fbpx
معرفة

دور مشروع الضبعة النووي في تحقيق التنمية المُستدامة لمصر

كتبت: بسمة موسىٰ
تدقيق: ياسر فتحي

يعكس إعلان الأمم المتحدة عن عقد قمة العالم للمناخ بمدينة شرم الشيخ هذا العام 2022 إدراك العالم لما شهدته مصر مِن تطوراتٍ جذرية على كافة الأصعدة ومنها الصعيد البيئي، حيث حلت في المرتبة 20 عالميًا في مؤشرات التغيرات المناخية العالمي متقدمة فيه على أغلب دول العالم.

ونظرًا لإدراك مصر لأهمية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي نفس الوقت الحِفاظ على البيئة، وهي العناصر الثلاث لتحقيق التنمية المُستدامة، فقد تم تدشين العديد مِن المشروعات القومية الكُبرىٰ، وربما الأكبر في العالم، وعلى رأسها محطة بِنْبان للطاقة الشمسية، ومشروع معالجة مياه بحر البقر، ومشروع محطة الضبعة النووية لإنشاء أربع مفاعلات لتوليد الطاقة الكهربائية.

تُدرك مصر أنَّ قضيتي الطاقة والبيئة قضيتان محوريتان وأساسيتان في تحقيق التنمية المُستدامة، خاصة في ضوء التحديات الكُبرىٰ التي تواجهها مصر سواء على صعيد شُح المياه والتهديدات الأثيوبية، أو على صعيد النمو السكاني واحتياجات أكثر مِن 150 مليون مصري قبل حلول عام 2050.

ومِن هذا المُنطلق، شرعت مصر في إنشاء مشروع طَموح طال انتظاره وهو توليد الطاقة الكهربائية مِن المصدر النووي.

ومِن حينٍ لآخر يشكك البعض في جدوىٰ هذا المشروع ويرجع ذلك في الغالب إلى عدم إدراكٍ لأبعاد الموضوع.

يحتج البعض في رفضه للمشروع بموقف ألمانيا التي كانت مِن أوائل الدول التي أنشأت محطات للطاقة النووية وقررت مؤخرًا إغلاق كافة مفاعلاتها، وآخرها سيتم إغلاقه هذا العام 2022، ومِن ثَمَّ يُفهَم مِن هذا أنَّ مصر تسير عكس عقارب الساعة.

والحقيقة أنَّ هذا كلام حقٌ يُرادُ به باطل، وتدليسٌ على الناس، وغالبًا عن سوء نية وجهل، فألمانيا عضو بالاتحاد الأوروبي، وقد توافقت دول الاتحاد على توزيع الأدوار والمزايا فيما بينها بحيث لا ينافس بعضها بعضًا وإنما يكمل بعضها بعضًا.

حاليًا، فرنسا هي أكبر دولة في العالم تعتمد في تلبية احتياجاتها مِن الطاقة على المصدر النووي! نحو 80% مِن الكهرباء المولَّدة في فرنسا هي مِن المصدر النووي، ليس هذا فقط، لقد بدأت فرنسا خلال العشرين عامًا الماضية، بعد أنْ صارت لديها ميزة نسبية وتنافسية في هذه الصناعة، في تصدير الكهرباء المولدة نوويًا لباقي دول الاتحاد ومنها ألمانيا، بحيث يفوق عائد تلك الصادرات مِن الكهرباء ال10 مليار دولار سنويًا.

إذًا فإن القضية قضية توزيع أدوار واختصاصات ومزايا، وليس تجاهلاً لمصدر هو طاقة المستقبل ومعه المصدر الشمسي والرياح.

ولهذا انظر إلى دولٍ كالصين والهند، فإنه يتم حاليًا بناء عشرات المفاعلات النووية في تلك الدول، التي ستقود اقتصاد العالم خلال العقود القادمة، فهي مصنع العالم حاليًا ومستقبلاً.. وكيف تواصل التصنيع بدون مصادر الطاقة؟! ولهذا وضعوا أولويةً للمصدر النووي.

إنَّ مصادر الطاقة التقليدية وعلى رأسها النفط والغاز والفحم عدوة للبيئة وتتعارض مع التنمية المستدامة، فإنْ حققت التنمية الاقتصادية والاجتماعية فإنها تضر بالبيئة، وبالتالي لن تتحقق الاستدامة.

ومِن هذا المنطلق، فإن شروع مصر في إنشاء مشروع الضبعة للطاقة النووية هو توجهٌ محمود يعكسُ إدراك مصر للتطورات العالمية وخاصة أنَّ المحطات النووية تخرج “صفر” تلوث، مقارنة بغيرها مِن المحطات التي تعمل بالنفط أو الغاز أو الفحم، وفي نفس الوقت يوفر احتضان مصر لهذه الصناعة وتقنياتها مزايا أخرى متعددة وعلى رأسها، وزنًا استراتيجيًا جديدًا لمصر، فإذا نظرت لخارطة العالم ستجد أنَّ الدول الحاضنة لصناعة الطاقة النووية هي إما متقدمة أو حديثة التصنيع، فضلاً عن الاستخدامات الأخرى لهذه التقنية في مجالات الصناعة والزراعة والعلاج والغذاء وغير ذلك في كثيرٍ مِن المجالات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى