الدائري يستعيد وجهه الحضاري بالقضاء على عشوائية الميكروباص وإنشاء محطات الأتوبيس الترددي
كتب: ثروت سلامة
تدقيق: ياسر بهيج
سنوات طويلة من المعاناة، عاشها المواطن المصري مع قائدي “إمبراطورية الميكروباصات” على الطريق الدائري؛ أحد أهم شرايين النقل في مصر، من عشوائية السير، والسرعات الجنونية، ما تسبب في العديد من الحوادث المرورية المؤلمة، التي أودت بحياة عشرات الأبرياء، ومع طول الطريق، كان الأمر يزداد سوءًا، فضلًا عن خطورة بعضهم على الأمن، المتمثلة في البلطجة، وفرض تعريفاتهم بالقوة، غير حوادث السرقات، والاغتصاب، التي كانت تستخدم فيها تلك الميكروباصات، في الأوقات المتأخرة من الليل.
كل هذا تسبب في تشوه حضاري لهذا الشريان المُهم، الذي يصل مدن مصر ببعضها البعض، حتى بات الوضع على “الدائري” في حاجة ماسة، ومُلِحّة، للعلاج الفوري، وبشكل متحضر راقٍ، لكل هذه الأزمات، التي عصفت بأمن المواطن، ليعيد للطريق أمنه، ورونقه، من جديد.
وأخيرًا؛ حان وقت التطوير، والْتَفتت الدولة لهذا الشريان الحيوي، وقررت رصفه، وتوسيعه، وتنظيمه مروريًّا، لوضعه في قالب متحضر راق؛ يعيد لأهم شرايين مصر أمنه، ووجهه الحضاري، بما يتناغم مع طفرة التنمية، والتطوير، والتحديث، والبناء، والتعمير، التي تطول مصر، من شرقها لغربها؛ تمهيدًا لمولد الجمهورية الجديدة، و”مصر العُظمى”.
بداية المشروع
وفي مايو من العام الماضي 2020، بدأت الدولة التفكير في المشروع؛ عندما أعلن وزير النقل والمواصلات كامل الوزير، عن إلغاء سير سيارات الميكروباص نهائيًّا، فوق الطريق الدائري الرابط بين العاصمة، ومحافظتي الجيزة، والقليوبية، اعتبارًا من نهاية ديسمبر 2021؛ وذلك ضمن خطة الوزارة لتطوير الطريق الدائري، التي تضمنت توسعته؛ من خلال إزالة منشآت، وبيوت على جانبي الطريق، وإزالة الكباري الأهلية، التي يستخدمها المواطنون لاستخدام المواصلات أعلى الطريق.
طوق نجاة
وفي مطلع يناير من العام الجديد 2022، يحل الموعد المُحدد لتسيير وسيلة مواصلات حضارية جديدة، صديقة للبيئة، بدلًا من الميكروباصات الحالية؛ تعمل بالغاز لتقليل التلوث البيئي؛ وتقضي على عشوائية آلاف الميكروباصات العاملة لخدمة السكان، من خلال خط سير محدد؛ عبارة عن حارتين في منتصف الطريق الدائري، بمعدل حارة لكل اتجاه، ومنتظم بمحطات على الجانبين، فكان مشروع الأتوبيس الترددي .. طوق النجاة لـ “الدائري”.
وسيلة حضارية
وبالفعل خرج الرئيس التنفيذي لجهاز النقل البري الداخلي والدولي السيد متولي؛ ليعيد للمواطنين الأمل في حياة حضارية راقية، تسهّل معيشتهم، وتكفُل أمنهم وأمانهم، وبشّرهم بقرب إطلاق الدولة “الأتوبيس الترددي” وسيلة المواصلات الحضارية، والآمنة، الجديدة، المُقرر تسييرها على الطريق الدائري، لتخليصه من العشوائية، والتشوه الشكلي، والمروري.
استعادة الجودة
وفي تصريحات إعلامية له، عن المشروع الجديد؛ أكد المهندس متولي أن الدولة تهدف من هذا المشروع؛ الذي يندرج تحت عمليات التطوير، والتحديث الجارية الآن في شتى قطاعات النقل، إلى استعادة الوزارة، في خدماتها المقدمة للمواطنين؛ جودتها، وأمنها، وشكلها الحضاري، التي كانت عليه في بداياته، منذ سنوات طويلة، قبل أن يشوهها الازدياد السكني، والامتداد العمراني.
تجربة جديدة
ثم وصف تفاصيل وسيلة النقل الجديدة، قائلًا : “الأتوبيس الترددي وسيلة نقل جديدة تدخل إلي مصر لأول مرة، وهو مُشابه للمترو، والمونوريل، ولكن علي شكل أتوبيس أرضي، وأول مرة تم استخدامه كان في أمريكا اللاتينية، وحقق نجاحًا لافتًا، فقررت الدولة اقتباسه، بعد التأكد من نجاح تجربته في الخارج كوسيلة مواصلات حضارية، وآمنة”.
مميزات
وأضاف أن الخدمات التي ستُميّز الأتوبيس الجديد، تتضمن؛ تسييره في خط سير محدد؛ سيُخصص له، بجداول تشغيل منتظمة، ومواعيد محددة، ومحطات انتظار، مع توافر عنصري الأمان، والجودة؛ من خلال السير المُنظّم، وسائقين مُحترفين، والخدمة الصوتية لبيانات الرحلة، فضلًا عن كونه مكيفًا، وبه “واي فاي”، كما أن تكلفته ستكون أقل من وسائل النقل الأخرى .
آثار إيجابية
وأوضح متولي أن هناك آثارًا إيجابية ستعود على الطريق، والمواطن من تشغيل “الأتوبيس الترددي”، هي؛ تقليل التلوث، ومنع إهدار وقت المواطن في البحث عن مواصلات عامة، وتوصيله في وقت مناسب، بعيدًا عن الزحام، والتكدس في أوقات الذروة؛ بفضل ميزة مساره المُحدد له فقط، دون وسائل المواصلات الأخرى، الذي يتيح له السير المستمر، دون توقف، ماسيُغرى أصحاب السيارات باستخدامه، والتخلي عن سياراتهم الخاصة، لتوفير الوقت، والجهد، والمال، لأن تكلفة تذكرته ستكون أقل، بالطبع، من تكلفة الوقود.