زعماء العالم يبدأون قمة جلاسكو للمناخ اليوم
كتبت: نهال مجدي
تدقيق لُغوي: إسلام ثروت
تبدأ اليوم بمدينة جلاسكو الاسكتلندية، فعاليات مؤتمر المناخ العالمي (COP26) الذي يستمر حتى 12 نوفمبر المقبل، ويُلقي ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز الكلمة الافتتاحية للمؤتمر نيابة عن الملكة إليزابيث.
وناشد الأمير تشارلز قادة العالم قائلًا “إن العالم ينتظر منكم اتخاذ إجراءات فعالة وحاسمة لمواجهة الأزمة التي تواجه كوكبنا” ، بحسب وكالة أنباء “بي ايه ميديا” البريطانية.
والسؤال الذي يطرحه المراقبون الآن هو: هل ستكون قمة جلاسكو “نقطة تحول” مناخية كما يريد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أم مجرد لقاءٌ فارغ من المضمون من النوع الذي تدينه الناشطة البيئية الأشهر جريتا تونبيرج؟
والحقيقة أن الأمور لا تبدو واعدة، لسبب بسيط؛ فقد فشلت المؤتمرات الـ25 السابقة من هذه المؤتمرات العملاقة في إيقاف الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وعلى الرغم من ثلاثة عقود من المحادثات والقمم، أصبح الكوكب الآن أكثر حرارة بمقدار 1.1 درجة مئوية على الأقل وهو آخذ في الارتفاع.
وحتى إذا التزم الجميع بوعودهم الحالية لخفض الانبعاثات، فسنظل في طريقنا لزيادة الإحتباس الحراري بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
لكن بالنسبة لهذا المؤتمر، فإن التوقعات بإحراز تقدم حقيقي أعلى من المعتاد، وهو ما يرجع جزئيًا إلى أن المخاطر تضرب الدول الكبرى؛ فعلى سبيل المثال؛ تسببت الفيضانات هذا العام في مقتل 200 شخص في ألمانيا، وضربت موجات الحر كندا الباردة وحتى القطب الشمالي ارتفعت درجات الحرارة فيه.
ومن أهم أهداف المؤتمر هو الوصول لاتفاقٍ ما، يحد من الإنبعاثات الكربونية والحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة بدلًا من 4 درجات المتوقعة وهو ما قد يعني كارثة بيئية محققة.
ويري الخبراء أن الحكم على نجاح تلك القمة سيكون بناءً على تمكن كل هؤلاء الزعماء من تحقيق هدف زيادة درجة حرارة الكوكب بمعدل 1.5 درجة، وهو ما يعني ضرورة انخفاض الانبعاثات الكربونية العالمية بنسبة 45٪ بحلول عام 2030، والوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.
ولكن مع الأسف ستكتفي القمة بالتعهد بألا تزيد نسبة زيادة الانبعاثات عن 16٪ بحلول عام 2030.
ومن أهداف القمة أيضًا؛ حث دول العالم على الخفض التدريجي للانبعاثات الكربونية لعام 2030، إلى أن نصل فى عام 2050 إلى صفر انبعاثات كربونية، وهو ما يعني تسريع التخلص التدريجي من الفحم، والحد من إزالة الغابات، وتسريع التحول إلى السيارات الكهربائية، وتشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
ولتحقيق تلك الأهداف يجب على البلدان المتقدمة أن تفي بوعدها بجمع ما لا يقل عن 100 مليار دولار سنوياً اعتبارًا من عام 2020، وخصوصًا لدعم الدول النامية لتمويل تطوير البنية التحتية للانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارًا وأكثر قدرة على التكيف مع تغير المناخ؛ والتمويل الخاص لتمويل التكنولوجيا والابتكار.
وتقدِّر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه تم جمع 78.9 مليار دولار من التمويل المتعلق بالمناخ في عام 2018.
سيستخدم COP26 ثلاثة طرق لمحاولة الوصول لما يمكن من الحفاظ على إرتفاع درجة حرارة الأرض بــ 1.5 درجة مئوية.
أولاً، ستضع القمة خطة لكيفية تسريع البلدان لتعهداتها بخفض الانبعاثات في السنوات المقبلة.
من شبه المؤكد أن COP26 لن يقدم تعهدات كافية لوضع العالم على المسار الصحيح نحو 1.5 درجة مئوية، ولذلك تدرس بريطانيا اقتراحًا يطلب من الدول العودة بتعهدات جديدة أكثر طموحًا في وقت مبكر من عام 2023.
كما يعمل المضيفون البريطانيون للمؤتمر على إجراء مجموعة من الصفقات الجانبية بشأن التخلص التدريجي من الفحم والتوجه للطاقة النظيفة وإزالة الغابات؛ يمكن أن يساعد ذلك في تحقيق أهداف اتفاقية باريس، في غياب التزامات جديدة من أكبر الملوثين في العالم.
ثانيًا التمويل، أكدت الدول الغنية الأسبوع الماضي أنها فشلت في الوفاء بوعد عام 2009 بتقديم 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020 لتمويل المناخ لمساعدة الدول الفقيرة على خفض انبعاثاتها وبناء أنظمة لمواجهة العواصف والفيضانات والآثار المناخية الأخرى التي تزداد سوءً، وهو ما أدى إلى إثارة الغضب وعدم الثقة بين البلدان النامية، وقوَّض مطالب الدول الغنية بأن تخفض الدول النامية الانبعاثات بشكل أسرع، الأمر الذي يتطلب استثمارات ضخمة لإزالة الكربون من كل شيء من محطات الطاقة إلى المصانع إلى النقل والزراعة.
ومن أهداف COP26 وضع خطة للتأكد من جمع 100 مليار دولار، كما ستبدأ المفاوضات بشأن هدف جديد لتمويل المناخ لعام 2025، والقواعد التي تضمن وفاء الدول الغنية بتعهداتها الاقتصادية.
كما تطالب كتلة من أكثر دول العالم عرضة للتأثر بالمناخ بأن تبدأ جلاسكو محادثات حول تمويل ما يسمى بـ “الخسائر والأضرار” لتعويضها عن التكاليف المتصاعدة لتغير المناخ، من فساد المحاصيل إلى ارتفاع منسوب مياه البحار.
كما استطاعت بريطانيا استقطاب القطاع الخاص، وشجعت البنوك والمستثمرين للاستثمار فى مشروعات الطاقة النظيفة، وسد الفجوة التي خلفتها التبرعات المتأخرة من الدول الغنية.
يقدر المحللون أنه يجب استثمار 2 إلى 4 تريليون دولار في الصناعات منخفضة الكربون كل عام حتى يصل العالم إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وهي أرقام هائلة إذا ما قورنت بـ 79.6 مليار دولار التي قدمتها البلدان الغنية للبلدان الفقيرة لتمويل إجراءات تحسين المناخ في عام 2019.
وفى المقابل يتفق الاقتصاديون على أن تكلفة عدم القيام بأي شيء، وترك تغير المناخ يتزايد دون رادع ستكون أعلى بكثير.
الأولوية الثالثة لمؤتمر جلاسكو هي أن يقوم ممثلو حوالي 200 دولة وقعت اتفاقية باريس لعام 2015 بالانتهاء من قواعد تنفيذ الاتفاقية، يتضمن ذلك مناقشات شائكة حول أسواق الكربون، وكيف ستضع البلدان أهدافًا مناخية في المستقبل، وبالطبع سبل التمويل.