fbpx
أخبار محليةتقارير

العلاقات المصرية الجزائرية .. إرث تاريخي من السياسة والثقافة والاقتصاد

إعداد: محمد عيسىٰ
تدقيق: ياسر فتحي

يحكم العلاقات المصرية والجزائرية إرثٌ تاريخي مِن الدعم والمساندة المتبادلة، فقد ساندت مصر الجزائر في ثورته العظيمة، في مواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1954، وفي المقابل لَم ينسى الشعب المصري أبدًا للرئيس “هواري بومدين” وقفته العظيمة الداعمة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67، وهو الدعم الذي استمر بعد رحيل عبد الناصر وتواصل حتى حرب 1973.
وقد عكست ثورات الربيع العربي وثورة 30 يونيو في مصر حاجة الدولتين معًا إلى تعاون وثيق يحاصر الإرهاب في منطقة المغرب العربي بصفة عامة، مما يسمح لهما الآن بإقامة علاقة متينة تساعد على إعادة التماسك لمنطقة المغرب العربي الكبير، وتساعد في الوقت نفسه على إعادة صياغة العلاقات العربية الأفريقية وِفْقَ أُسُسٍ جديدة أكثر متانة ورسوخًا.

ترتبط مصر والجزائر بمساحة كبيرة جدًا مِن المصالح المشتركة، على كافة الأصعدة السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

• العلاقـــــاتُ السياسية

شَهِدت العلاقات السياسية المصرية الجزائرية تحسنًا ممتازًا أعقاب ثورة يونيو وانتخاب الرئيس “عبد الفتاح السيسي” رئيسًا لمصر، والذي كان قد اختار الجزائر لتكون وجهته الأولى بعد انتخابه.

وفي إطار التشاور المستمر يحرص رئيسا البلدين على دفع مسار العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة، ومتابعة كافة قضايا الأمة العربية والتطورات الجارية على الساحتين العربية والأفريقية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في ليبيا، والعراق، وأزمة دارفور، وسوريا، ولبنان، والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي في الدائرة العربية والإسلامية والأفريقية.

وتعطي الدولتان أهمية بالغة في مواجهة الجماعات الإرهابية في تلك المرحلة الفارقة مِن تاريخ المنطقة، علاوة على التنسيق المشترك فيما يتعلق بالتحرك سواء على المستوىٰ العربي أو الأفريقي.

وتتفق وجهات نظر الدولتين تجاه القضايا الحاسمة خاصة في قضية إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع عضوية مجلس الأمن، كما تتفق على القرار الصادر عن قمة هراري عام 1997 والخاص بتمثيل القارة الأفريقية بعضوية مجلس الأمن مع ضمان مشاركة كافة الثقافات والحضارات على المستوىٰ الدولي.

وبفضل اشتراك مصر والجزائر في منظور سياسي واحد فقد تعاون البلدين في حل الأزمة الليبية، فالمخاطر والتحديات والتهديدات التي تواجهها مصر والجزائر مِن الأحداث الجارية في ليبيا تهدد الأمن القومي لكلا البلدين، وسبق أنْ أكد وزيرا خارجية البلدين “سامح شكري” و “رمطان لعمامرة”، في يناير 2017، بتطابق وجهات النظر حول الملف الليبي التي تؤكد ضرورة حلحلة الأزمة الليبية عبر تنفيذ
الاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات بالمغرب أغسطس 2015.

فالبلدان يقومان باستقبال العديد مِن الأطراف، مِن كافة الأطياف في ليبيا للعمل على تقريب وجهات النظر بينهم وتنظيم لقاءات واجتماعات مع المسئولين وكبار الشخصيات المصرية والجزائرية، مثل اللجنة المصرية الوطنية المعنية بالأزمة في ليبيا، واجتماعات وزراء خارجية دول جوار ليبيا، والزيارات للمناطق الليبية، وآخرها الأيام الماضية؛ حيث زار وزير الشئون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري “عبد القادر مساهل” العديد مِن المناطق الليبية والتقىٰ مع الأطراف الفاعلة في ليبيا.

• زيـــــارات الرؤساء

في 8/2/2020 التقىٰ الرئيس “عبد الفتاح السيسي” ونظيره الجزائري “عبد المجيد تبون”، في مقر إقامته بأديس أبابا على هامش قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي، وهنَّأ الرئيس “السيسي” الرئيس “تبون” على اجتياز الجزائر للمرحلة الانتقالية، وانتخابه رئيسًا للجمهورية.

