السودان .. بين “كرسى” البرهان و”منزل” حمدوك!
كتب – شريف سمير :
البرهان فى الرئاسة .. وحمدوك فى المنزل .. حتى الآن هذا هو السيناريو الأخير الذى انتهت إليه أحداث السودان المشتعلة على مدار أسابيع عصيبة شهدت سجالا خطيرا بين المكونين العسكرى والمدنى، لتعيش البلاد أحرج أزمة سياسية وأمنية منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير.
وتراقب أطراف إقليمية ودولية التطورات القائمة وتفاعلات الصراع، لاسيما عقب حملة الاعتقالات التي طالت شخصيات سياسية بارزة ووزراء وزعامات حزبية سودانية، وصولا إلى وضع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تحت الإقامة الجبرية، وسط استنفار أمنى بالبلاد.
كما تصاعدت ردود الأفعال الخارجية إزاء المشهد الدراماتيكى، فقد رأى فريق أن إلغاء الاتفاق الدستوري وعزل حمدوك، واعتقال عدد من المسئولين والوزراء، فضلا عن السيطرة على مبنى التليفزيون، وإغلاق مطار الخرطوم، وتعليق الرحلات الجوية وقطع الاتصالات والإنترنت، هى تحركات تضرب التسوية السلمية فى مقتل، وتعيد السودان إلى نقطة الصفر.
ويتوقع الفريق المعارض عودة الفوضى والعقوبات والإدانات الدولية، بالإضافة إلى تكرار المأساة السورية أو الأزمة الليبية، فى ظل حالة تمرد مسلح فى مناطق بعينها، وفتح الحدود أمام وفود المهاجرية الفارين من المعارك المحتملة، انتهاء بتأثير سلبى على العلاقات الاقتصادية مع الخارج.
وفى المقابل، يستبعد فريق آخر وضعا مماثلا لما يحدث فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، انطلاقا من أن أصحاب المصالح فى استقرار السودان وهدوء الأوضاع داخله أكثر من أصحاب المصالح فى تفكيكه وتقسيم أراضيه، وتحديدا روسيا والولايات المتحدة، وهو ما عبرت عنه الاتصالات والتحركات الأمريكية الأخيرة من قبول التدخل العسكرى.
ولكن هل تهدأ العاصفة فى الداخل؟! .. ما أقدمت عليه القوى السياسية السودانية يبوح بعكس ذلك، فقد دعا الحزب الشيوعى السودانى إلى إعلان الإضراب السياسى والعصيان المدنى، فيما دعا تجمع المهنيين السودانيين المواطنين للخروج إلى الشارع والمظاهرات الغاضبة .. ووصف حزب الأمة القومى ما حدث بأنه ”انتهاك للوثيقة الدستورية وعمل غير شرعى”، وصولا إلى موقف حزب التجمع الاتحادى بحشد الجماهير لـ “حماية الثورة”.
ويسير رئيس مجلس السيادة العسمرى عبد الفتاح البرهان بعينين إحداهما على الخارج فى انتظار الدعم والمساندة والتأييد لقراره بإحكام قبضته على البلاد الغارقة فى الفساد والدمار والضياع .. والعين الأخرى تنظر بعناية وحذر لموجات الغضب الشعبى والتحرك المدنى وتبحث عن صيغة سياسية ملائمة ومُرضية بعد الإطاحة بالحكومة المنتخبة والرغبة فى معرفة “البديل الأنسب”!.
