ثقل إقليمي وفوائد اقتصادية..غزو مصري لسوق الطاقة الأوربية عبر بوابة “اليونان”
كتب: جرجس خليل
تعهد رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، بأن تعمل بلاده على ربط مصر بسوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي من خلال مشاريع الربط الكهربائي التي وقعت مصر بشأنها مذكرتي تفاهم مع اليونان وقبرص مؤخرًا.
وقال رئيس الوزراء اليوناني، خلال القمة التي عقدها مع الرئيس عبدالفتاح السيسي بالعاصمة اليونانية أثينا، إن اليونان ستكون محور ربط لنقل الطاقة بين مصر وأوربا لنقل الطاقة.
وأضاف “ميتسوتاكيس”، أن هذا سيسمح في النهاية لمصر بتعزيز دورها كلاعب إقليمي رئيسي في مجال الطاقة، لاسيما في ظل أزمة الطاقة العالمية الحالية.
ووصف “السيسي” خلال القمة المشتركة مع “ميتسوتاكيس” بأن الاتفاق الثلاثي في مجال الربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان بالهام الذي جاء استكمالًا لتوقيع إتفاقيتيّن لربط الشبكة الكهربائية في مصر مع كل من اليونان وقبرص على المستوى الثنائي، ما يُعد خطوةً تمهيدية تُقرب من الهدف المشترك الذي تطمح إليه الدول الثلاث؛ ألا وهو الربط الكهربائي مستقبلاً مع بقية أرجاء القارة الأوروبية.
مركز إقليمي
تسعى مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز في البحر المتوسط، من خلال الاستفادة بمحطات الإسالة التي تملكها، التي يمكن من خلالها استيراد الغاز المكتشف في دول شرق المتوسط، من أجل تسييله وإعادة تصديره، خاصة لأوروبا، ما يؤكد على أهمية الدور المصري في مستقبل غاز شرق المتوسط بموقعها الاستراتيجي والبنية التحتية القوية المتاحة والاكتشافات الغازية الكبرى التي حققتها؛ ما يجعلها أفضل خيار استراتيجي واقتصادي وفني لاستغلال غازات شرق المتوسط.
وتتبنى مصر سياسة ذات هدفين، الأول تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإمدادات المحلية، والثاني التصدير من المنشآت وشبكات الأنابيب المتوفرة باستيراد الغاز من الدول المجاورة، ورغم الاحتياط الضخم لحقل «ظهر»، الا أن الإمدادات المحلية تلبى حاجات مصر الغازية لسنوات محدودة فقط، في ظل الطلب المحلى العالي الذي يزداد سنويا بنسب مرتفعة، ومن ثم تبنى سياسة توجيه الغاز المصري إلى السوق المحلية والاعتماد على الغاز المستورد من الدول المجاورة لإعادة التصدير.
وتهدف مصر إلى جذب الغاز الخام المكتشف في في دول شرق المتوسط، ودول المنطقة الأخرى ومعالجته في منشآتها قبل إعادة تصديره أو استغلاله في الصناعات المصرية، ما يعود بالنفع الكبير على الاقتصاد القومى المصرى؛ من تحصيل رسوم مقابل استخدام المنشآت الحكومية مثل محطات تسيل الغاز وأنابيب النقل ومن خلال إدخاله فى مشروعات تحقق قيمة مضافة له وتعظم قيمة العائد منه، مثل مشروعات إنتاج المواد البتروكيميائية.
خطوة طموحة
حصل مشروع “يورو أفريكا” الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، الذي سيربط شبكات الكهرباء في مصر واليونان وقبرص، على دفعة كبيرة نهاية الأسبوع الماضي بعد أن وقعت مصر مذكرات تفاهم مع اليونان وقبرص. وبموجب مذكرة التفاهم المبرمة مع اليونان، سينشيء البلدان كابل بحري يربط بين شبكتي الكهرباء الخاصة بهما، ما منح مصر نافذة لتبادل الكهرباء مع أوروبا.
وتنتج مصرالتي تعهدت بإنتاج 42% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، فائضًا من الطاقة الشمسية يصعب تخزينه، بفضل الانتهاء من مجمع بنبان العملاق للطاقة الشمسية في أسوان، كما ان لديها طموحات بأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة ومصدرًا هامًا للطاقة الخضراء.
ربط كهربائي
وقعت كانت مصر وقبرص مذكرة تفاهم لتسريع خطط الربط الكهربائي بين البلدين، ووفقا لوزيرة الطاقة القبرصية ناتاشا بيليدس، خلال حفل التوقيع: “إن تعزيز شبكات الكهرباء والسماح بمزيد من التكامل لمصادر الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة الخاص لكلا البلدين، وأيضا تعزيز أمن إمدادات الطاقة وتمكيننا من أن نصبح مصدرين للطاقة، كل هذا ليس سوى بعض الفوائد الملموسة من مشروع الربط الكهربائي”.
المشروع يسمح لكل من القاهرة ونيقوسيا بتبادل ما يصل إلى 2 جيجاوات من الكهرباء، ,يمكن أن يرتفع هذا الرقم إلى 3 جيجاوات مستقبلا.
تربط المرحلة الأولى من المشروع، التي تبلغ قيمة استثماراتها 2.5 مليار يورو، شبكات الكهرباء في الدول الثلاث، ومن المقرر بدء التشغيل بحلول ديسمبر 2023 بطاقة أولية 1 جيجاوات، وفقًا للموقع الرسمي للمشروع.
كان المشروع قيد الإعداد منذ فترة، إذ وقعت الدول الثلاث الاتفاقية الإطارية في عام 2019م ويأتي في وقت تعاني فيه أوروبا من أزمة في مصادر الطاقة.
وأثار رئيس الوزراء اليوناني في اجتماع القادة الأوروبين في العاصمة البلجكية وعاصمة الاتحاد الأوربي بروكسل، موضوع إمكانية تلقى إمدادات غاز مُنتظمة من مصر.
في سياق متصل أحرزت مصر تقدمًا في مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، إذ أعلن عن التحالف الفائز بعقود تنفيذ الربط بين شبكتي الكهرباء بين البلدين في اكتوبر الجاري.
وفقًا لما سبق فإن مصر تتجه بصورة مباشرة وسريعة إلى اعتمادها مركز إقليمي للطاقة في الشرق الأوسط، سواء عبر مشاريع الربط الكهربائي إلى مع قبرص واليونان، وإلى أوروبا عبر بوابة اليونان، ما يمثل ثقل إقليمي وفائدة قصوى للإقتصاد المصري.