كتب: أحمد علي
تعد الإستجابة السريعة للمشاكل والأزمات الطارئة مؤشر على تقدم مستوى الخدمات والمرافق في الدولة، ومصر دولة كبيرة وبنيتها التحتية واسعة، من صحة، وطاقة، ونقل… إلخ من الخدمات المقدمة للشعب، وتراجعت الإستجابة للطوارئ في مصر منذ 2011 بسبب الأوضاع السياسية والإضطرابات التي شهدتها البلاد منذ ذلك الحين، لذلك عكفت الدولة بإشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً على إنطلاق مشروع الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ والسلامة العامة، وهي شبكة موحدة ومؤمَّنة لجميع الجهات الإدارية بالدولة طبقاً لأحدث المعايير العالمية، تعمل على تحقيق سرعة الإستجابة بينها وبين غرف عمليات الجهات المعنية لخدمة المواطنين ، كما تتيح البيانات والإجراءات الحديثة لدعم وإتخاذ القرار.
ويعد مرفقا الإسعاف والحماية المدنية من أبرز الأمثلة على ذلك، حيث جرى رفع كفاءة كليهما إلى درجات غير مسبوقة، وهو ما رفع من جودة خدماتهما الحيوية المقدمة للمواطنين.
ومثال على ذلك مراكز الإسعاف التي وصل عددها على مستوى الجمهورية إلى 1516 مركزًا في 2019 بنسبة زيادة قدرها 43% عن عام 2014، وهو ما قفز بعدد الحالات التي تم إسعافها من 823 ألف حالة إلى 1.610 مليون حالة في 2019.
ومرفق الحماية المدنية والذي يمتلك قرابة 1000 نقطة إطفائية على مستوى الجمهورية، شهد هو الآخر قدرًا من التطويرات التي أهلتّه للتعامل مع المزيد من بلاغات الحرائق، فإرتفع إجمالي البلاغات التي تعاملت معها فرق المرفق من 38 ألف حريق في عام 2016 إلى 52 ألف حريق في 2021، بنسبة زيادة تخطت 26% خلال 5 سنوات فقط، والذي أسهم بدوره في تقليص نسب الضحايا والمتوفين من جراء حوادث الحرائق.
لكن على الرغم من تنفيذ مجهودات التطوير بمرافق الطوارئ المختلفة، إلا أن هناك حالات من القصور التي كان يتم ملاحظتها أثناء التعاطي مع الأزمات، ومنها مثالًا على ذلك التأخر في وصول فرق الطوارئ إلى موقع الحادث، لطول الإجراءات المتبعة في تسجيل بيانات الحادث أو الأزمة، بالإضافة إلى عدم وجود معايير واضحة تبين الزمن المتوقع والآليات الموضوعة للتعامل مع أي بلاغ، إلى جانب ذلك كانت تظهر حالة من ضعف التنسيق بين مرافق الطوارئ المختلفة أثناء التعامل مع الأزمة، مما يؤخر عملية معالجتها، ليتسبب ذلك بدوره في زيادة الخسائر.
– أهداف إنشاء الشبكة الوطنية للطوارئ:
الهدف منها تحقيق أكبر قدر من التعاون بين مختلف أجهزة الدولة، قبل وأثناء وبعد وقوع الكوارث والأزمات، وذلك لتخفيف أثرها لأقل درجة ممكنة، وهو ما يحمي الأرواح ويصون الممتلكات العامة والخاصة، ليتماشى ذلك مع توجه الحكومة المصرية لتطوير كافة مناحي القوة الاقتصاديّة والإجتماعيّة.
– نظام الإستجابة والإتصالات:
يعد نظام الإتصالات أحد أهم مكونات المنظومة، وذلك لسرعة تقديم البلاغ وسرعة الإستجابة والدفع بالجهات المعنية لحل الأزمة، لذلك تعتمد الشبكة على نظام إتصالات مستقل تمامًا عن شبكات الإتصالات المحمولة الأربعة الموجودة حاليًا بمصر (فودافون/أورنج/إتصالات/WE).
