مصر تُعَزِّزُ موقعها كمركز للطاقة بإنتاج الهيدروجين الأخضر

كتب : جرجس خليل

تدقيق لُغوي: ياسر فتحي

تُخطط الحكومة المصرية للاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة بنسبةٍ تتخطى 40 في المئة قبل حلول عام 2035 بتنويع مصادر الطاقة، إذْ اعتمدت استراتيجيةً جديدةً لإنتاج الهيدروجين بنوعَيهِ الأخضر والأزرق، تزامنًا مع زيادة الاعتماد على الطاقة المُنتَجة مِن الرياح والشمس والمياه بجانب المصادر التقليدية للطاقة.

مصر تتخذ خطوة جديدة في خططها لإنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث وقعت شركة سيمنس للطاقة والشركة القابضة للكهرباء المصرية مذكرةَ تفاهم لبناء صناعة صديقة للبيئة قائمة على الهيدروجين في مصر، بهدف تعزيز صادرات مصر مِن الطاقة المتجددة، بحسب بيانٍ لمجلس الوزراء.

الفرق بين الهيدروجين الأزرق والأخضر

يتم إنشاء الهيدروجين الأزرق مِن مصادر أُحفورية، حيث يتم التقاط انبعاثات الكربون وتخزينها، بينما يُصنَّع الهيدروجين الأخضر مِن مصادر غير أحفورية ويفضل مِن قِبَل صُناع السياسة وأصدقاء البيئة الذين يُحَذِّرون مِن استمرار الاقتصاد الأحفوري.

ما هو الهيدروجين الأخضر

يُنتَج الهيدروجين الأخضر عند القيام بفصل المياه عن طريق التحليل الكهربائي، والذي يستلزم تمرير تيار كهربائي خلالها، وبذلك تنفصل المياه إلى هيدروجين وأكسجين، وبهذه الطريقة يمكن استخراج الهيدروجين مِن المياه، كما ينطلق الأكسجين في الهواء،
الذي يجعل الهيدروجين ذا لونٍ أخضر هو عندما يجري توليد الكهرباء المُستخدَمة لفصل المياه مِن مصادر الطاقة المتجددة. وقالت وكالة الطاقة الدولية أنه “في حين أنَّ أقل مِن 0.1% مِن إنتاج الهيدروجين العالمي المخصص حاليًا يأتي مِن التحليل الكهربائي للماء، ومع انخفاض تكاليف الكهرباء المتجددة، لا سيما مِن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هناك اهتمامٌ مُتزايدٌ بالهيدروجين الناتج عن استخدام التحليل الكهربائي للمياه”، وعلى الجانب الآخر، فإن الطرق التقليدية لاستخراج الهيدروجين تتسبب في انبعاثِ ثاني أكسيد الكربون.

سيمنس للطاقة أحد أهم المشاركين في مشروعات الطاقة في مصر في السنوات الأخيرة:

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في الشهر الماضي توجيهًا لوضع استراتيجية الهيدروجين الأخضر في مصر، مع التطلع إلى إطلاق مرحلة أولية مِن المشاريع التي قد تصل قيمتها إلى 3-4 مليارات دولار، بحسب بياناتٍ سابقة لوزارة الكهرباء، كما تقوم شركة إيني الإيطالية أيضًا بدراسات جدوى حول إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، بينما تعمل مجموعة ديمي البلجيكية أيضًا مع مصر على استكشاف الهيدروجين الأخضر بموجب مذكرة تفاهم مع وزارتي النفط والكهرباء وقوات البحرية المصرية.
فيما بحثت شركتا هيونداي روتيم الكورية الجنوبية والإيطالية سنام الموضوع مع مسؤولين حكوميين.

تحظى مصر بإمكانات هائلة مِن حيث الأراضي والموارد لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع كونها تمتلك 2450 كيلو مترًا مِن السواحل على طول البحرين الأحمر والمتوسط، و1530 كيلو مترًا على طول نهر النيل، إلى جانب الطاقة اللازمة للإنتاج سواء الشمسية نظرًا لوقوعها جغرافيًا داخل ما يعرف بالحزام الشمسي، وهو بين خطي 31.5 و22 عرض شمالًا، ويجعلها ذلك مِن أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية، مع بقاء الشمس بين 9 و11 ساعة في المتوسط يوميًا باستثناء بضعة أيام غائمة، و2000 إلى 3200 كيلو وات ساعة/م2 مِن الإشعاع الشمسي المباشر. أو طاقة الرياح في ظل وجود مناطق ذات سرعات رياح عالية وثابتة.

فوائد إنتاج الهيدروجين الأخضر

لا ينتج عنه أي نواتج ثانوية، لأنه يتميز بفصل عنصري الماء وهما الأكسجين والهيدروجين وكلاهما يمكن الاستفادة منه.

يساهم إنتاج الهيدروجين الأخضر في الوصول لمجتمعٍ خالٍ مِن الكربون ويمكن إنتاجه بطاقة منخفضة ويمكن أنْ يصبح وقود المستقبل.

يساهم في خفض أسعار بيع الكهرباء والتصدي للتغير المناخي وتحديات المناخ العالمية.

أحد مصادر الطاقة الجديدة والحديثة ووقود المستقبل الذي تتسابق الدول في إنتاجه.

مشروع الهيدروجين الأخضر يساعد على تحقيق أهداف رؤية مصر 2035 ودعم الاقتصاد بشكل كبير.

ويعد الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر جزءًا مِن استراتيجية أوسع لتحويل مصر إلى مركز رئيسي للطاقة في المنطقة: بدأت مساعي الدولة نحو التحول إلى مركز إقليمي للطاقة عندما استعانت بشركة سيمنس للمساعدة في الخطة العاجلة لتوليد الكهرباء لحل مشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء قبل نحو ثمانية أعوام، وكذلك قامت مصر بتسريع عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي، وبدأت في خطط استيراد وإعادة تصدير الغاز الطبيعي لتتحول إلى مركز لتداول الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط وأوروبا، وهو ما تُوِّجَ بتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بالقاهرة، وعلى صعيد مصادر الطاقة المتجددة . وضعت مصر الأسس التشريعية والتنظيمية لجذب القطاع الخاص مِن أجل إنشاء مجمع بنبان العملاق للطاقة الشمسية في أسوان بقدرات إجمالية تبلغ 1.8 جيجاوات. وفي الوقت نفسه، تواصل مصر جهودها في توقيع اتفاقيات الربط الكهربائي لتصدير الطاقة إلى العديد مِن دول الجوار وحتى أوروبا.