موسكو تعلن شروطها لتخفيف التوتر على الحدود الأوكرانية
كتبت: نهال مجدي
تدقيق: ياسر فتحي
طالبت روسيا بفرض قيودٍ صارمةٍ على أنشطة تحالف الناتو العسكري بقيادة الولايات المتحدة في دول شرق أوروبا في مقابل تخفيف حدة التوتر على الحدود مع أوكرانيا، وهي المطالب التي مِن غير المرجح تلبيتها وسط مخاوف غربية مِن خطط روسيا لغزو جارتها أوكرانيا.
وتنفي روسيا نيتها القيام بأي عمل عسكري، لكنها تريد مِن الناتو استبعاد أوكرانيا وغيرها مِن الانضمام إلى الحلف لنزع فتيل الموقف.
كما طالبت موسكو إجراء محادثات عاجلة مع واشنطن، وهو ما رحبت به الإدارة الأمريكية، ولكنها قالت أنها ستطرح مخاوفها الخاصة على طاولة المفاوضات أيضًا. وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أمس الجمعة “أجرينا حوارًا مع روسيا بشأن قضايا الأمن الأوروبي على مدى العشرين عامًا الماضية، وهو ما أدى ذلك في بعض الأحيان إلى إحراز تقدم ، وفي بعض الأحيان وصلنا لطريق مسدود ، لكننا مستعدون بشكل أساسي للحوار “.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي في مؤتمر صحفي بالأمس إنَّ الولايات المتحدة لن تدخل المحادثات بمفردها “لن تكون هناك محادثات بشأن الأمن الأوروبي بدون حلفائنا وشركائنا الأوروبيين”. وجدير بالذكر أنَّ للناتو، الذي تأسس في الأصل للدفاع عن أوروبا ضد التهديدات المُحتملة مِن الاتحاد السوفيتي السابق ، قوات في جمهوريات البلطيق وبولندا.
وقال نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف إنَّ روسيا تقدمت للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بمشروعي معاهدتين، وقال أنه لا يوجد خيار آخر لأن “حالة العلاقات بين روسيا والغرب بشكل عام وصلت لحالةِ انعدامٍ تام للثقة”، بحسب وكالة رويترز. وضعت روسيا في المقترحات سلسلة مِن المطالب صعبة التحقيق، منها أنه على الدول التي انضمت إلى الناتو بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عدم نشر قوات أو أسلحة في مناطق يمكن اعتبارها أنها تهديد لروسيا، ولن يُسمح للقاذفات الثقيلة والسفن الحربية بالتواجد في مناطق خارج مجالها الجوي الوطني أو المياه التي يمكن أن تشن منها هجومًا. وهذا يعني أنَّ الناتو لَم يلعب أي دور على الإطلاق في أيٍ مِن جمهوريات البلطيق الثلاث (ليتوانيا ولاتفيا وأستونيا) أو في بولندا، وسيتعين على الناتو التخلي عن أي خطط لانضمام أوكرانيا وجورجيا في النهاية إلى التحالف الغربي.
ويرى المحلل السياسي روزينبرج مراسل “بي بي سي” في موسكو، انه يكاد يكون مِن المستحيل تخيل توقيع الولايات المتحدة والناتو على مسودة الوثائق التي وضعها الدبلوماسيون الروس، دون تغييرات كبيرة. روسيا تطالب باستخدام حق النقض (الفيتو) على مَن ينضم إلى الحلف، وقد أوضح الناتو مرات عديدة مِن قَبل أنَّ موسكو لا يمكن أنْ يكون لها رأي في مَن سيصبح عضوًا بالحلف. هذا بالإضافة إلى أنَّ الروس يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى مايو 1997، وعدم السماح لأي دولة انضمت إلى حلف الناتو بعد ذلك التاريخ بقوات الناتو أو أسلحته، والسؤال الآن هو.. كيف سيكون شعور دول البلطيق، التي تعتبر روسيا تهديدًا محتملاً، حيال ذلك؟ تعرف موسكو جيدًا أنها تطالب بأشياء لن يقدمها الغرب، فلماذا تطلبها؟ تكتيك تفاوضي؟ ربما.. نبدأ التفاوض من أعلى نقطة ونأمل في الحصول على تنازلاتٍ أخرى.
أو ربما تكون تلك المطالب المستحيلة للاستهلاك المحلي، ولإقناع الرأي العام الروسي بأنَّ التوتر المتزايد بين روسيا والغرب ليس خطأ موسكو. وجدير بالذكر أنَّ روسيا غزت جورجيا خلال حرب قصيرة في عام 2008 واستولت على شبه جزيرة القرم مِن أوكرانيا في عام 2014 قبل أنْ تدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وبدأ الصراع في الشرق في أبريل 2014 وأودىٰ بحياة أكثر مِن 14000 شخص، ولا يزال يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات. ومع ذلك، أثار حشد القوات الروسية في مناطق خارج حدود أوكرانيا مخاوف مِن غزو روسي آخر، كما حذر قادة الاتحاد الأوروبي في قمة مساء الخميس مِن أنَّ أي عدوان سيكون له “عواقب وخيمة وتكلفة باهظة” وتحدثوا عن إجراءات تقييدية بينما دعوا إلى بذل جهود دبلوماسية لحل التوترات المتزايدة. وقال الزعماء الأوروبيون أنَّ الدبلوماسية يجب أنْ تركز على الحوار الرباعي بين باريس وبرلين وكييف وموسكو، المعروف باسم صيغة نورماندي، ولكن روسيا فضلت التركيز على المحادثات مع الولايات المتحدة. وحذر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج مِن أنَّ روسيا تزيد ولاتُقلِّص، قواتها على الحدود بـ “قوات جاهزة للقتال، ودبابات، ومدفعية، ووحدات مدرعة، وطائرات بدون طيار و أنظمة حرب إلكترونية”. ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء الماضي إلى فرض عقوبات على الفور قبل أنْ تقوم روسيا بأي عمل عسكري.