بحث علمي يؤكد خطورة سَد النهضة
كتبَ: د. محمد كمال الجيزاوي
تدقيق لغوي: ياســـــر فتحي
نشرت مجلة”remote sensing” وهي مجلة علمية أكاديمية دولية محكمة في عددها الحالي بحثًا يتناول تقييم تأثير ملئ سد الألفية الإثيوبي المعروف بسد النهضة الإثيوبي الكبير وآثاره الحادة المُحتملة على دول المَصَب.
البحث مشترك بين فريقٍ بحثي مِن جامعة تكساس، ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وجامعة تشابمان بالولايات المتحدة، وشارك فيه مِن مصر الدكتور هشام العسكري مِن كلية العلوم جامعة الإسكندرية، والدكتور عمرو فوزي مِن المركز القومي لبحوث المياه، والدكتور محمد عبد العاطي مِن وزارة الموارد المائية والري المصرية.
يبين البحث استنادًا إلى الكثير مِن البيانات والرسوم البيانية والصور المستمدة مِن القمر الصناعي حدوث تغير في مستوىٰ الإزاحة أو الرسوب في المستوىٰ في بناء السد، يتراوح بين 20 سم إلى 90 سم، ويحذر البحث مِن أنه مع الزيادة في البناء واستمرار فترات الملء، قد تتحول هذه المستويات المتفاوتة مِن النزوح إلى تهديدٍ مباشر وخطر على استقرار الهيكل وبالتالي يمكن أنْ تشكل تهديدًا لمناطق المصب مثل السودان، في حالة الفشل المُحتمل.
وتزيد الخطورة بالنسبة للسد المساعد والذي رفع كمية التخزين إلى 74 مليار م3 وهو سَدٌ صخري يرىٰ الباحثون أنه العنصر الأكثر إثارة للجدل في سد النهضة، وأن الشكل الهندسي غير العادي للسد وطبيعة الخصائص الجيولوجية للتربة المحيطة يساهمان في قضايا تتعلق بسلامة السد.
كذلك يرى الباحثون أن الملء السريع للسد قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة وهبوط غير منتظم، مما يجعل سلامة السد في خطر كبير.
تثير هذه الدراسة تساؤلات حول الاستقرار وبالتالي السلامة فيما يتعلق بهيكل السد، لأن العواقب في حالة الفشل وخيمة.
وتقدم الدراسة إنذارًا مُبكرًا بشأن المخاطر الهائلة التي يتعرض لها عدد كبير مِن السكان في السودان قريبًا في حالة تعرض السد للانهيار نتيجة عدم مراعاة الآثار السلبية المترتبة على بناء السد.كما أنه في كل الأحوال فإنَّ السد سيؤدي في سنوات الملء إلى عجز مائي لمصر تختلف حدته تبعًا لعدد سنوات الملء وكونها مِن سنوات الفيضان أم الجفاف. فكلما قلت سنوات الملء زاد التأثير السلبي للسد على مصر. سواء من حيث كمية المياه المتوافرة للأغراض المختلفة، أو تأثير ذلك بإحداث تغييرات مناخية رئيسية، ناهيك عن الأثر الاقتصادي على كافة مناحي الحياة في مصر.
ويوضح البحث أنَّ مصر والسودان لم تكونا بعيدتين عن هذه المخاطر ولم تصمتا عليها، بل تشاركت مصر والسودان على نطاق واسع وعالمي المشكلات السابقة وناقشتها من خلال المحافل الدولية ووسائل الإعلام في ضوء نقص الوثائق العلمية التي تعالج هذه المخاوف التي يمكننا الاعتماد عليها؛ بسبب التعنت الإثيوبي في تقديم هذه البيانات والوثائق بشكل وافي.
وتنتهي الدراسة إلى أنه بالنظر إلى العواقب الكُبرى على دول المصب نتيجة التجاهل الكامل لكافة المخاطر المترتبة على بناء السد، فإنه من الضروري أنْ يتم التحقيق في الأسئلة حول حالات النزوح الرأسي المختلفة والإجابة عليها مِن قِبَل السلطات المَعنية مِن أجل تعاونٍ سِلمي ومُنتِج بين جميع البلدان المعنية، كما تدعو إلى مزيد من التحقيقات العلمية المناسبة، والحاجة الماسة للتنسيق اليومي وتبادل البيانات مع دول المصب فيما يتعلق بمستويات الإزاحة ومعدلات هطول الأمطار والمياه الواردة مِن السد وجودتها وهو ما ترفضه إثيوبيا بالمخالفة لكل القوانين والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأنهار الدولية.
لقراءة وتحميل البحث