ولقد حرصت الجهات المختصة على إستخدام أحدث التكنولوجيات والأساليب المتوفرة حاليًا في مجال الإتصالات داخل مصر، لذلك جرى دعم تلك الشبكة بخدمة الجيل الرابع، مما يمكن أفراد الطوارئ تسجيل كافة المعلومات المطلوب توصيلها إلى مراكز القيادة التي ستنتشر في الفترة القادمة بكافة محافظات الدولة، والتي ستتواصل مع تلك الفرق خلال نظام خاص بتوزيع مهام اللاسلكي Dispatching system.
وكذلك دعم تلك الشبكة بأنظمة أخرى لعقد الإجتماعات الإفتراضية Video conference، ومنظومة آلية لتلقي بلاغات المواطنين وتحديد مواقع إتصالاتهم، بالإضافة إلى نظم إلكترونية طبية متصلة بين سيارات الإسعاف والمستشفيات، وذلك لتقييم الحالة المبدئية للمرضى ومصابي الحوادث، وهو ما يتيح للمستشفيات والمراكز الصحية فترة زمنية للإستعداد للتعامل مع تلك الحالات قبل وصولها، مما يوفر الكثير من الوقت لإستكشاف طبيعة الإصابات، وبالتالي المساهمة في إنقاذ المريض.
وتشغل الشبكة الآن 512 موقعًا موزعة على خمس محافظات هي جنوب سيناء والإسماعيلية والسويس وبورسعيد والأقصر، سيتم زيادة عدد تلك المواقع بتلك المحافظات إلى 1242 مركزًا بحلول بداية 2023.
وتترأس تلك المواقع 5 مراكز للسيطرة الموحدة، ويتضمن كل مركز أقسامًا لتلقي وتوزيع البلاغات، ويخدم تلك المراكز الخمسة “سنترال” واحد مركزي مؤمن، يتضمن عددًا من الخوادم Servers التي تمتلك كافة البيانات المتداولة بين عناصر الشبكة.
– إنطلاقة الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ:
سيتم إنطلاق المنظومة بمحافظات المرحلة الأولى الخمس السابق ذكرها، بالتنسيق مع وزارات الدفاع والداخلية والصحة والبترول والكهرباء والإتصالات، على أن يتم تعميم الشبكة في باقي المحافظات على مراحل متعددة.
كما صرح عدد من مسؤولي الحكومة بأن الإنطلاق المرتقب لشبكة الطوارئ في مرحلتها الأولى سيكون إشارة البدء لتنفيذ المرحلة الثانية منها، والتي ستشمل عددًا آخر من محافظات الجمهورية مثل شمال سيناء والشرقية والبحر الأحمر، على أن يتوالى تعميم المنظومة على باقي محافظات الجمهورية بالتتابع.
كما صرح سابقاً محمود شعراوي وزير التمنية المحلية، أنه تم إجراء البروفة الرئيسية للتجربة الإسترشادية الموسعة “مناورة إدارة الطوارئ” من داخل مركز السيطرة الإقليمي للشبكة الوطنية بمحافظة الإسماعيلية بحضور ممثلي الجهات المشاركة، موضحاً أن إنشاء الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ والسلامة العامة يأتي تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية لتحقيق التكامل والتعاون بين كافة الجهات المعنية وسرعة تقديم خدمات الطوارئ والمرافق وإحتواء الأزمات وإدارتها بكفاءة تامة وعالية في أقل وقت ممكن.
– مزايا الشبكة الوطنية الموحدة للطوارئ:
بجانب مزاياها في تقليل نسبة الخسائر المادية والبشرية، تساهم أيضاً في الحفاظ على خصوصية بيانات الدولة المصرية وتدعم أهداف التنمية المستدامة والتحول الرقمي الآمن ورؤية مصر 2030.