د. محمود طلعت يكتب: الطب الدفاعي
يعنى إيه طب دفاعي ؟!
في الأول فيه معلومة لو تحب تعرفها إن حاليا في العمليات الجراحية والمواقف الطبية الخطيرة اللى فيها تهديد مباشر لحياة المريض واللي فرص نجاة المريض فيها بتبقى ضئيلة جدا جدا.
نسبة فرص إدانة الطبيب القانونية فيها = 100 _ نسبة فرص نجاة المريض،
يعني لو مريض دخل إستقبال مستشفى بحادث عربية عنده إنفجار في الطحال وفرص نجاته لو دخل العمليات فورا ( 5% )،
فالطبيب يقرر إنه مايغامرش بإسمه وسمعته لأن فرص إدانته القانونية في المريض ده واصلة لـ ( 95% )
ويلجأ لما يعرف بالطب الدفاعي اللي هو (يا نار لا تحرقينى ولا ٱجي ناحيتك).
فيركب كانيولات ومحاليل للعيان ويديله أكسجين ويفضل واقف جنبه ويطلب فحوصات وٱشعات ودم وأدوية وعروض على أطباء الباطنة والأوعية وبكده يبقى الطبيب مشى قانونى وغلب الجانب القانونى على الإنسانى لأن الحاجات دى كلها هيتسأل عليها قدام وكيل النيابة (ولن يسأل عن الجانب الإنسانى للحالة) وبكده تصبح فرص نجاة العيان ( 0% )
وفرص نجاة الطبيب (القانونية) ( 100% )، ويتوفى الله المريض وأهله يشكروا الطبيب اللي ماقصرش.
وده وبمنتهى الأسف بالنسبة للطبيب أفضل ما يدخل العمليات وهو شايل مستقبله وتاريخه وسمعته وسمعة أسرته فى كفن على إيده والعيان يموت بعد مثابرة ومجهود ومعاناة أكبر من الطبيب ويخرج أهل العيان يعملوا فيه محضر فى النيابة ويحبسوه ويشهروا بيه وبأسرته على وسائل التواصل الإجتماعى ويبقوا ولاده ماشيين فى الشارع بيستخبوا لأن أبوهم السفاح ربيب السجون محبوس على ذمة قضية قتل مع الحرامية وتجار المخدرات والقتلة ومعتادى الإجرام.
بحكم شغلى كطبيب تخدير فأغلب الحالات اللى شوفنا فيها معجزات ونجى المريض فيها من موت محقق كانت بتعتمد بعد فضل وتوفيق ربنا على ثبات وجرأة الفريق الطبى إنه يتدخل بسرعة ويخوض حرب مستحيلة مع إحتمالية نجاة تكاد تكون معدومة لكن الطبيب المصري معروف إنه بيشتغل في أسوأ الظروف ويحقق أفضل النتايج لكن للأسف ده عنصر فى سبيله للإنقراض لعدم شعور الطبيب طول الوقت بأدنى درجات الأمان فى هذه الممارسات الخطيرة.
مافيش طبيب يقدر يقدم أفضل ما عنده طبيا وإيده مرتعشة لأنه عارف إن لو حصل أى مشكلة طبية فى الحالة اللى تحت إيده هيتحاسب عليها بالقانون الجنائى مش بقانون المسئولية الطبية المتعارف عليه فى جميع دول العالم.
وقانون المسئولية الطبية بيحمى الطبيب والمريض على حد سواء وبيقسم المشاكل اللى ممكن يتعرضلها المريض أثناء إجراء طبى ل مضاعفات أو خطأ أو إهمال طبى والأخير بيتحول للقانون الجنائي.
واللى بيحقق فى الموضوع برمته من الأول ويمشيه في المسار اللى يستحقه لجنة من الأطباء الإستشاريين أصحاب التخصص المعني بالحالة واللي على دراية تامة بطبيعة التدخل الطبى اللي تم بجميع خطواته ومدى خطورته ومضاعفاته المحتملة وإمتى يبقى الطبيب أخطأ وتصنيف ودرجة الخطأ ده أيه ؟!
فيتحاسب إداريا أو يتوقف عن العمل أو يلزموه بتعويض وإمتى يبقى أهمل فيتحاسب جنائيا،
ولحد ما ده يتم هيفضل الأطباء اللى بيقدموا خدمة طبية في مواقف حرجة وعالية الخطورة للمرضى في صراع مستمر بين أنقذ المريض إزاي وأحمي نفسي إزاي؟!
وربنا يصلح الأحوال ويحفظ المرضى من كل مكروه ويبعد عن الأطباء كل شر .
تفعيل قانون المسئولية الطبية ضرورة قصوى.