الدعم الدولي لتصحيح مسار الثورة السودانية .. مسألة وقت
تقرير: المثنى عبدالقادر الفحل
تدقيق : د. إسلام عوض
يجري رئيس مجلس الوزراء الانتقالي دكتور عبدالله حمدوك مشاورات خاصة لتشكيل حكومته التكنوقراط المستقلة المرتقبة هذه الأيام، في وقت كشفت فيه مصادر حكومية أن اجتماعًا ثلاثيًا – ضم رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي، ورئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك – انعقد بالخرطوم، ناقشوا خلاله القضايا الخلافية القائمة وتعديل الوثيقة الدستورية، وأضافت المصادر أن الاجتماع ناقش ضرورة تعديل بعض بنود الوثيقة الدستورية لتلائم الاتفاق السياسي الأخير، وتحديدًا البند (1) من المادة (15) التي تُلزم رئيس الوزراء بالتشاور مع قوى الحرية والتغيير، وأطراف العملية السلمية لتشكيل الحكومة، كما ناقش الاجتماع تشكيل الحكومة الانتقالية المرتقبة، وتعيين حكام الأقاليم، وذكرت أنه تمّ الاتفاق على تشكيل لجنة قانونية مشتركة من المكون العسكري، ومجلس الوزراء، وأطراف عملية السلام للعمل لصياغة التعديلات المطلوبة على الوثيقة الدستورية؛ لتلائم الاتفاق السياسي، وأشارت المصادر إلى أن أبرز القضايا التي ناقشها الاجتماع، التعيينات التي أجراها البرهان وحمدوك في عدد من الوزارات، ورؤية كل طرف حولها.
عضوية الاتحاد الإفريقي
إقليميا، أكدت مصادر أن تعليق عضوية السودان في مفوضية الاتحاد الإفريقى ما زالت قائمة، وأشارت إلى أن إعادة عضوية السودان رهينة بلجنة تقصي الحقائق التي قرر مجلس السلم والأمن الإفريقي إرسالها للسودان للتعرف على حقيقة الأوضاع، ومن ثم رفع تقريرها لمجلس السلم والأمن الإفريقي، الذي بدوره يرفع توصيته للاتحاد الإفريقي، وبحسب المعلومات، فإن اللجنة لم يحدد وصولها للسودان بعد، لكن يُذكر أنّ مجلس السلم والأمن الإفريقي كان قد عقد اجتماعًا في 24 من نوفمبر الماضي، أشاد فيه بتوقيع (الإعلان السياسي) لتصحيح الثورة بين البرهان وحمدوك، وقرر إرسال لجنة لتقصي الحقائق ودراسة الأوضاع والتي على أثرها سيتم رفع تعليق عضوية السودان.
انقسام الإدارة الأمريكية
كشفت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية،عن خلافات حادة داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حول التعامل مع تصيح الثورة السودانية، وقالت الصحفية إنّ اشتباكات حادة وقعت بين اثنين من كبار المسئولين في إدارة الرئيس بايدن مسئولين عن الإشراف على السودان تمحورت حول معسكر، مع فرض عقوبات وآخر ضد ذلك قاده السودان، ولفتت المجلة إلى أنّ الانشقاق أدّى إلى تعقيد الجهود الدبلوماسية الأمريكية، وأبانت أنّ الصدع الداخلي وقع بين كلّ من مبعوث الولايات المتحدة للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان الذي يفضل معاقبة الخرطوم ضد مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشئون الإفريقية مولي فاي التي تفضّل اتّباع نهج تصالحي أكثر مع القادة العسكريين السودانيين، يضاف أن المجلة الأمريكية كشفت أيضًا أنه أنّه خلال زيارة فاي مولي الأخيرة إلى الخرطوم رفضت عرض فيلتمان أنّ يكون نائبًه مرافقها في لقائها مع القادة السودانيين.
جاهزية روسية
بدوره أكد السفير الروسي لدى الخرطوم فلاديمير جيلتوف أن بلاده لا تتفق مع التفسير الغربي لما يجري من أحداث في السودان، وقال السفير في أول تصريح رسمي بالخرطوم – في مقابلة أجرتها معه قناة (RT) الروسية – أن الأحداث التي جرت كانت رد فعل على الحالة التي انزلق إليها السودان على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، والمناكفات السياسية اللامتناهية.
