لعبة بوكر
كتبت-نهال مجدي:
من السهل أن تتوقع متي تبدأ حرباً وفق الحسابات العسكرية والاقتصادية والسياسية، ولكن من المستحيل ان تتوقع أين وكيف ومتي تنتهي وحجم خسائرها. كما ان هدف الحرب تحقيق أهداف، مجرد وسيلة لتصل بك اما لطاولة التفاوض واما لتحقيق اهدافك كلها.
ولكن ماذا لو استطعت تحقيق أهدافك بالطرق الدبلوماسية او الضغوط السياسية لدرجة حتي التلويح بالحرب؟ الإجابة المنطقية والبديهة هو ان في هذه الحالة تكون الحرب غير مجدية ولن تحقق سوى الخسائر، وهو بالتأكيد ما لا يرغب فيه طرفي النزاع.
هذا السؤال مفتاح جيد لفهم الأزمة بين روسيا وأوكرانيا..او بشكل أدق الصراع بين روسيا من جهة وأوروبا وحلف الناتو والولايات المتحدة من جهة أخري على الأراضي الأوكرانية.
بوتين يريد أن يبتعد حلف الناتو بصواريخه وأسلحته الأمريكية عن مناطق النفوذ الروسية، وخاصة دول الإتحاد السوفيتي السابق وألا يضمهم للحلف..وهي نفس الفكرة التي أشعلت الحرب البارده في ستينات القرن االماضي عندما نشر الإتحاد السوفيتي صواريخه في كوبا بالقرب من الحدود الأمريكية وفي مرحلة ما كاد الأمر يصل لحرب نووية.
وفي المقابل تريد الولايات المتحدة أن تؤكد وجودها كقوة عظمي وحيدة في العالم عن طريق الضغط علي المنافس التقليدي لها (روسيا) وحليفتها التي تعد الخصم الجديد والقوة العظمي الصاعدة ) الصين).
وربما كانت تلك نقطة التخوف الرئيسة لدي الكاوبوي الأمريكي والتي أكد عليها الدب الروسي خلال لقاءه بالرئيس البرازيلي مؤخرا عندنا اكدا علي وجود نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب لا مكان فيه لقوة عظمي وحيدة.
كما أوضح التنين الصيني بما لا يدع مجالا للشك دعمه لموسكو في هذه الأزمة علي لسان وزير الخارجية، وفي نفس الوقت تحدي بوتين الحصار الدبلوماسي الذى كانت تحاول واشنطن فرضه علي اولمبياد بكين، وكان من أوائل الزعماء الذي اكدوا حضور حفل الافتتاح.
وحتي هذه اللحظة تتبادل كلا من موسكو وواشنطن خطوات التصعيد والتحدي وكلاهما يعلم ان الغلبة في النهاية لمن يمتلك هدوء الأعصاب والقدرة علي مواصلة تحمل الضغط حتي يستسلم الخصم لارادته.
وحتي الأن نجح الرئيس بوتين ببراعة في ارتداء وجه لاعب البوكر الذي لا تستطيع ان تتوقع خطوته التاليه أو لأي مدي قد يتحمل الضغط قبل ان ينفجر غضبه.