إنهيار بنك وادي السيليكون الأمريكي ومخاوف من أزمة اقتصادية عالمية جديدة
كتبت: نهال مجدي
شهدت الولايات المتحدة العديد من الأزمات الإقتصادية وأزمات إفلاس للبنوك عدة، ويبدو أن المشهد سيتكرر الآن مع اقتراب بنك وادي السيليكون من حافة الإفلاس.
وفي اول رد فعل للأزمة، أغلقت الجهات المنظمة للخدمات المصرفية في كاليفورنيا، أمس، مجموعة “إس.في.بي” المالية، وذلك في أكبر انهيار مصرفي منذ الأزمة المالية العالمية، وتحركت سريعا لحماية المودعين في البنك الذي يركز أنشطته على الشركات الناشئة.
وأفاد بيان بأن الجهة التنظيمية أسندت الوصاية القضائية على البنك إلى المؤسسة الفيدرالي لتأمين الودائع التي ستتصرف في أصوله.من المقرر إعادة فتح المكتب الرئيسي وجميع فروع بنك وادي السيليكون في 13 مارس، وسيتمكن جميع أصحاب الودائع المؤمن عليها من الوصول بشكل كامل إلى ودائعهم في موعد أقصاه صباح يوم الاثنين.
وجدير بالذكر ان بنك وادي السيليكون هو ممول رئيسي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا..ويواجه الأزو أزمة مالية حادة بسبب الرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل قياسي على مدار العام الماضي بنسبة 4.50% إلى 4.75%.
هذا بخلاف عجزه عن سداد فوائد الودائع لعملائه، ما دفع العملاء إلى سحب ودائعهم، وهو ما ادي لتراجع قيمة السهم بنسبة 24%..
وبدأت الأزمة مع منتصف الإسبوع الماضي حيث أبدت وكالة موديز للتصنيف الإئتماني قلقها من تدهور اداء البنك، وإستعدادها لخفض تصنيفه الي ان أعلنت أمس الجمعة ان وضع البنك بدأ ينذر بإفلاسه، وهو اسوء أزمة مصرفية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008.
وتسببت تلك الأخبار في فرار المستثمرين من البنك. وشهدت الأسهم أكبر انخفاض لها في يوم واحد على الإطلاق، حيث تراجعت أكثر من 60 % وتراجعت أكثر في تعاملات ما بعد الإغلاق.
وبالفعل تسبب انهيار يوم الجمعة في توتر بالأسواق العالمية وأسهم البنوك المتعثرة، فيما يشعر المستثمرون بالقلق من أن الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة الفيدرالية لمحاربة التضخم تكشف نقاط الضعف في النظام المالي الأمريكي.
كما تسببت الأزمة أيضًا في حدوث موجات من الصدمة في اقتصاد الشركات الناشئة في كاليفورنيا ، حيث إن العديد من الشركات غير متأكدة من مقدار الودائع التي يمكنها استردادها والقلق بشأن كيفية تغطية كشوف المرتبات.
ويتوقع أكبر مدير للأصول في العالم بنك “بلاك روك” الأمريكي أن مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي سيتجه إلى رفع معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 6%، ومن ثم الإبقاء على هذا المعدل المرتفع لفترة طويلة، لحين الوصول إلى الهدف المثالي للتضخم والهبوط به لمستوى 2%.
ويعتزم بنك وادي السيليكون إصدار أسهم بقيمة 20 مليار دولار لتعزيز موارده المالية وإعادة المخصصات لمستواها الطبيعي، بعد خسارة كبيرة في محفظته الاستثمارية، جراء تبخر السيولة المالية لديه في سداد فوائد الودائع لعملائه على مدار السنة الماضية.
وقالت المصادر إن تلك الصفقة ستؤدي إلى خسارة ، لكن إذا تمكن بنك وادي السيليكون من سد فجوة التمويل هذه عن طريق بيع الأسهم ، فإنها ستتجنب خفض التصنيف متعدد المستويات.
والفعل سارع المديرين التنفيذيين بالبنك في البدء بخطوات فعلية لحل الأزمة بعد توادر اخبار عن اعتزام وكالة موديز تخفيض تقييمه خلال الاسبوع الجاري.
ولكن تلك الخطة جاءت بنتائج عكسية.
أخافت أخبار بيع الأسهم العملاء، وخاصة الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا ، التي سارعت لسحب ودائعها، مما أدى إلى زيادة رأس المال. تدخل المنظمون يوم الجمعة ، وأغلقوا البنك ووضعوه في الحراسة القضائية.
وعلى جانب أخر، خسرت أكبر أربعة بنوك بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن بينها بنك جي بي مورغان (JPMorgan) وويلز فارغو (WELLS FARGO)، خلال تداولات يوم الخميس الماضي، ما يزيد على 50 مليار دولار من القيمة السوقية.
وفي أول رد فعل لإحتواء الأزمة أغلقت الجهات الرقابية الأمريكية بنك “سيليكون فالي”، وسيطروا على ودائع العملاء، وفي الوقت نفسه يسعى البنك بكل السبل لجمع الأموال لسد خسارة من بيع الأصول المتأثرة بأسعار الفائدة المرتفعة.
وقال المسؤولون إنهم تحركوا من أجل “حماية المودعين المؤمن عليهم”.
وحدث الانهيار بعد أن قال بنك “سيليكون فالي” إنه يحاول جمع 2.25 مليار دولار لسد الخسارة الناجمة عن بيع الأصول، وخاصة السندات الحكومية الأمريكية، المتأثرة بارتفاع أسعار الفائدة.
وتكمن خطورة هذه الأزمة التي يعاني منها هذا بنك وادي السيليكون هو تعيد الى الأذهان إرهاصات الأزمة الإقتصادية الحادة التي طالت الولايات المتحدة ووجدت صداها في العالم كله في 2008 والتي بدأت بإفلاس بنك ليمان براذرز (Lehman Brothers) في سبتمبر 2008.
وكان السبب في انهيار بنك الاستثمار الأمريكي (ليمان براذرز) هو أزمة الرهن العقاري، عندما عجز المئات من العملاء عن سداد أقساط الرهن العقاري ما تسبب في إفلاس البنوك بعدما عجزت عن سداد التزاماتها للعملاء وتغطية حجم الائتمان المتضخم في الرهن العقاري (Mortgage).
تأسس بنك وادي السيليكون (Silicon Valley Bank) عام 1983 ويقع مقره الرئيسي في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ويعد من أكبر البنوك المصرفية في العالم التي تقدم خدماتها لشركات التكنولوجيا والابتكار، ويخدم عملاء في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين والهند والأوروبية والآسيوية والعديد من البلدان الأخرى. يقدم البنك خدمات مصرفية شاملة للشركات في هذه الصناعات، بما في ذلك التمويل والخدمات المصرفية الاستثمارية والمدفوعات وإدارة الأصول والخدمات اللوجستية وغيرها.
