في اليوم العالمي للإذاعة.. الإذاعة المصرية عصا سحرية لأحداث مصر الهامة
كتبت: أمل البني
تدقيق: ياسر فتحي
تُعَد الإذاعة أو “الراديو” هي أم الإعلام المصري، نظرًا لمكانتها المرموقة في قلوب محبيها، فمع ظهور وسائل إعلام حديثة يظل للإذاعة رونق خاص، فمنذ نشأتها في مصر في منتصف عشرينيات القرن الـ20 كإذاعاتٍ أهلية، ثم إطلاق بث الإذاعة الحكومية عام 1934، ولها أثر وذكريات خالدة في أذهان المصريين.
لم يكن دورها هامًا في مصر فقط بل في العالم كله، فقد خصصت اليونسكو يوم الثالث عشر من فبراير يومًا للاحتفال العالمي للإذاعة؛ وذلك لزيادة الوعي بين عامة الناس والعاملين في وسائل الإعلام.
وكان للإذاعة دورٌ مشهود في أحداث مصر المختلفة، فاستُخدِمت في تشكيل الرأي العام، وتشجيع الناس على الانتفاضة ضد الاحتلال، فكانت بمثابة قوىٰ تبث في الناس الروح الوطنية وتشجعهم، وتنقل للأهالي في البيوت مايدور بأحداث البلاد والحروب أولًا بأول.
ففي ثورة 1952 لعبت الإذاعة الدور السياسي الأول لها، حيث توجه الضباط الأحرار في السادسة والربع مِن صباح يوم 23 يوليو لعام الثورة إلى استوديوهات الإذاعة بشارع علوي، وأعلن”أنور السادات” بداية عهد جديد، منهيًا العصر الملكي، واستخدمت كسلاحٍ في تشكيل الرأي العام، حيث قامت بتقديم 51 حديثًا وطنيًا، و 35 برنامجًا خاصًا، و 17 تمثيلية إذاعية وطنية، و37 قصيدة شعرية وزجلية تؤيد الثورة وتشرح أهدافها؛
ومنذ ذلك الحين أصبح للإذاعة دورٌ مرموق ورائد في نقل البيانات والخطب السياسية.
وفي 26 يوليو لعام 1956 أخذ “جمال عبد الناصر” الإذاعة منبرًا لإعلان بيان تأميم قناة السويس، فمازال صوته ينبض في آذان جميع المصريين بجملته الشهيرة
“تُؤمَّم الشركة العالمية لقناة السويس العالمية شركة مساهمة مصرية”، والتي اهتزت شوارع مصر عند سماعها بالفرحة،
ومالبث وأنْ قامت القوات المهاجمة لمصر بقصف أجهزة الإرسال الخاصة بالإذاعة المصرية في منطقة “أبو زعبل” مما أدىٰ لتعطيل الإرسال.
وبعد نكسة 1967 لعبت الإذاعة دورًا براقًا في إعادة الثقة والتوازن للشعب المصري، مِن خلال الخطابات وقصص الفدائيين والأغاني؛ لإعادة بث الحماس في نفوس المصريين مرة أخرى، وعلى رأس تلك الأغنيات عدى النهار، وفدائي، وراية العرب للفنان عبدالحليم حافظ، وأصبح عندي الآن بندقية لأم كلثوم، وأغنية حيَّ على الفلاح للموسيقار محمد عبد الوهاب وغيرهم.
ومع حرب أكتوبر 1973 كانت الإذاعة بمثابة رفيق حي يُنقَل مِن خلالها ما يدور على جبهة القتال، حيث ضُمت الإذاعات في بث موحد، وتم عمل غرفة عمليات لمتابعة أحداث الحرب وأخذت فرق إذاعية تصاريح مِن القوات المسلحة لتغطية وقائع الحرب مِن مواقع القتال، فبث حوالي 56 بيانًا عسكريًا لجميع أحداث الحرب بداية مِن العبور واقتحام القوات المسلحة خط بارليف.
ومِن أهم البيانات التي تم إذاعتها وتظل خالدة ومتوارثه في نفوس المصريين على مَر الأجيال، هو بيان النصر والذي تضمن محتواه “نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس على طول المواجهة، وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقى للقناة، وتواصل قواتنا حاليًا قتالها مع العدو بنجاح”، وهنا امتلأت شوارع مصر بالفرحة العارمة بعد أنْ شعروا بحلاوة النصر والكرامة والنضال والحرية والاستقلال”.
ومنذ بيان العبور تسابق المطربون باستديوهات الإذاعه لتسجيل الأغاني الوطنية التي مازالت كامنة في نفوس الجميع، ومنها (عاش اللي قال، وصباح الخير يا سينا، وباب الفتوح، وأول خطوة في أرضك ياسيناء، وياصباح النصر) وغيرهم.
ومنذ عام 1973 وحتى بداية أبريل عام 1981، بدأت حِقبة جديدة للإذاعة المصرية حيث طبق نظام الشبكات الإذاعية، وبمقتضاه أصبحت الإذاعة تتكون مِن سبع شبكات، ثم تم نقل البث الإذاعي للنايل سات، وظهرت الإذاعات الخاصة عام 2003، ومع التطور التكنولوجي ظهرت الإذاعات الأون لاين.