“الذهب الأبيض” طويل وقصير التيلة وزراعته بشرق العوينات
كتبت: نسرين طارق
تدقيق: أحمد علي
تشتهر مصر عالمياً بالذهب الأبيض أو القطن.. القطن المصرى من أفضل الأقطان العالمية من حيث الجودة والكفاءة، لكن صناعة الغزل والنسيج والملابس لا تستخدم القطن طويل التيلة بل تعتمد على القطن قصير التيلة.
هناك فروق بين الأقطان الطويلة والقصيرة فيما يتعلق بالإنتاجية، فالاقطان طويلة التيلة متوسط الإنتاجية من 7 الى 12 قنطار لكل فدان حسب نوعية الأرض والمكان، في حين وصلت إنتاجية الفدان قصير التيلة في بعض المناطق نحو 19.3 قنطار للفدان.
-الفرق بين الأقطان قصيرة وطويلة التيلة:
القطن قصير التيلة تقل “التيلة” فيه عن 2.8 سم، فيما تتراوح أطوال الأقطان المصرى من 2.9 سم حتى 3.6 سم للأنواع الممتازة، مثل جيزة 45 و78 و95 و96، كما أن الاقطان القصيرة تستخدم فى تصنيع الخيوط السميكة وصناعات الوبريات والجينز بدرجات من 8 إلى 24 درجة وهى أقطان ليست متينة عكس الطويلة التى يتم تصنيع الخيوط الناعمة والرفيعة وهى أشد سُمكاً ونعومة بدرجات تصل لـ 120 درجة.
يمثل الطلب المحلي والعالمي على الملابس المصنعة من الأقطان قصيرة التيلة 97.98% من إجمالي الأقطان المزروعة مقارنة بـ(2:3%) للأقطان طويلة التيلة.
القطن قصير التيلة هو الأكثر أهمية للصناعة عالمياً، حيث تبلغ تجارته عالمياً 98.5%، لذلك إهتمت الدولة المصرية بالتوسع فى زراعة الأقطان قصيرة التيلة لتوسيع قاعدة التصدير، خصوصاً أن المصانع المحلية تعتمد فى إستيرادها على القطن قصير التيلة المستورد من الهند وباكستان، وفى بعض الأحيان لا تجد كامل إحتياجاتها، إذ إن الأسواق الدولية تُصدر الخامات بعد تلبية كامل إحتياجات مصانعها المحلية.
فيما تبلغ تجارة الأقطان الطويلة؛ مثل القطن المصرى وقطن البيما الأمريكى فقط 1.5% على مستوى العالم .
الصناعة المصرية تهتم بالتصدير بالدرجة الأولى، وبالتالي فهى تعتمد على الأقطان قصيرة التيلة، ومصر تنتج الأقطان الطويلة وفائقة الطول فقط.. ولذلك تحدث أزمة تصدير الملابس الجاهزة المصنعة في مصر.
– أزمة تصدير المنسوجات:
متوسط سعر كيلو الغزول المستوردة التى يهتم بها القطاع التصديري يصل إلى 5 دولارات، وترتفع القيمة إلى 9 دولارات فى الاقطان المصرية، وبالمقارنة لن نجد منافسة فى التصدير.
إرتفاع أسعار الغزول المصرية يمنعها من المنافسة، وإذا أردنا تطويعها لذلك، نقوم بخلطها مع الأصناف المستوردة لخفض تكاليف الإنتاج، ورغم أنها تكتسب بعض القدرات التنافسية، فهى لاتزال فى مستويات أعلى من غيرها.
ضعف إستغلال قدرات الأقطان المصرية يرجع إلى إعتماد صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة على الأقطان القصيرة فقط.
– تجربة زراعة قطن قصير التيلة بشرق العوينات:
بدأت وزارة قطاع الأعمال العام بالتعاون مع وزارة الزراعة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، تجربة زراعة قطن قصير التيلة على مساحة 218.7 فدان بمنطقة شرق العوينات، وذلك لخدمة صناعة الغزل والنسيج بتقديم خامة أرخص وكذلك لتقليل إعتماد صناعة النسيج فى مصر على إستيراد الأقطان قصيرة التيلة والغزول السميكة المنتجة.