في 18/7/2019 قام “عبد القادر بن صالح” رئيس الجزائر بزيارة مصر، واستقبله الرئيس “عبد الفتاح السيسي”؛ حيث بحث الجانبان سُبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، لا سيما في مجالات الاقتصاد والتجارة وتبادل الاستثمار، بالإضافة إلى الصعيد الأمني وتبادل المعلومات.

في 25/6/2014 قام الرئيس “عبد الفتاح السيسي” بزيارة الجزائر؛ حيث التقىٰ سيادته بالرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة”، ووجَّهَ “السيسي” في زيارته الأولىٰ منذ انتخابه رئيسًا لمصر، “التحية والتقدير” للجزائر شعبًا ودولة وقيادة، مشيرًا إلى أنه يريد مِن خلال الزيارة، تقديم التهنئة شخصيًا للرئيس “بوتفليقة” والشعب الجزائري على الاستحقاق الرئاسي، مؤكدًا أنَّ زيارته تهدف إلى “إطلاق تفاهم حقيقي ورؤية موحدة للمصالح المشتركة بين مصر والجزائر والمنطقة”، واصفًا الإرهاب بأنه مشكلة تحتاج إلى تنسيق المواقف والعمل لمجابهتها سويًا.

• العلاقـــــات الاقتصادية

كشف التقرير الذي أعدَّهُ مكتب التمثيل التجاري بسفارة مصر بالجزائر عن تحقيق مصر زيادة في صادراتها غير البترولية للجزائر بنسبة 10% خلال النصف الأول مِن عام 2021 بالمقارنة بذات الفترة مِن العام الماضي، على الرغم مِن التأثير السلبي لجائحة كورونا على الاقتصاد الجزائري.

– زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والجزائر بنسبة + 15.4% ليصل إلى ما قيمته 392.7 مليون دولار.
– زيادة معدل تغطية الصادرات للواردات لتصل نسبته + 420.8%.
– زيادة الصادرات المصرية بنسبة + 19.4% لتصل إلى 317.7 مليون دولار بعد أنْ كانت265.7 مليون دولار خلال ذات الفترة مِن العام الماضي.
– زيادة الواردات المصرية مِن الجزائر بنسبة +1.1% لتصل قيمتها 75.4 مليون دولار بعد أن كانت 74.6 مليون دولار، لتعتلي مصر المرتبة الـ 15 لأهم الدول المُصدِّرة للجزائر، والمرتبة الـ 24 لأهم الدول المستوردة منها.

• العلاقـــــاتُ الثقافية

تُعد الثقافة إحدىٰ الجسور التي تربط بين الشعبين الجزائري والمصري؛ حيث تبذل وزارة الثقافة المصرية بالتنسيق مع السفارة المصرية بالجزائر جهودًا مُضنية مِن أجل دفع التعاون الثقافي بين مصر والجزائر قُدُمًا، كما أنَّ هناك اهتمامًا بالبُعد الثقافي في العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين على مَرِّ العصور، وذلك على اعتبار أنَّ الثقافة هي المرآة العاكسة لطبيعة العلاقات بين البلدين باعتبارها مستودع المنجز الإنساني على مدار التاريخ، وهو ما أكد عليه مرارًا وزير الثقافة الجزائري “عز الدين ميهوبي” في مطالباته الواضحة للمثقفين مِن الجانبين المصري والجزائري بضرورة تعزيز التعاون بينهم في مجالات السينما والمسرح والأدب والتراث، بالشكل الذي يقوي علاقات التوأمة بين الطرفين ليعيد مجد التعاون بين الدولتين الذي يمتد إلى قرونٍ غابرة؛ حيث لا تزال أهرامات مدينة تيبازة بالجزائر شاهدة عليها حيث تحتضن قبر “كليوباترا سيلينا” ابنة كليوباترا ملكة مصر.

• العلاقـــــاتُ العسكرية

– في 1/12/2021 التقىٰ الفريق “أسامة عسكر”، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، على هامش معرض مصر الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية “EDEX 2021″، المقام بمركز مصر للمعارض الدولية، مع الفريق “السعيد شنقريحة”، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، وناقش الجانبان سُبُل دعم المجالات العسكرية والأمنية، معربين عن تطلعهم إلى أنْ تشهد المرحلة القادمة مزيدًا مِن التعاون والتكامل في مختلف المجالات، وقد حضر اللقاءات عددٌ مِن قادة القوات المسلحة والوفود العسكرية المُرافِقة للسادة وزراء الدفاع ورؤساء الأركان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى