كتيبة آزوف.. ممثلي النازيين الجُدد في أوكرانيا
كتبت: نهال مجدي
تدقيق: ياسر فتحي
تعد أحد أبرز المبررات التي يسوقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشن حملته العسكرية ضد أوكرانيا هي القضاء على ما أسماه بالـ”النازيين الجدد” ويقصد بها كتيبة آزوف الأوكرانية.
وكتيبة آزوف تعد جزءًا من الحرس الوطني، ومقاتلوها مدربون بشكل جيد، ومقرهم الرئيسي فى مدينة ماريوبول التي تحاصرها الآن القوات الروسية، وتثير تلك الجماعة الجدل لأنها تتكون من قوميين ويمينيين متطرفين وتتبنى (بحسب وجهة النظر الروسية) أيديولوجية “النازيين الجدد” وخطاب كراهية يدعو لتفوق العنصر الأبيض.
وارتبط اسم هذه الكتيبة بانتهاكات حقوق الانسان وقتل المدنيين، منذ انطلاقتها وتحت شعارات وأهداف من قبيل “استعادة النظام في كييف” و “طرد المؤيدين لروسيا”، وارتكبت هذه الوحدة مجازر عدة أوصلت عددًا من الدول الغربية لاعتبارها منظمة إرهابية، إلا أنَّ الضغط الأميركي حال دون إقرار هذا القرار.
مؤسس وقائد كتيبة آزوف هو أندري بليتسكي (42 عامًا) الذي تخرج من كلية التاريخ في جامعة خاركيف الوطنية، وكان نشطًا في الوسط اليميني المتطرف لسنوات طويلة.
وحسب تقارير إعلامية يصل عدد الكتيبة إلى ما يقرب من ألف مقاتل ولكل كتيبة دباباتها ومدافعها الخاصة بها.
وفي عامي 2015 و2016 نشأت حركة كانت بمثابة ذراع سياسية لآزوف، حيث استقال بليتسكي من منصبه كقائد للكتيبة وأسس مع مقاتلين سابقين في الكتيبة حزب “الفيلق الوطني” الذي لَم ينجح في الانتخابات، لكن بليتسكي استطاع دخول البرلمان الأوكراني عن طريق الانتخاب المباشر وليس عن طريق قائمة الحزب، لكنه خسر مقعده في انتخابات عام 2019، ولم يعد نائبًا في البرلمان الأوكراني؛ ومنذ بدء الغزو الروسي يدعي أنه يحارب على جبهة كييف.
وأساس هذه المجموعة ينتمي لشرق أوكرانيا المنادين بوحدة الشعوب السلافية الشرقية أي الروس والبيلاروس والأوكرانيين، وبعضهم ينحدرون من مشاغبي الملاعب “ألتراس”، وآخرون كانوا ناشطين فى المجموعات القومية المتشددة.
وكانت عبارة عن مجموعات يمكن وصفها في ألمانيا بمجموعات الرفاق الأحرار (اليمينيون)، بحسب أندرياس أوملاند، الباحث في مركز ستوكهولم لدراسات شرق أوروبا.
نشأت آزوف عام 2014 من كتيبة متطوعين، بدأت كميليشيا بمدينة بيرديانسك، لدعم الجيش الأوكراني في قتاله ضد الانفصاليين الموالين لروسيا شرقي أوكرانيا، وهي معروفة بقتالها الشرس، ووصف الرئيس الأوكراني آنذاك بترو بوروشينكو أعضاء تلك الكتيبة بأنهم “أشجع محاربينا، وأفضل متطوعينا”.
وبعد دور آزوف في استعادة مدينة ماريوبول الاستراتيجية الساحلية ومينائها من الانفصاليين المدعومين من روسيا، دُمِجت الوحدة رسميًا في الحرس الوطني الأوكراني في 12 نوفمبر 2014، وجدير بالذكر أنَّ أكثر مِن نصف أعضائها ناطقين بالروسية، وكثير منهم من دونيتسك ولوهانسك” اللذين تعترف موسكو باستقلالهما.