أهمية التجربة ترجع إلى أن مصر تستورد سنوياً أقطان قصيرة التيلة بنحو 4.5 مليار جنية، علاوة على تصدر عدد من الدول الإفريقية المشهد العام فى القطن سواء فى الزراعة أو التجارة.
جملة الإستهلاك سنوياً في مصر تصل لنحو 7 ملايين قنطار قطن، يتم إستيراد نحو 3 ملايين قنطار سنوياً، متوسط سعر القنطار 1500 جنية، بالتالي نحن نستورد أقطان قصيرة سنوياً بقية 4.5 مليار جنية.
– زراعة القطن قصير التيلة بشرق العوينات:
تهدف التجربة إلى توطين زراعة الأقطان القصيرة فى مصر بجانب الأقطان الطويلة ، لتوفير العملة الصعبة نتيجة إستيرادها من الخارج، والتى تشرف عليها وزارة قطاع الأعمال العام وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
حققت زراعات القطن قصير التيلة شرق العوينات، أعلى إنتاجية فى العالم للفدان، فى بعض مناطق التجربة،مما شجع على زيادة المساحة المنزرعة إلى 500 فدان، حيث بلغت إنتاجية الفدان في بعض المناطق نحو 19.3 قنطار، وهى أعلى إنتاجية للقطن القصير، يتم تحقيقها فى العالم، وتزيد ما بين 5 إلى 7 قناطير عن دول العالم.
حققت تجربة زراعة الأقطان قصيرة التيلة نجاحاً كبيراً شرق العوينات، وتضم التجربة صنفين من الأقطان القصيرة المستوردة من الخارج، حققت متوسط إنتاجية 10 قنطار للفدان بالجنيّ الآلي ، وحققت متوسط عام 15.8 قنطار للفدان بالجنيّ اليدوي لأول مرة في مصر، مما يشير لإمكانية زراعة مساحة أكبر.
زراعة القطن قصير التيلة شرق العوينات وفرت 40% من التكلفة مقارنة بتجربة العام الماضى، حيث بلغت تكلفة الفدان الواحد نحو 11 ألف جنية، مقابل نحو 17 ألف جنية العام الماضى، مع تضاعف كمية الإنتاج من الأقطان العام الجاري، لافتة إلى أن نسبة هدر الماكينات الآلية بلغت نحو 35% في حين أن المعدل العالمى يتراوح من 10 الى 20% ،وبالتالي يمكن الوصول بالجنيّ الآلي لنحو 12 قنطار للفدان الواحد.
تحقق زراعة القطن قصير التيلة وفر حوالي ألف جنية مصري في القنطار، أو ما يمثل 43% من تكلفة إستيراد القطن اليوناني الذي وصل سعره هذا الموسم إلى 2330 جنيهًا للقنطار، ما يمثل ضغطًا على العملة المحلية، وجعل الصناعة الوطنية عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتوافر الأقطان فيها، مما دعى الدولة إلى زراعة مساحة أكبر تتراوح من 10 آلاف إلى 20 ألف فدان الموسم الجديد مع ضرورة الإسراع فى التجهيز للتجربة الجديدة .
من المتوقع التوسع فى زراعة تلك النوعية من الأقطان الموسم المقبل، وزيادة المساحات المزروعة ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف فدان.
– أهمية تجربة زراعة القطن قصير التيلة:
1- دخول مصر ضمن الدول المنتجة، والمصدرة للأقطان قصيرة التيلة.
2- بجانب توفير العملة الصعبة قيمة إستيراد الأقطان القصيرة ومنتجاتها.
3- توفير المادة الخام لمصانع قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص.
4- تحقيق الأمن القومى بتوفير المادة الخام للمصانع الجديدة التى تتوسع فيها مصر بتكلفة نحو 21 مليار جنية سنوياً.
واكدت وزارة الزراعة أنها مستمرة بالتوسع في زراعة الأقطان طويلة التيلة في الوادي والدلتا التي تتميز مصر بإنتاجها، وإتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على نظافة القطن المصري وتحسين جودته وربطه بالأسعار العالمية.