اليوم العالمي للمرأة.. التاريخ والتحديات
كتبت: نهال مجدي
اليوم العالمي للمرأة يحتفل به في 8 مارس من كل عام، وهو يهدف إلى الاحتفاء بإنجازات المرأة في مجالات مختلفة وتسليط الضوء على التحديات التي تواجهها في مجتمعاتنا.
وجدير بالذكر أنه في بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.
الاحتفال بهذه المناسبة جاء إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس عام 1945.
أقيم أول احتفال بيوم المرأة والذي أطلق عليه (اليوم الوطني للمرأة ) في 28 فبراير 1909 بمدينة نيويورك ونظمه الحزب الاشتراكي الأمريكي بناءً على اقتراح من الناشطة تيريزا مالكيل. ظهرت إدعاءات بأن هذا اليوم كان إحياءً لذكرى احتجاج العاملات في مصانع الملابس في نيويورك في 8 مارس 1857، لكن الباحثين أنكروا هذه الإدعاءات وقالوا أنها تهدف إلى فصل يوم المرأة العالمي عن أصله الاشتراكي.
وفي أغسطس 1910، عُقد المؤتمر النسائي الاشتراكي الدولي قبل الاجتماع العام للأممية الاشتراكية الثانية في كوبنهاغن في الدنمارك. وبإلهام جزئي من الاشتراكيين الأمريكيين، اقترح المندوبون الألمان كلارا زتكن وكيت دنكر وبولا ثيد وغيرهم إقامة يوم المرأة سنويًا بدون أن يحددوا تاريخًا معين. ووافق المندوبون المائة الذين يمثلون 17 دولة على الفكرة باعتبارها إستراتيجية لتعزيز المساواة في الحقوق، بما في ذلك حق المرأة في التصويت.
في العام التالي في 19 مارس 1911، احتفل أكثر من مليون شخص في النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا باليوم العالمي الأول للمرأة. كانت هناك 300 مظاهرة في النمسا والمجر وحدها، خرجت فيها النساء في مواكب كبيرة في طريق فيينا الدائري في فيينا وحملن لافتات تكريما لشهداء كومونة باريس. طالبت النساء في جميع أنحاء أوروبا بالحق في التصويت وتقلد المناصب العامة، وقمن باحتجاجات على التمييز بين الجنسين في العمل.
ويتم تخصيص موضوع مختلف لليوم العالمي للمرأة كل عام، وهذا الموضوع يعكس التحديات والفرص التي تواجه المرأة في ذلك العام. ويتم خلال هذا اليوم إطلاق مبادرات وفعاليات مختلفة تهدف إلى دعم حقوق المرأة وتعزيز مشاركتها في جميع المجالات.
على الرغم من التحديات التي تواجهها المرأة في بعض المجتمعات، إلا أن اليوم العالمي للمرأة يمثل فرصة للاحتفال بإنجازات المرأة وتكريمها، وتوعية العالم بأهمية تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.
وللتأكيد على حقوق المرأة تظاهرت النساء في عيدهن بأعداد كبيرة بمختلف أنحاء العالم، في تعبئة دوافعها كثيرة: من حكم طالبان في أفغانستان إلى القمع الهائل للاحتجاج الذي نتج عن وفاة مهسا أميني بإيران والتشكيك في حق الإجهاض في الولايات المتحدة وانعكاسات الحرب في أوكرانيا على النساء.
ومن جانبه أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على أن “المساواة بين الجنسين تزداد بعدا”، موضحا أنه “بالوتيرة الحالية، تحدد منظمة الأمم المتحدة للمرأة (إمكانية تحقيقها) بعد 300 عام من الآن”. وقال مثلا إن “النساء والفتيات شطبن من الحياة العامة” في أفغانستان.
ويحتفل باليوم العالمي للمرأة في جميع أنحاء العالم بطرق مختلفة وبأنشطة متنوعة. ومن بين الأنشطة الشائعة التي تقام في هذا اليوم:
1- إطلاق مبادرات وحملات توعية حول قضايا المرأة وحقوقها، وكذلك التحديات التي تواجهها.