ومع بدايات تأسيسها كان أعضاؤها يرتدون صليبًا معقوفًا وشارات نازية أخرى، وتتبع الأيديولوجية النازية وكان ينتمي إلى منظمة تفوق البيض، وهو ما جعل الولايات المتحدة قد تمنع التدريب المشترك مع هذه الوحدة بينما كانت لا تزال ميليشيا.
وبعد انضمامها رسميًا للجيش الأوكراني حققت الكتيبة نجاحات عسكرية كبيرة، وهي الآن كتيبة كاملة، وأعيد هيكلتها كأي وحدة رسمية للجيش الأوكراني بتدريب رسمي، وبمرور الوقت انضم العديد من المتطوعين الأجانب، وبعضهم من كرواتيا، إلى هذه الوحدة، وكان بعضهم قد غادر بعد أنْ دمجت في الخدمة العسكرية، بينما حصل آخرون على الجنسية الأوكرانية، وتغيرت النظرة تجاهها بمرور الوقت فتم رفع الحظر الأمريكي على التدريب المشترك معها، ولم تعارض مجموعة يهودية أوكرانية رفع الحظر، مما يشير إلى إصلاحات وتغييرات كبيرة.
ومع ذلك كانت هناك مبادرة في الكونجرس الأمريكي عام 2019 لتصنيف كتيبة آزوف “منظمة إرهابية”، لكن المبادرة لم تنجح في ذلك، لكن الحقيقة هي أنَّ آزوف لديها ومنذ أعوام اتصالات مع الوسط اليميني المتطرف في خارج البلاد، كما حظر فيسبوك في نفس العام أي منشورات تثني عليهم، لكن رُفِع الحظر الآن بما أنهم يقاتلون “لإنقاذ بلادهم”.
وأيضًا في 2019 وبعدما وصلت الانتهاكات وجرائم القتل والتعذيب إلى مستويات مرتفعة وأرقام لَم يعد مِن السهل استبعادها عن الإعلام، نشرت مجلة The Nation التي تصدر من الولايات المتحدة مقالاً جاء فيه “أوكرانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها تشكيل للنازيين الجدد في قواتها المسلحة”.
وعاد مقاتلو “آزوف” للظهور في الأيام الأولى مِن مارس الجاري مع ظهور فيديو صادم لهم وهم يدهنون الرصاص بشحم الخنزير لإطلاق النار على القوات الشيشانية قبل دخولها أوكرانيا، وفقًا لصحيفة “واشنطن إكزامينر” الأمريكية.
وكثيرًا ما تتباهىٰ الكتيبة بنجاحها في تدمير مدرعات روسية ونشر صور للعسكريين الذين أسقطتهم وتنشرها عبر قناتها على تليجرام.
وفي يناير 2018، أطلقت آزوف وحدة دوريات الشوارع الوطنية Druzhina وتعهدوا بـ “إعادة النظام الأوكراني” إلى الشوارع، وقاموا بسرعة بتنفيذ مذابح ضد منظمات الغجر والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية واقتحام المجالس البلدية والرسمية.
كما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية في 27 أغسطس 2018 في مقال لها تحت عنوان “أرادوا قتلنا: الفاشيون الجدد المقنعون يبثون الخوف في الغجر الأوكراني”، أن “موجة قتل ومذابح اجتاحت أوكرانيا: بلطجية مسلحون يهاجمون النساء والأطفال أثناء تدميرهم لمعسكراتهم، قُتل رجل واحد على الأقل، وطعن آخرون، بينهم طفل”. مؤكدة أن منفذي العملية نشروا المقاطع المصورة التي توثق المذابح.
وخلال السنوات الماضية، قتلت القوات الأوكرانية وبمشاركة خاصة من وحدة “آزوف” حوالي 15000 مواطنًا في دونيتسك منهم كثير من الأطفال.