fbpx
تقاريرسلايدر

“الري الذكي” و”قناة جونجلي” و”مستنقعات موشار” أبرز جهود الدولة لمواجهة قضايا المياه

كتب: محمد عبدالسميع
تدقيق: ياسر فتحي

تُولي مصر قضية المياه أقصى درجات الاهتمام سواء من حيث المحافظة على مواردها المائية وحُسن إدارتها أو الدفاع عن حقوقها التاريخية في مياه النيل، المورد الرئيسي للمياه وهو ما تمت ترجمته في اتفاقيات قانونية عديدة شاملة ومحددة مع دول حوض النيل تلزم الجميع باحترامها وعدم الإخلال بها.

ومن أهم هذه الاتفاقيات:

– اتفاقية ‏1959‏ التي تحصل مصر بمقتضاها على ‏55.5‏ مليار متر مكعب‏ سنويًا من المياه، ويحصل السودان على ‏18.5‏ مليار متر مكعب، باعتبار أن الإيراد الكلي للنهر هو ‏84‏ مليارًا يضيع منها نحو ‏10‏ مليارات أثناء الاندفاع من الجنوب إلى الشمال بسبب البخر والتسرب.

– اتفاقية إعلان المبادئ عام 2015 بين مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم، والتي أكدت على التعاون المشترك على أساس التفاهم والمنفعة والمكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي وتفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.

 

وتقدر موارد مصر المائية بحوالي 60 مليار متر مكعب سنويًا من المياه يأتي معظمها من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية في مصر لحوالي 114 مليار متر مكعب سنويًا من المياه (حسب تصريح وزير الموارد المائية في 28 مارس 2021)، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويًا من المياه.

ويواجه قطاع المياه في مصر تحديات جَمَّة، وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية وسد النهضة الإثيوبي، ومصر بما تملكه من خبرات وطنية متميزة في مجال الموارد المائية والري، يمكنها التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة وإيجاد الحلول العملية لها من خلال تحويل مثل هذه التحديات لفرص يستفيد منها المصريون.

وتقوم مصر ببعض المشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى ترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد منها، فتقوم وزارة الموارد المائية والري خلال العام السابق 2021 والعام الحالي 2022 بتنفيذ المشروع القومي لتأهيل الترع، والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، كما تقوم الوزارة بالعمل في المشروع القومي للتحول من الري بالغمر إلى نظم الري الحديث وتشجيع المزارعين على هذا التحول، لما له من أثر واضح في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا، والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة، بالإضافة لإنشاء أكثر من 100 محطة خلط وسيط، وعلى صعيد التطوير التشريعي أعدت الدولة مشروع قانون الموارد المائية والري الجديد الجاري مناقشته حاليًا بمجلس النواب ويهدف إلى تحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الاستخدامات والمنتفعين.

وجاء ذلك عن طريق مباشر عملت عليه الحكومات المصرية المتعاقبة على إعداد استراتيجيات وسياسات مائية وخطط قومية بما يُسهم في تحقيق الاستفادة القصوى مما تتحصَّل عليه مصر من مياه النهر.

وتعاظمت تلك الجهود في الأعوام الست الأخيرة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ففي نهاية عام 2020 أطلقت مصر استراتيجية لإدارة الموارد المائية حتى عام 2050 ضمن محاور الخطة القومية للموارد المائية (2037/2017) بتكلفة 50 مليار دولار أطلق عليها “4 ت” بمشاركة عدد من الوزارات.

ومن أهم المشروعات التي تقوم الوزارة بتنفيذها حاليًا ضمن هذه الخطة:

– المشروع القومي لتأهيل الترع
– مشروع التحول من نُظم الري بالغمر إلى نُظم الري الحديث
– برامج التكيف مع التغيرات المناخية والحماية من ارتفاع منسوب سطح البحر ومشروعات حصاد الأمطار.

وتولى هذه الخطة اهتمامًا خاصًا بالسنوات المتوسطة 2020 و2030 لعدة أسباب منها أن مصر قامت بإعداد استراتيجية التنمية المستدامة للدولة حتى عام 2030 وذلك بهدف وضع مصر ضمن أفضل 30 دولة على مستوى العالم اقتصاديًا واجتماعيًا وذلك بحلول عام 2030، كما أنه يتوافق مع أسلوب الخطط الخمسية للتخطيط المالي الذي ستتحول إليه مصر مرة أخرى بداية من عام 2020، ولذا أطلق عليها الخطة القومية للموارد المائية 2037.

