كتبت: نرمين قاسم
تدقيق لُغوى: د. منال فرحات
تعليم الأبناء من أسمى الغايات التي يطمح إليها الآباء، والأمهات؛ تحقيقًا لأعلى مستوى فيها، ومن أجل ذلك كان حرص أغلب الآباء على تلقي أولادهم معارف مختلفة جنبًا إلى جنب مع التعليم المدرسي مثل حفظ القرآن، أو تعليم لغة أخرى أو ممارسة هواية محببة للطفل (رسم- عزف- موسيقى- غناء- ألعاب رياضية مختلفة) حتى مع تباين الشرائح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للمجتمع.
يتجه الجميع للمزيد من إكساب الأطفال المهارات المختلفة التي تتناسب مع البيئة المحيطة بهم، كما يتم توجيه الأبناء وفق المرحلة العمرية للأطفال.
ومؤخرًا تداولت وسائل الإعلام المختلفة حادثة طفلة طلخا؛ حيث ألقت الضوء على أهمية اختيار المكان، والأشخاص الذين يقدمون الخدمات التعليمية المختلفة، وخصوصًا للأطفال في السن الصغير.
ونستقصي فى هذا التقرير التأثير النفسي على الطفل بعد تلقيه إساءة المعاملة التي يتلقاها ومدى تأثيرها على سلوك الطفل فيما بعد، وكيف يستطيع ولي الأمر اختيار المكان المناسب لتعليم الطفل.
وفقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن أي فعل جنسي مع الأطفال، حتى لو تم بموافقة الطفل، يعد اعتداءً؛ حيث أن الطفل غير مؤهل لإدراك الحدث، ويجب معاقبة مرتكبه، حتى لو تم الاعتداء من طفل أكبر عمرًا، طالما كان مدركًا لفعل الجنس. بل أن الاعتداء، وفقًا لذلك التعريف، يمتد ليشمل عرض مواد إباحية على الأطفال، أو استخدامهم في عرضها، أو الترويج لها، أو الدعابة التي تحمل تلميحات، أو ألفاظًا جنسية صريحة.
الاعتداء الجنسي على الطفل- في الأغلب- يكون بدون عنف تمامًا (على نقيض ما يحدث مع البالغين)؛ إذ يميل المعتدي إلى كسب ثقة الطفل الضحية، مستخدمًا الترغيب، على سبيل المثال؛ حيث إن الطفل يجهل بطبيعة الحال ما يدور حوله؛ ظنًا منه أنها ليست إلا لعبة جديدة. ونظرًا لضرورة كسب ثقة الطفل فإن المعتدي – غالبًا- ما يكون من دوائر الطفل القريبة، سواء الأقرباء، أو المعارف أو الأقران الأكبر عمرًا، أو المعلمين.
وفى المجمل، فإن نسبة تبلغ 30 في المائة من الاعتداءات تكون من أقارب الطفل. وحوادث الاعتداء الجنسي في الأطفال دائمًا ما تأخذ شكل العلاقة المستديمة بعكس البالغين؛ حيث تستمر العلاقة لشهور، أو أعوام طويلة، إلى أن يتم اكتشافها؛ إما عن طريق البلوغ، أو من خلال المشكلات العضوية التي تسببها. كما أن الاعتداء في الأطفال يأخذ الشكل المتدرج، ويمكن أن يبدأ بشكل غير جنسي، مثل: اعتياد العناق، أو التقبيل.
وهناك بعض عوامل الخطورة لاحتماليات أن يكون الطفل عرضةً للاعتداء مثل:
الطفل الذي يكون بدون صحبة، بمعنى أن يكون الطفل وحيدًا، أو أنه يذهب للمدرسة بمفرده دون أصدقاء في العمر نفسه.
الأطفال بدون عائلة الذين يقيمون في أماكن خاصة بهم مثل أطفال الملاجئ، أو الرعاية الاجتماعية.
الأطفال الذين يعانون من إعاقة جسدية، أو ذهنية.
الأطفال الذين يعيشون تحت ضغوط نفسية مستمرة، كمن يعانون من دوام التعرض للتنمر المستمر، أو أمراض نفسية، مثل القلق، أو الخوف المرضي.
الأطفال في بيئات غير مستقرة، مثل: طلاق الوالدين، أو وجود مشكلات أسرية دائمة.
أطفال الآباء الذين يعانون من إدمان الخمر، أو المواد المخدرة.
كون الطفل أنثى (هناك اعتداء على الأطفال الذكور بالطبع، ولكن الطفلة الأنثى تكون أكثر عرضةً لذلك الأمر).
وبسؤال الأستاذ محمد الحناوي الخبير التربوى عن كيفية اختيار المكان المناسب لتعليم الطفل (سمات المكان المناسب) أشار إلى ضرورة توفّر مجموعة الخصائص أو السمات الرئيسة في المكان الذي سيتلقى الطفل فيه تعليم غير مدرسي ويمكن حصرها فيما يلي:
1. المكان مرخّص من الهيئة الرسمية المعنية بذلك (وزارة التضامن، التربية والتعليم، …)
2. إدارة المكان من قِبل متخصصين حاصلين على درجات علمية موثقة.
3. إلتزام المكان الشفافية، والمصداقية ( توافر الكاميرات، وعملها بانتظام، والسماح لولي الأمر بمتابعة الابن من خلال هذه الكاميرات.
4. إتباع الأساليب العلمية في العمل، والتعامل مع الطلاب، وأولياء الأمور (ضرورة وجود وثائق تفيد انتظام عملية التعلم، والقدرة على قياس مدى التقدم بها، أي برامج تعليمية وتقارير إنجاز للمهارات المتعلمة).
وأكد الحناوي على أهمية متابعة الآباء لما يتلقاه الطفل من معارف، ومهارات، والطريقة السلوكية التى يتعامل بها. مقدم الخدمة التعليمية مع الطفل عن طريق السؤال المستمر للطفل عما يدور فى جلسات التعليم خارج نطاق التعليم المدرسي، وتحليل عبارات الأطفال؛ للاطمئنان على سلامة سلوك مقدم الخدمة التعليمية؛ من حيث التعامل الآمن مع الطفل، وعدم استخدام الألفاظ المسيئة للطفل، أو لأهله، وحرص الأهل على توعية الأطفال عن ملكية الجسد، وخصوصيته، والفرق بين اللمس اللائق، وغير اللائق، وكيفية التعرف على حالات الإيذاء، وكيفية الرفض بكلمة “لا”، وكيفية الكشف عن الإيذاء لأحد البالغين الموثوقين، والإبلاغ- فورًا- عن أى إساءة قد يتعرض لها الطفل خارج المنزل.
واخيرًا نتعرف على الإجراء الأمني في مثل تلك الحوادث، والرأى القانوني فيها تحدث إلينا – عبر اتصال هاتفي- الأستاذ “أحمد مصيلحي” المحامي بالنقض، ورئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين، وبسؤاله عن الإجراء القانوني فى حالة اكتشاف اعتداء جنسي على الطفل ورصده، قال “مصيلحي” أنه يوجد أنواع من الاعتداءات المختلفة على الأشخاص، ولها بالتالي عقوبات مختلفة فى القانون، ولكن فى حالة الأطفال تغلظ العقوبة اذا تمت الجريمة من القائمين على رعاية الطفل سواء أكان أب، أو دار رعاية، مدرسة، أو أى شخص مسؤل عن إدارة حماية الطفل.
وأضاف أنه لابد من وجود سياسات، واجراءات لحماية الطفل، والتي ينبغي توافرها في أي مكان يتواجد فيه الأطفال، تتمثل في توفير إدارة، وسبل شكاوى من الطفل بشكل سريع، ويتم فيها التجاوب مع الشكوى، بما يراعى المبادئ العامة، عدم التمييز، حماية حقوق الطفل فى الحياة، وفى النماء، والمشاركة، والرعاية الصحية اللازمة، وحمايته من الخطر، مصلحة الطفل هي الأولى بالرعاية، الحفاظ على مشاركة الطفل فيما يتعلق به.
القانون يضاعف العقوبة فى حالة الأطفال إذا كانت عقوبة التعدي على الأشخاص البالغين سنة؛ فإنها تصير سنتين في حالة التعدي على طفل، وفي حالات التعدي الجنسي، والذي يبدأ بالتحرش اللفظي؛ وصولًا للاغتصاب فلها عقوبات مغلظة في القانون.
قانون العقوبات يحمي الطفل لأقصى درجة ممكنة، ولكن لا يتم تطبيق القانون؛ إلا إذا فعلنا دور المجلس القومي للطفولة والأمومة، وكذلك تفعيل اللجان العامة، والفرعية لحماية الطفل التي نص عليها القانون بعضوية كل من وزارة التضامن الاجتماعي، وزارة الداخلية، وزارة التربية والتعليم، وزارة العدل، ومنظمات المجتمع المدني.
وأضاف “مصيلحي” أن القانون المصري -بشهادة الأمم المتحدة- من أفضل القوانين تطورًا في العالم؛ حيث أنه القانون الوحيد الذي يحوي آلية تنفيذه؛ إذ أنه يحمى الطفل لأقصى درجة حتى من الأب، والأم؛ لأن القانون ينص على أن “الطفل ليس ملكًا للأب والأم “، القانون يعد وثيقة حماية شاملة للطفل من الاستغلال، التعدي، الإهانة، التفكك الأسري.
وأشار إلى أن مشكلة القانون تكمن فى عدم تفعيل آلية التنفيذ.
وعند سؤاله عن الإجراء الفوري حال اكتشاف حدوث تعدي على الطفل؛ أجاب بضرورة الاتصال فورًا بخط نجدة الطفل 16000 رقم مجاني مخصص لبلاغات التعدي، أو الإساءة للأطفال، وكذلك تقديم بلاغ لقسم الشرطة التابع له مقدم البلاغ.