وأضاف جيلتوف: أوضحنا موقفنا عبر مجلس الأمن الدولي ووزارة الخارجية الروسية، وبرأيي فإن ما حدث في السودان كان مسارًا موضوعيًا وجرى فيه تصحيح نهج البلاد خلال الفترة الانتقالية، وبغض النظر عن التقييمات والتفسيرات لهذه الأحداث من قبل شركائنا الغربيين وحلفائهم في المنطقة، فإن الأمر هو تصحيح لما جرى خلال الفترة الانتقالية.
وتابع جيلتوف: إن فكرة الاستيلاء على السلطة من قبل العسكريين، يروج لها شركاؤنا الغربيون، نحن لا نتفق مع هذا التفسير وهو ما يراه زملاؤنا الصينيون وآخرون في المنطقة، وما نلمسه من أن الإدارة المشتركة العسكرية المدنية هو الحل الأفضل في فترة العامين المقبلين من الفترة الانتقالية، وأكد السفير الروسي أن السودان يقع ضمن منطقة الاضطرابات في القرن الإفريقي، وتداعيات النزاعات التي تعصف بدول المنطقة ستكون ملموسة خارج حدودها، والحديث يدور – بالدرجة الأولى – عن الكم الهائل من المهاجرين الذين سيضطرون لمغادرة مناطقهم باتجاه الشمال وهو ما يشكل كابوسًا لشركائنا في أوروبا والغرب… ولا قدر الله في حال تشرذم السودان، سيكون هذا مؤشرًا خطيرًا، ذلك لأن كتلة بشرية كبيرة للغاية ستتوجه من هذه المنطقة باتجاه الدول الأوروبية، لذلك موقفنا الأساسي هو أنه من الضروري استخدام كافة الإمكانات من ناحيتنا ومن قبل شركائنا واللاعبين الإقليميين لضمان أمن السودان، والاهتمام الذي توليه الأمم المتحدة والمحافل الدولية للسودان، يؤكد أهمية هذا البلد للجميع.
حمدوك والغربيون
إلى ذلك التقى رئيس مجلس الوزراء الانتقالي د.عبدالله حمدوك مع القائم بالأعمال بالإنابة بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالخرطوم برايان هانت، وآمبر باسكيت، نائبة رئيس البعثة، عبّر رئيس مجلس الوزراء بدايةً عن تقديره وشعب السودان للولايات المتحدة الأمريكية وإدارة الرئيس بايدن لدعم سيره نحو التحول المدني الديمقراطي، مُؤكدًا أهمية استمرار الحوار بين البلدين خلال الفترة المقبلة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن، وتطرق اللقاء إلى الخطوات العملية التي بدأت بتطبيق الاتفاق الإطاري، واستئناف العملية السياسية بالبلاد والقرار الأخير بتكليف وكلاء وزراء لتسيير مهام الحكم بمؤسسات الدولة، بالإضافة إلى الجهد الجاري لجمع مختلف قوى الشعب السوداني السياسية الفاعلة حول “الإعلان السياسي” الواردة بالاتفاق الإطاري والجدول الزمني المتوقع، من جانبه أعرب القائم بالأعمال بالإنابة أن الولايات المتحدة الأمريكية والشركاء ينتظرون خطوات عملية واضحة لتنفيذ الاتفاق السياسي، وإكمال مؤسسات الحكم الانتقالي كأساس للانطلاق نحو التحول الديمقراطي في السودان.
في سياق متصل أعرب رئيس الوزراء حمدوك عن تقديره للاتحاد الأوروبي لدعمه المستمر تجاه مسار الانتقال والتحول المدني الديمقراطي بالبلاد، جاء ذلك لدى لقاء منفصل مع سفير الاتحاد الأوروبي بالخرطوم روبرت فان دوول، وقدم حمدوك خلال اللقاء شرحًا للخطوات الحالية التي يتم تنفيذها من الاتفاق الإطاري، وتطرق اللقاء لمسار تنفيذ الاتفاق الموقع بين رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء، بجانب إطار الدعم الأوروبي الاقتصادي والسياسي للحكومة، حيث أكّد فان دوول دعم والتزام الاتحاد الأوروبي تجاه عملية التحول الديمقراطي بالسودان، من جانبه أعرب سفير الاتحاد الأوروبي عن استعداد أوروبا لتقديم الدعم بالتركيز على أولويات الحكومة الأربعة المتمثلة في السلام والاقتصاد والأمن وقضايا التحول الديمقراطي، بجانب الدعم في مجالات أخرى تحديدًا فيما يتعلق بجائحة كورونا.