2- تنظيم فعاليات وندوات ومحاضرات حول موضوعات مختلفة تتعلق بالمرأة ودورها في المجتمع.
3- تكريم المرأة وتكريم إنجازاتها في مختلف المجالات.
4- تنظيم مسيرات ومظاهرات للتأكيد على أهمية حقوق المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين
5- إطلاق حملات لدعم مشاريع المرأة وتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.
6- إطلاق مسابقات وجوائز تشجع على الابتكار والإبداع في مجالات مختلفة، وخاصة تلك التي ترتبط بحقوق المرأة وتمكينها.
ويتم تنظيم هذه الفعاليات والأنشطة من قبل منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية والخاصة، ويشارك فيها العديد من المؤسسات والأفراد والمجموعات المهتمة بحقوق المرأة ودورها في المجتمع.
وبالفعل خرجت العديد من التظاهرات حول العالم للتأكيد علي حقوق المرأة، فعلي سبيل المثال في كوبا، بخلاف التظاهرات في الشارع، قادت النساء “مظاهرة افتراضية” على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل زيادة الوعي بشأن جرائم قتل النساء خصوصا.
وفي المكسيك، تظاهر المحتجون في المدن الرئيسية في بلد سجلت فيه 969 جريمة قتل لنساء في 2022، وذلك تحت شعاري “لا امرأة واحدة تُقتل بعد اليوم” و”ضد عنف الذكور والعمل غير المستقر”.
في كولومبيا ستنظم تجمعات للمطالبة بإجراءات للحد من الزيادة في عدد جرائم قتل النساء التي ارتفع عددها من 182 في 2020 إلى 614 العام الماضي، حسب أرقام النيابة العامة.
أما في الولايات المتحدة فسيقدم وزير الخارجية أنتوني بلينكن والسيدة الأولى جيل بايدن في واشنطن جائزة المساهمة “في مستقبل مشرق” إلى “11 امرأة استثنائية من جميع أنحاء العالم”.
وسيقوم المدافعون عن حقوق المرأة من جهتهم، بالتعبئة دفاعا عن الحق في الإجهاض الذي أضعفه قرار من المحكمة العليا عبر إلغاء حكم صادر في 1973 يضمن هذا الحق.
وعلى جانب أخر كشفت دراسة أعدتها شركة “برايس ووترهاوس كوبر” أن التقدم نحو المساواة في الرواتب بين الرجال والنساء طفيف لأن النساء يعانين في كل أنحاء العالم من “عقوبة الأمومة” مع ارتفاع كلفة الحضانات وتباطؤ مسيرتهن المهنية بسبب الولادة.
وتضمن بيان للشركة أن الدراسة “مؤشر النساء العاملات” تظهر أن التقدم نحو المساواة بين المرأة والرجل في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي كان “ضعيفا جدا” في السنوات العشر الماضية مع فارق في الراتب استقر على 14% ولم يتراجع سوى بنسبة 2,5 نقاط منذ 2011. بهذه الوتيرة، سيستغرق الأمر 50 عاما لبلوغ المساواة.
كما أوضح البيان خصوصا أن التحسينات “خلال العام الماضي مصدرها الانتعاش في مرحلة ما بعد جائحة كورونا في سوق العمل أكثر مما هو التقدم الفعلي”.
وتعتبر شركة الاستشارات أن “عقوبة الأمومة” أي خسارة الدخل بالنسبة للنساء اللواتي يربين أطفالهن هو العامل الأبرز الذي يفسر هذا الفارق.
ويرجع ذلك إلى تباطؤ التقدم الوظيفي عند العودة إلى العمل بعد الولادة وإلى “المساهمة الضعيفة بشكل غير عادل في رعاية الأطفال وتعليمهم من قبل الآباء” في جميع أنحاء العالم.