وبجانب اعتماد الخطة القومية في المقام الأول على الخبرات المكتسبة والدروس المستفادة من تنفيذ الخطة القومية الأولى للموارد المائية 2017 خلال الفترة بين عامي 2005 و 2017، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الخطة تأخذ في الاعتبار أهداف استراتيجية التنمية المستدامة في مصر.

وتُواجه الدولة المصرية عدة تحديات ليست بالبسيطة في ملف المياه، والذي تجابهه بكل عمل دؤوب لا يتوقف.

ومن أخطر تلك التحديات:

– الزيادة السكانية:
فمن المتوقع أن يصل إجمالي السكان في مصر لأكثر من ١٧٥ مليون نسمة في عام ٢٠٥٠ وهو ما يمثل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية.

– أيضًا تعد التغيرات المناخية تحديًا كبيرًا لموارد مصر المائية في ظل الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة، وكذلك ما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب سطح البحر وتأثيره السلبي الخطير على المدن والمناطق الساحلية.

– وأخيرًا سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل حيث يُعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حاليًا خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي.

ولم تكتف الدولة المصرية بالمشاهدة، وإنما قامت بعمل واسع ومستمر لاستغلال كافة الفرص المتاحة لتعظيم وزيادة المورد المائي.

فهناك العديد من المشروعات في أعالي النيل، والتي تهدف إلى السيطرة على فقد مياهه وتدبير موارد إضافية من أهمها:

• مشروع “قنـاة جونجلي”
في جنـوب السودان والذي يمكن أن يوفر نحو 4 مليارات متر مكعب في مرحلته الأولى و3 مليار متر مكعب في مرحلته الثانية، تقسَّم مناصفـة بين مصـر والسودان.

• مشروع “بحر الغزال”
والذي يوفـر حوالي 7 مليارات متر مكعب توزع مناصفة بين مصر والسودان.

• مشروع “مستنقعات موشار” جنوب السودان، والذي يوفر نحو 4 مليارات متر مكعب من المياه.

• تحلية مياه البحر من أهم المحاور المستقبلية لزيادة الموارد المائية،ط خاصة وأن تكلفته تتناقص باستخدام التقنيات الحديثة، وقد وصلت موارد مصر المائية من تحلية مياه البحر إلى نحو 292 مليون متر مكعب سنويًا عام 2020.

• تعديل التركيب المحصولي القائم، بما يتلاءم مع سياسة الدولة المائية والإنتاجية والتصديرية، وخفض كميات مياه الري للمساحة المحصولية، حيث تهـدف خطة الدولة إلى توفير نحو 1.5 مليار متر مكعب من الميـاه سنـويًا عن طريق إحلال زراعـة البنجر محـل قصب السكر، وتخفيض المساحـة المزروعة من الأرز من 1.3 مليون فدان إلى 950 ألف فدان.

• تقليل الفاقد المائي
حيث قدرت وزارة الموارد المائية والري فاقد المياه بحوالي 35% من إجمالي الميـاه المنصرفة من السد العالي أي حوالي 19.4 مليار متر، مكعب والمرجح أنها تفقد بالتسرب والبخر.

وأخيرًا تنوي مصر التوجه نحو استخدام منظومة الري الذكي، والتي تعد من أحدث تقنيات الري الزراعي في العالم وذلك بإنتاج أجهزة مجسات متطورة بأسعار وكميات مناسبة لتكون في متناول الفلاحين من أجل قياس مستوى الرطوبة في التربة بدقة عالية، مما يحقق فوائد متعددة أهمها توفير كميات مياه الري وزيادة الإنتاجية المحصولية للأراضي الزراعية.

وقد أعلنت مصر في 7 مايو 2021 أنه تم تحويل نحو 285 ألف فدان لنظام الري الحديث، بالإضافة إلى تقديم طلبات لتحويل 85 ألف فدان أخرى، كما سيصل إجمالى أطوال الترع التي سيتم تأهيلها وتبطينها ضمن المشروع القومي لتبطين الترع 8226 كيلومترًا في إطار المرحلة الأولى، والتي ستنتهي منتصف عام 2022 بتكلفة 18 مليار جنيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى