أبرز انتخابات 2022 حول العالم
كتبت: نهال مجدي
تدقيق: عبد الفتاح عبد الواحد
عام 2022 مليء بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يمكن أن تعيد تشكيل الأنظمة السياسية في بلدانهم بشكل جذري، وتعد انتخابات التجديد النصفي للبرلمان الأمريكي، نوفمبر المقبل، هي الحدث الأبرز على الأجندة الانتخابية العالمية لعام 2022.
ومن المتوقع أن تكون هذه الجولة من الانتخابات مقلقة للغاية للرئيس جو بايدن، وقد تعرقل سياساته، مع زيادة التوقعات أن تصبح الأغلبية في البرلمان للحزب الجمهورى، خصوصًا أن استطلاعات الرأي تشير إلي تراجع شعبية بايدن لأدني مستوياتها.
ومع وجود تداعيات كبيرة محتملة على السياسة الخارجية الأمريكية يفرضها للكونجرس بتشكيلته الجدية بعد الانتخابات، إلا أنه على الأقل خلال العام المقبل، لن تشهد السياسة الأمريكية تغييرًا جذريًا في القيادة التنفيذية.
فرنسا
اعتبر العديد من المراقبين أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2017 -التي انتهت بجولة إعادة بين الوسطي إيمانويل ماكرون والمرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان- كانت بمثابة اختبار لمبادئ الجمهورية الفرنسية في مواجهة التيارات الشعبوية المتصاعدة، بعد أشهر من انتخاب الولايات المتحدة دونالد ترامب رئيسًا.
ومع ها دعونا لا نستبق الأحدث، فانتخابات 2022 قد تقلب الموازين مرة أخري فى الانتخابات المقبلة التي ستنعقد 10 أبريل 2022.
لوبان ، على سبيل المثال، لم تعد تمثل اليمين المتطرف في البلاد، من المؤكد أنها لا تزال متمسكة بمبادئها المناهضة للهجرة ومعادية للاتحاد الأوروبي في مواقفها السياسية وخطابها، بالرغم من تغيير هام لحزبها الذي أعاد تسمية نفسه ليصبح “التجمع الوطني” بدلًا من “الجبهة الوطنية” الأكثر تشددًا في محاولة لاجتذاب المزيد من الناخبين المعتدلين.
لكن لوبان الآن تواجه منافسة شديدة في الجناح اليميني الفرنسي متمثلة في إريك زيمور، وهو مذيع تليفزيوني حاد في أرائه، أدين مرتين بتهمة خطاب الكراهية.
وعلى الرغم من أنه هو نفسه ابن لمهاجرين جزائريين، فإن زيمور من يؤيد أيديولوجية تفوق البيض، ويقترح منع الأسماء العربية من الانتشار في المجتمع الفرنسي.
فهذا بخلاف عداء زيمور الواضح للأشخاص غير البيض في فرنسا – والمسلمين على وجه الخصوص، وانتقد ما أسماه “اليسار الإسلامي”.
وبالمقارنة، بدت رئاسة ماكرون مستقرة، على الرغم من أن شعبيته منخفضة للغاية، مثل ساركوزي وهولاند، الرئيس الحالي غير محبوب أيضًا محليًا، لكن مجرد حقيقة أن إعادة انتخابه تبدو محتملة بشكل كبير تجعلنا ندرك أن وسطية ماكرون أصبحت مع ذلك ملاذًا للناخبين من القوى المتطرفة في السياسة الفرنسية.
كما أظهرت استطلاعات للرأي جرت في 8 ديسمبر الجاري أن 25٪ من الناخبين اختاروا ماكرون، فيما تعادلت كل من ماري لوبان وفاليزي بيسيري، في المركز الثاني، بنسبة 16 % لكل منهما، فيما حصل زيمور على 14% بينما حصل العديد من المرشحين اليساريين – بمن فيهم المخضرم جان لوك ميلينشون من لا فرانس إنسوميز ، ومرشح حزب الخضر يانيك جادوت، وعمدة باريس الاشتراكية آن هيدالجو – على 8 و 7 و 5 %على التوالي.
وعلى الرغم من إمكانية حدوث تغيرات كبرى في المشهد السياسي خلال الأشهر المقبلة، فإن هذا الاستطلاع يقدم سيناريوهين محتملين لجولة الإعادة في 24 أبريل 2022، الأول هو مواجهة زيمور وماري لوبان، وبذلك يتصدع اليمين المتطرف الفرنسي، بحيث تواصل ماكرون ضد بيسيري، حيث سيكون لديها فرصة جيدة للفوز، لكن بيسيري، التي تصف نفسها بأنها “1/3 تاتشر 2/3 ميركل”، ليس لديها بعد تقدم حاسم ضد التيار اليميني، مما يجعل من المرجح أكثر أن يواجه ماكرون لوبان أو زيمور.
كوريا الجنوبية
المسلسل التليفزيوني الكوري الجنوبي “لعبة الحبار” هو في الحقيقة أكثر من مجرد دراما للترفيه، فقد أفادت برقية دبلوماسية لوزارة الخارجية الأمريكية حصلت عليها مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تلمح إلى أن العرض قد اكتسب أهمية كبيرة قبل الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية 9 مارس المقبل.
“في البرقية، أشار المسئولون إلى أن المسلسل لاقى صدى محليًا، خاصة أن السياسيين من الحزبين الرئيسيين في كوريا الجنوبية متورطون في فضائح قبل سباق 2022 تضعف حظوظهم في الحصول علي مقعد الرئيس مون جاي إن”.
مون، الذي تم انتخابه في عام 2017 ، غير مؤهل لفترة ولاية ثانية مدتها خمس سنوات، وصل مون إلى السلطة بعد محاكمة عام 2016 للرئيس السابق بارك كون هيه، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا وغرامة قدرها 17 مليون دولار في أعقاب فضيحة فساد، أعلنت مون عن خطط للعفو عن بارك في 24 ديسمبر ، ومن المقرر إطلاق سراحها من السجن في 31 ديسمبر.
بينما حصل مون على شعبية عالية بسبب تعامله مع جائحة كورونا خلال الأشهر الأولى، فقد تضاءلت شعبيته بمرور الوقت.
احتل مون عناوين الصحف في أبريل 2018 لقمة تاريخية في المنطقة المنزوعة السلاح الكورية مع رئيس كور
يا الشماليةكيم يونج أون، حيث أصبح كيم أول زعيم كوري شمالي يعبر إلى الجنوب، كما عقد مون بعد ذلك محادثات مع كيم في بيونج يانج في أغسطس 2018.
أدى ذوبان الجليد بين الكوريتين إلى ارتفاع غير مسبوق لشعبية مون ، والتي ارتفعت في عام 2018 إلى 80٪،
قد يكون هذا هو السبب الذي جعل حتى خصومه الحزبيين يتبنون لهجة أكثر تصالحية مع جارهم الشمالي المسلح نوويا مع اقتراب انتخابات العام المقبل.
المتنافسان الرئيسيان اللذان يتنافسان على خلافة مون هما لي جاي ميونج من الحزب الديمقراطي الليبرالي بزعامة مون، ويون سوك يول من حزب سلطة الشعب المعارض.
حزب الشعب الباكستاني هو تجمع جديد نسبيًا تم تشكيله في عام 2020 بعد اندماج العديد من الفصائل المحافظة الموجودة مسبقًا، يواجه كل من “لي” و “يون” اتهامات بالفساد، ومن المفارقات بالنسبة ليون، انه كان المدعي العام السابق، وقام بدور فعال في إدانة بارك.
من بين العديد من المرشحين الآخرين من الأحزاب الصغيرة، تشمل الأسماء البارزة أهن تشول سو من حزب الشعب الوسطي وسيم سانج جونج من حزب العدالة التقدمي.
تونس
لفترة من الوقت علي الاقل، تم اعتبار تونس كونها قصة النجاح الوحيدة لثورات الربيع العربي فى 2011، لكن الإجراءات الأخيرة التي قام بها الرئيس قيس سعيد قوضت الثقة في المؤسسات الديمقراطية الوليدة في البلاد.
في 25 يوليو الماضي، يوم الجمهورية التونسية، أقال سعيد رئيس الوزراء التونسي وعلق أعمال البرلمان لما قال إنه سيكون شهرًا، ومنح نفسه السلطة التنفيذية الكاملة.
واعتبر قيس سعيد تلك الإجراءات، وسيلة مؤقتة لاستعادة السيطرة على بلد هزته الاضطرابات والاحتجاجات المتعلقة بالعواقب الاقتصادية لجائحة كورونا، وبينما احتفل أنصار سعيد بهذه الخطوة وصفها آخرون بأنها انقلاب، يشك البعض في أنها ربما كانت محاولة من جانب سعيد، المستقل ، لوقف الشعبية المتزايدة لحزب النهضة الإسلامي المعتدل، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المقال، والذي كان يشغل عددًا كبيرًا من المقاعد في البرلمان.
لا يزال البرلمان معلقًا حتي الآن، وأعلن سعيد في سبتمبر الماضي تمديد تعليق البرلمان حتى إشعار آخر، كما عين نجلاء بودن أول رئيسة وزراء في تونس وكلفها بتشكيل الحكومة.
ومؤخرًا كشف سعيد عن خطوته التالية، في 13 ديسمبر، حيث أعلن أنه سيعين لجنة لمراجعة الدستور التونسي لما بعد الثورة لعام 2014 بناءً على المشاورات العامة التي تبدأ في يناير 2022، وقال أيضًا إن التونسيين سيصوتون على هذه التغييرات المقترحة في استفتاء 25 يوليو 2022، وستعقد الانتخابات البرلمانية بعد ما يقرب من ستة أشهر ، في ديسمبر 2022.
في النهاية، لن يكون للانتخابات البرلمانية في كانون الأول (ديسمبر) 2022 تأثير يذكر على مستقبل سعيد السياسي، ومن شبه المؤكد أن الدستور الذي عُرض على الناخبين في يوليو سيُصاغ لصالحه، لكن الانتخابات -حيث ينتخب الناخبون 217 عضوًا في البرلمان التونسي من خلال التمثيل النسبي للقائمة الحزبية- ستكون مؤشرًا على موقف الرأي العام من الرئيس التونسي بعد عام ونصف من خطوة اعتبرها معظم العالم غير ديمقراطية.
اعتبارًا من أكتوبر ، ارتفعت نسبة التأييد المحلية لسعيد إلى حوالي 77 في المائة، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة سيجما كونسيل والمغرب العربي، لا تزال مفارقة كبيرة في بلد لا تزال تطارده الذاكرة الحديثة للديكتاتورية.
