fbpx
أخبار العالمأخبار محليةسلايدر

“اليمن”..  الأمن والغذاء يسطران صفحات جديدة في فصول الأزمة الإنسانية 

كتب: شريف سمير

تدقيق لُغوي: إسلام ثروت

 

إذا ذُكر اليمن، ذُكرت معه الحرب والمجاعة؛ لنرى الملايين من الشعب يتجرعون مرارة “كأس” القتال الشرس بين ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران، وفي الكأس الأخرى يعيشون تحت خط الفقر ونقص الغذاء؛ بما ينذر بالموت البطئ يوميًا. وكشف أحدث تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي (CSIS)، ومقره واشنطن، عن تضاعف هجمات الحوثيين ضد السعودية، خلال العام الجاري مقارنة بـ ٢٠٢٠م، وحلل المركز ٤١٠٣ هجمة حوثية انطلقت من الأراضي اليمنية ضد السعودية، وضد أهداف أخرى، مثل الأهداف البحرية في الخليج، وبحسب التقرير، فإنه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، بلغ متوسط هجمات الحوثيين على السعودية ٧٨ هجمة شهريًا، مقارنة بـ ٣٨ هجمة كمتوسط شهري العام الماضي، فضلًا عن أن استراتيجية الحوثيين استهدفت منذ عام ٢٠١٦م البنية التحتية الحيوية، والأصول البحرية المدنية بالقرب من مضيق باب المندب، بل واستفاد الحوثيون من التحسينات في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، والذخائر الإيرانية المتقدمة والمركبات الجوية بدون طيار، ووسعوا نطاق استهداف ناقلات النفط السعودية، في محاولة لتعطيل سلسلة التوريد السعودية والتأثير على تدفق النفط.

وأوضح التقرير أن إيران ساندت الحوثيين بقيادة فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثورى الإيراني، ووفرت الأسلحة والأنظمة للميليشيات، وصولًا إلى تدريب مقاتلي الجبهة على استخدام الطائرات بدون طيار داخل حدودها، بما في ذلك قاعدة كاشان بالقرب من مدينة أصفهان.

 

وبينما تجتاح الغارات الجوية والصواريخ الباليستية سماء اليمن؛ يواجه ملايين الأطفال شبح الفقر والمجاعة المخيف تحت أقدامهم، بعد أن أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منذ يومين أنّه سيضطر إلى تقديم حصص غذائية مخفضة لنحو ٨ ملايين شخص في اليمن ابتداءً من الشهر المقبل نتيجة نقص التمويل، وحذّر البرنامج من “نفاد الأموال” والذي سيعرقل مواصلة تقديم المساعدات الغذائية التي يمنحها لـ ١٣ مليون يمنيٍ، ليتبقى ٥ ملايين معرضين لخطر الانزلاق نحو الجوع في انتظار وصول الحصص كاملة.

وتركت حرب الحوثيين آثارها القاتلة على أسوأ أزمة إنسانية في العالم- باعتبار أن ٨٠ ٪ من الشعب اليمني يعتمد على المساعدات-؛ حيث مقتل مئات آلاف من الأشخاص، ونزوح ملايين السكان عن منازلهم إلى مخيمات مؤقتة.

 

وقالت المديرة الإقليمية لبرنامج “الأغذية العالمي” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كورين فليشر :”في كل مرة نقلل كمية الغذاء، نعلم أن المزيد من الأشخاص سينضمون إلى صفوف ملايين الجوعى”، موضحة أن البرنامج يحتاج إلى ٨١٣ مليون دولار لمواصلة مساعدة الفئات الأكثر ضعفًا في اليمن حتى مايو المقبل، علمًا بأن المحصلة قد تبلغ ١٫٩٧ مليار دولار لمواصلة الإغاثة قبل نهاية ٢٠٢٢م.

 

ويكفي أن تشعر بعمق المأساة عندما تستمع إلى منير محمد، المعلم في مدرسة ريفية بمحافظة ذمار، وسط اليمن، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو يقول إن معظم وجبات اليمنيين خصوصًا في الأرياف تقتصر على تناول الخبز والشاي، دون خيارات أخرى، وأضاف :”بسبب الحرب وإيقاف صرف الرواتب منذ نهاية ٢٠١٦م، وارتفاع الأسعار، فإن الكثيرين باتوا يعتمدون على الخبز والشاي خصوصًا في وجبتي الفطور والعشاء، والمحظوظ منهم من يستطيع شراء البقوليات”. ويعيش سكان الريف في فقر مُدقع نتيجة غياب فرص العمل، ويعتمدون بشكل أساسي على السلاسل الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، لكنها مؤخرًا باتت تفتقر إلى أصناف أخرى من المواد؛ مثل البقوليات وزيت الطهي والسكر، والمؤسف أنه في الأجزاء الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا، تراجعت قيمة العملة المحلية أمام النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي؛ إذ يعادل الدولار ١٧٠٠ ريال، بينما يستقر في مناطق سيطرة الحوثيين عند ٦٠٠ ريال فقط.

الوضع كفيل بتصاعد الاحتجاجات الشعبية في شوارع ومدن ومحافظات البلاد رفضًا لسياسة الحكومة المتهمة بالفساد وعدم المسئولية، ولاتزال الآمال مُعلَّقة بنداءات الأمم المتحدة، ومناشدتها الدولَ المانحة التبرع بسخاء لجمع ٣٫٨٥ مليار دولار لتمويل عمليات الإغاثة في اليمن، إلا أن مجموع التعهدات بلغ في النهاية نحو ١٫٧ مليار دولار لبلد محاصر بـ “نكسة” المعارك، و”نكبة” الطعام!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى