهم الحل السحري لمشكلة اولادهم وان باستطاعتهم علاج الاطفال من التوحد.. وبعد مرور الوقت واهدار الاموال يكتشف الاهل ان ما حدث ليس الا نصب.

اشكال مختلفة ومتبانية من المعاناة مثلها مثل طيف التوحد

شكرا لكل أم وهبها الله هدية طفل توحد عرفت به ومعه قيمة الحياة والتضحية والصبر، على مدار التاريخ والقصص والحكايات نجد ان كل طفل توحد وصل لمكانة او اصبح دليل لفهم اكثر عنهم كان بفضل دور ومثابرة الام وحرصها الشديد على ايجاد حل.

دائما الأم هي الحل والنتيجة.. شكرا لكل الامهات فى كل عصر وتحت أي ظروف.