fbpx
تقاريرسلايدر

الموارد المائية لدول نهر النيل بين المزاعم الإثيوبية والفقر المائي المصري

كتب: د. محمد كمال الجيزاوي- حياة يحيى
تدقيق لُغوي: إسلام ثروت
زمن القراءة: ٣ دقائق

في الوقت الذي لا تتوقف فيه إثيوبيا عن التباكي من حرمانها من نصيبها من مياه نهر النيل، ورفض مِصرَ استغلالها لمياهه رغبة في عدم تقدم إثيوبيا وحرمانها من استخدام الموارد الطبيعية من أجل نهضتها، فإن الواقع يوضح عدم صحة المزاعم الإثيوبية، ذلك أنه رغم أن نهر النيل يمر بإحدى عشرة دولة تشكل حوض النيل إلا أن اعتماد كل منها على مياه النهر في تلبية احتياجاتها المختلفة تختلف من دولة لأخرى، فبينما تعتمد مِصرُ على أكثر من ٩٥٪؜ من احتياجاتها للمياه على نهر النيل، فإن إثيوبيا تحتاج فقط ١٪؜، وكينيا ١٪؜، وتنزانيا ٣,٥٪؜، والكونغو ١٪؜، وبوروندي ٥٪؜، والسودان ١٥٪؜.
وبذلك نجد أن من بين دول حوض نهر النيل هناك دول علاقتها هامشية أو محدودة للغاية بالنهر مثل بوروندي، ورواندا، وكينيا، ودول علاقتها متوسطة مثل تنزانيا، ودولة لديها مصادر مائية نهرية ومطرية ضخمة مثل الكونغو.
وتعد إثيوبيا ذات الموارد المائية الوفيرة والمتعددة المصادر والتي تبلغ- طبقًا لتقارير الأمم المتحدة- ٩٣٦ مليار متر مكعب من مياه الأمطار، وما يزيد عن ١٠٠ مليار متر مكعب من مياه الأنهار، بعد حصة مِصرَ والسودان من نهر النيل والتي تبلغ ٧٣ مليار متر مكعب فقط.
وفي حديث السيد سامح شكري وزير خارجية مِصرَ في مجلس الأمن في ٢٠٢٠ وضّح أن إثيوبيا تتمتع بموارد مائية كبيرة بينها إثنى عشر نهرًا، منها نهر جوبا الذي يصب في المحيط الهندي أكثر من ٢٠ مليار متر مكعب من المياه سنويًا يتم إهدارها دون الاستفادة منها، كما تبلغ حصتها من مياه الأمطار ٩٣٦ مليار متر مكعب، والمياه الجوفية المتجددة ١٧ مليار متر مكعب، وفي الوقت الذي قدرت فيه الأمم المتحدة إجمالي مياه أنهار النيل الثلاثة بحجم ١٢٢ مليار متر مكعب فإن ما يذهب منها للنيل يبلغ ٧٢ مليار متر مكعب لمِصرَ والسودان ويتبقى لإثيوبيا من أنهارها الداخلية ٥٠ مليار متر مكعب، بالإضافة إلى ٤٠ إلى ٥٠ مليار متر مكعب من بحيرة تانا وسد تاكيزي، أي أن موارد المياه المتجددة لديها تزيد عن ١٠٠ مليار متر مكعب تزرع بها ٨٦ مليون فدان، بينما تبلغ المساحة الزراعية في مِصرَ إلى ٨,٥ مليون فدان، وفي السودان ٣١ مليون فدان، مما ترتب عليه استيراد مصر لحوالي ٦٥٪؜ من احتياجاتها من الأغذية الأساسية، وتستورد السودان نحو ٣٥٪؜، بينما تتمتع إثيوبيا باكتفاء ذاتي رغم أنها تستغل أقل من ١٥٪؜ من المياه السطحية التي تجري في أنهارها، ورغم أن إثيوبيا تتمتع بوفرة الموارد المائية الكبيرة، فإن “مشكلتها تكمن في سوء إدارتها لهذه الموارد، كما أنها دائمة الربط بين مواردها المائية وسياستها الخارجية فتستغل الأخيرة للضغط أو التفاهم مع مِصرَ والسودان بحسب تغير الأحوال بين الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاث”.
ويذكر أن موارد السودان المائية قدرت عام ٢٠١٧ بما يعادل ٣٠ مليار متر مكعب منها ٢٠,٥ مليار من نهر النيل عند الخرطوم، ٥ إلى ٧ مليار متر مكعب وديان موسمية، ٤ مليار متر مكعب مياه جوفية، ويتوقع من إصلاح المستنقعات زيادة حصتها من المياه بقيمة ٦ مليار متر مكعب، وتعتبر السودان أولى الدول العربية من حيث كمية مياه الأمطار حيث تبلع ١٠٩٤ مليار متر مكعب، وتستخدم من مياه النيل ١٤,٥ مليار متر مكعب فقط، وهكذا يظهر أن السودان يتمتع بوفرة في الموارد المائية، لكنها وفرة مرتبطة بعدم استغلال الموارد على الوجه الأمثل .

في الوقت الذي تصل فيه إجمالي الموارد المائية لمِصرَ أقل من ٨٠ مليار متر مكعب، منها ٥٥,٥ مليار متر مكعب من نهر النيل، يتم فقدان حوالي ١٠ مليار متر مكعب منها بسبب التبخر في خزان السد العالي في أسوان، ٣,٥ مليار متر مكعب مياه جوفية عميقة وسطحية، ٠,٣٥ مليار متر مكعب من مياه الأمطار، ٠,٨٠ مليار متر مكعب مياه بحر مُحلّاة، ١٣,٥ مليار متر مكعب مياه صرف صحي معالَج، بينما تصل الاحتياجات المائية إلى ١١٠ مليار متر مكعب يعيش المواطن في ظلها في حالة فقر مائي شديد.
وتسعى مِصرُ لسد العجز في الموارد المائية بشتّى الطرق، لذا يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مِصرَ تقوم بإنشاء محطات لمعالجة وتحلية مياه البحر، مضيفًا “ده برنامج ضخم جدًا قد تصل تكلفته لما يقرب من ٨٠ مليار دولار، موضحًا أننا في مِصرَ ليس لدينا مصدر مياه إلا من النيل فقط”
وأضاف السيسي خلال مؤتمر صحفي، مع نظيره المجري “إحنا نعتبر من الدول التي لديها ندرة شديدة في المياه”، حضارة مِصرَ على مدى عشرات السنين لم تقم إلا على نهر النيل، و٩٥٪؜ من الأراضي المصرية، أراضي صحراوية جافة، نحن بالفعل في مرحلة خط الفقر المائي، يعني أقل من ٥٠٠ متر مكعب للفرد في السنة.
ويَذكر وزير الري المصري محمد عبد العاطي، بعض آثار السد الإثيوبي الضارة “أيُّ نقص في الموارد المائية الواردة إلى مِصرَ نتيجة السد الإثيوبي، له أضرار جسيمة على الزراعة”، و ذلك يعني تضرر مليون فرد، وأشار “عبد العاطي” إلى أن قطاع الزراعة يعمل به نصف المجتمع، وسيكون التأثير السلبي ضخم للغاية، كما أن فقدان العديد من فرص العمل، يؤدي إلى موجة كبيرة من الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية والمجاورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى