كتب: محمد ماهر
تدقيق لُغوي: د. منال فرحات
قام الأردن في عام 1946، ليكون منطقة عازلة بين الجزيرة العربية بوحهٍ عام، والمملكة العربية السعودية بصفةٍ خاصة من ناحية الشرق، وبين إسرائيل من ناحية الغرب. ودائما ما كان حكام الأردن ذوي علاقات وثيقة ببريطانيا، ويتم إعدادهم لفترة من حياتهم هناك خاصةً في أثناء الدراسة؛ حيث قسمت بريطانيا المنطقة- في حينها- بمبدأ فرّق تسُد، وكان من نصيب الأردن أن تكون دولةً وظيفيةً؛ للفصل بين إسرائيل، والجزيرة العربية.
أسّس الأمير “عبد الله بن الحسين” في عام 1921 إمارة شرق الأردن بمساعدة بريطانيا، وكانت خاضعة آنذاك لفلسطين الانتدابية، واستقلت الإمارة في عام 1946، أي قبل إعلان قيام إسرائيل بعامٍ واحدٍ فقط، في ذلك الوقت تعد إسرائيل قد قامت بالفعل؛ إذ لم يكن ينقصها إلا الإعلان الرسمي، الأمر الذي كان يحتاج معه تهيئة المنطقة، وإعدادها لما هو قادم، فتم إعلان الأردن قبل إسرائيل بعامٍ واحدٍ فقط، وصار الأمير عبد الله ملكًا عليها، وعُرفت منذ ذلك الحين باسم المملكة الأردنية الهاشمية.
دخلت الأردن الحرب مع إسرائيل سنة 1967 مثلها مثل مصر وسوريا، وخَسِرت فيها القدس، والضفة الغربية، ونزح آلاف الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن.
شهدت الفترة التالية لحرب عام 1967 تصاعدًا في عددٍ من العناصر، ونشاط الفصائل الفلسطينية (الفدائيين) في داخل الدولة الأردنية، حتى أضحت دولة داخل دولة تهدد سيادة القانون في الأردن؛ مما أدى لحدوث التصادم بين الجيش الأردني، والفصائل الفلسطينية في أيلول من عام 1970، الذي انتهى بطرد الفصائل الفلسطينية من الأردن إلى لبنان. وسميت هذه الأحداث بأحداث أيلول. اندلعت الحرب في يوم 6 من تشرين الأول في عام 1973 بين مصر وسوريا من جهةٍ، وإسرائيل من جهةٍ أخرى، فقام الأردن بإرسال لواء مدرع إلى الجبهة السورية ليؤمّن الحماية ضد أي التفاف على القوات السورية من الخلف. وفي مؤتمر قمة الرباط عام 1974، وافقت الأردن على أن تصير منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي، والوحيد للشعب الفلسطيني. وفي عام 1988 أعلن الملك الحسين بن طلال قرار فك الارتباط الإداري، والقانوني مع الضفة الغربية.
لا تمتلك الأردن الكثير من الموارد، فهي ليست مثل دول الخليج العربي المجاورة لها، والتي تمتلئ بالثروات، وأهمها: البترول والغاز؛ إذ إن جزءًا كبيرًامن اقتصاد الأردن يعتمد على السياحة، واستغلال موقعها المتوسط بين دول الشرق الأوسط، للاستفادة- قدر المستطاع- من التجارة بين الدول.
والآن، بعد أن بدأ العديد من الدول العربية، والخليجية في توقيع معاهدات السلام بينهم وبين إسرائيل، يبدو لوهلةٍ أن الأردن قد تفقد وظيفتها، أو مغزى إقامتها من الأساس، ولكنّ الدور المحوري للأردن صار أمرًا واقعًا، ولا يجوز تجاهله، أو التقليل منه بأي حالٍ من الأحوال؛ خاصةً أنه المشرف على القدس، بالرغم من أنه إشراف صُوري شرفي، وصار الأردن طرفًا في معظم الاتفاقيات التجارية، والاقتصادية بين دول المنطقة نظرًا لموقعها.
صار الأردن طرفًا في اتفاقيات محورية، تعزز الترابط بين الاقتصادات العربية مثل: اتفاق النفط مقابل الإعمار بين مصر والعراق، ومرور خط أنابيب البترول من العراق لمصر عبر الأراضي الأردنية، ويحصل العراق- بموجب تلك الاتفاقية- على عمليات إعادة إعمار من الطرف المصري، ويحصل الطرف المصري على مليون برميل نفط سنويًا.
ويُعد اتفاق خط الغاز العربي من أهم -إن لم يكن هكذا بالفعل – من بين الاتفاقات الاقتصادية، والتي أعادت مصر له رونقه في الفترة الأخيرة، بتصدير الغاز للبنان عبر الأراضي الأردنية أيضًا، كجزء من خط أكبر، وأطول من ذلك، يحقق التكامل الاقتصادي العربي، ويعد من أهم الخطوات نحو السوق العربية المشتركة، التي نتمنى أن نراها قريبًا، حيث إننا سمعنا عنها كثيرًا، ولوقتٍ طويل، لكن لم نرها تتحقق حتى الآن.