تناسخ الأرواح هو انتقال روح انسان عند موته إلى جسد اخر، و قد يكون هذا الاخر إنساناً، وقد يكون أي نوع من أنواع الحيوانات الأخرى، وهذا يعني انه عند الوفاة فإن الروح تكون قد تحولت وتناسخت إلى جسم وهيكل آخر.
هذه العقيدة عرفها الإنسان منذ العصور القديمة، فاعتقدت بها الهندوسية والجينيَّة والبوذيَّة والكنفوشيَّة والزرادشتيَّة والمانويَّة وغيرها، ودخلت هذه العقيدة ضمن معتقدات كثير من المذاهب وما زال إلي الآن يؤمن الكثير بهذه العقيدة.
التقمص أو تناسخ الأرواح، كلمة ترفضها ديانات فيما تعتنقها أخرى وتعني تقمص روح إنسان قد مات بأي شكل من الاشكال جسد انسان اخر او غير انسان، وفي التعريف الروحاني فان الانسان بعد الموت يفنى جسده، أما روحه فتظل هائمة في الكون تبحث عن جسد لتعود وتولد فيه من جديد، وليس من الضرورة ان تكون ساعة الوفاة بل لاحقا.
وفي التعريف الروحاني فان الإنسان بعد الموت يفنى جسده أما روحه فتظل هائمة في الكون لتعود وتولد في جديد، وهذا الحالة تسمى تحول الروح الى جسد اخر ويطلق عليها عدة تسميات منها كارماKarma.
فكره تناسخ الأرواح بدأت في الشرق الأقصى، وخاصة في العقيدة البوذية والهندوسية التي تؤمن بأن الروح تعود في أشكال أخرى أو كمجرد روح بذاتها غير ظاهرة في جسد مرئي، وإذا حصرنا عدد هذه الفئات التي تضم الملايين من الهندوس والبوذيين فسندرك أن هذه الأفكار موجودة في عالمنا بشكل لا يمكن تجاهله.
فكرة التناسخ مضمونها أن الروح بعد وفاة الجسد لا تنتهي وإنما تعود لتعيش في أجساد وأماكن وازمنة مختلفة عن تلك التي عاشت فيها من قبل، لذا تشعر الروح في حياتها الثانية بحنين جارف لمكان لم تره في حياتها من قبل أو لأشخاص لم تلتق بهم نهائيا.
قبل فترة من الزمن كان هناك خبر عن زواج غريب، تزوج شاب في الفلبين من أفعى عملاقة لاعتقاده بأن هذه الافعى كانت زوجته قبل ستمائة عام.
تطور فكرة تناسخ الأرواح
في البداية آمن الفراعنة ان الروح تعود الي نفس الجسد لهذا قاموا بتحنيط الأجساد انتظارا لعودة حلول الروح في جسدها مره ثانيه بعد مئات أو ألوف السنين ولا يتم مباشرة.
ثم تطور الفكر وإنتقل هذا المعتقد بين الشعوب فهناك من ظنوا أن الروح تنتقل من جسد إنسان يموت إلى جسد إنسان اخر جديد يولد، أو فى بعض الأحيان إلى جسد حيوان لتحيا حياة دونية.
بعض المعتقدات تمادت فى إعتقادها أن الروح تغادر الجسد عندما ينام من خلال فتحة الأنف و الفم، ثم تعود إليه عند الاستيقاظ.
مع مرور الوقت ترسخ الإعتقاد القائل أن الروح تنتقل من إنسان ميت إلى آخر يولد، وفسر البعض ما يحدث من تشابه بين الإبن و جده المتوفي فى الشكل و الطباع و العادات.
رأى الفلاسفة فى تناسخ الأرواح
ومن العلماء الذين نادوا بتقمص الأرواح العالم فيثاغورث عالم الرياضيات و الفيلسوف اليونانى الشهير، إذ قال أن الروح تعود للأرض عدة مرات فى عدة ولادات أخرى لتتقمص أجساد أشخاص آخرين، و بين ممات و ميلاد فإن الروح يتم تطهيرها فى العالم السفلى.
و من بعد موتات و ميلادات تكون الروح قد تطهرت تماماً لتترك هذه الدائرة المغلقة من موت و تقمص لتسبح فى السماء.
وإتفق بالتو – فيلسوف يونانى آخر – مع فيثاغورث وهو تلميذ الفيلسوف سقراط ، فى عملية التقمص هذه و لكن بالتو قال إن الروح حينما تحل فى الجسد و تحدث عملية التقمص فإنها تتدنس، ثم يموت الانسان لتتطهر روحه فى العالم السفلى، ثم تعود لتتقمص جسد ما، ثم يموت و هكذا.
أما أفلاطون فكان يرى أن عدد الأرواح محدود لذلك أستلزمت الضرورة ان تخرج الروح من جسد الى جسد اخر.
ويقول أرسطو أن التناسخ يعني جعل الأجساد بمثابة قمصان للأرواح تنتقل من أحدها إلى آخر دوراً بعد دورٍ ، و يقال تناسخ أي انتقلت روحه من جسده إلى جسد آخر، وفاعل الفعل هو الروح أو العقل الفعّال.
بينما يقول أتباع البوذية أن سلوك الانسان وسعيه وأفكاره وشعوره له تأثير على حياته بعد الموت، وهذا ما تنص عليها تعاليم كارما .
و يعتقد البوذيين و الهندوس أيضاً فى تقمص الأرواح و لكنهم يختلفون عن الاعتقاد اليونانى بأن الروح قد تعود لتتجسد فى شكل نبات أو حيوان، و ذلك يعتمد على أعمالها فى الحياة السابقة إن كانت خيراً أو شراً .
وهناك البراهميون والذين يؤمنون بتجوال الروح من جسد الى جسد، وتكون هذه التقمصات ممثلة في عقوبة أو ثواب بالنسبة إلي الروح، وتظل هكذا الى ان تنطلق من هذه التجسدات الى الملأ الأعلى، وتسمى هذه بحالة النرفانا.
فيعتقد قدماء المصريون أن في قدرة الإنسان على العودة إلى الحياة بعد موته، لأن الموت هو عبارة عن رقاد في القبر إلى أن تعود روح الميت، فترتدي، أو تتناسخ جسدها الثاني من جديد، والنفس تتناسخ بالتتابع في هيئة صور جميع الحيوانات التي تعيش على الأرض، لتعود بعد ذلك إلى جسد إنسان، لكي تبدأ ثانية بسياحتها الأبدية (ولادة ثانية)، وكان بعض المصريين يعتقدون أن الإله أوزوريس يتناسخ في هيئة جسد عجل .
لذلك فقد عرف هؤلاء تناسخ الأرواح على أنه هو انتقال الروح أو النفس الإنسانية عند انفصالها عن البدن من جسد إلى آخر.
تعترف الهندوسية والجاينية والبوذية، بعقائد الكارما Karma أي (الولادة الثانية)، لأن العدالة والكمال الأخلاقي والروحي لا يتحقق في حياة واحدة، فالولادة ثانية تعطي الفرد فرصة للتقدم باتجاه الكمال.
ولاشك أن الكنعانيين والفينيقيين كانوا يؤمنون بالحياة الأخرى، فقد كانوا يدفنون الميت ومعه أو بقربه، متاعه وماله وسلاحه.
وقد وُجدت جرار كثيرة كانت تستعمل كتوابيت، توضع فيها الجثة مطوية على نفسها بشكل متجمع، وبجانبها إبريق وصحن وكأس للاستعمال في حياة ما بعد الموت.
امّا طبقة الشودرا أو طبقة الخدم وهم طائفة من بعض شعوب جنوب آسيا فإنَّهم يؤمنون بعقيدة تناسخ الأرواح ويطلقوا عليها الكارما، وحسب هذه العقيدة فإنَّ الأرواح لها دورة حياتية تتناسخ فيها وتنتقل من جسد الى آخر يُحدده عمل الروح في الجسد الّذي حَلَّت بهِ، فالخيِّر لا يرتقي، أمّا الشرير فانّه ينتقل الى جسد في نفس المستوى، إلى انْ يصل الى مرحلة الخلود حيث يتّحد مع ذاته، وفي هذه المرحلة يُعطى فرصة تلو الاخرى لكي يتعرّف على ربّه في أكثر من دورة حياة
يؤمن الهندوس بتناسخ الأرواح، وأن الروح حينما تفارق جسدها عند الموت تنتقل إلى جسد آخر وتستمر هكذا في التنقل حتى تستقر في أصلها الأول الذي صدرت منه وهو الله.
وفكرة التناسخ هذه تتضمن فكرة وحدة الوجود الذي قال بها الهنود؛ لأن جميع الكائنات في نظرهم تتضمن روحًا صدرت من الله الواحد، والكائنات في الحقيقة هي تلك الروح.
بتلك العقيدة والمقصود هنا التناسخ يثبت أن الهندوس وسائر الشعوب التي تؤمن بها لا تؤمن بالبعث، وبالتالي فلا حياة أخرى ما ورائية تحاسَب فيها كل نفسٍ بما كسبت، وبالتالي فلا جنة ولا نار كما هي في الأديان السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية وتلك حواجز وجدانية بين شعوب آسيا التي تؤمن بالتناسخ وبين غيرهم من الشعوب، خاصةً إذا علمنا أن الصينيون في عقائدهم البوذية يتفقون مع الهندوس في الاعتقاد بالتناسخ، والبوذيون والهندوس يشكلون أكثر من 90% من شعوب آسيا بما يعني أن القارة الآسيوية معظمها مؤمن بتناسخ الارواح.
اما عن الدروز يعتقدون بالتناسخ والتقمص، أي بإنتقال النفس من جسد بشري إلى جسد بشري آخر، باعتبار أن النفس لديهم لا تموت، بل يموت قميصها (الجسد)، فتنتقل النفس و الروح إلى قميص آخر.
ويعتبر هذا المفهوم أحد أسس العقيدة الدرزية، ووفقًا لهذا الإيمان فإنّ روح الإنسان الدرزي تنبعث فورًا بعد موته في روح مولود درزي يتواجد في جسد إمرأة حامل، وبعد ولادته يذكر أحيانًا بعضًا من حياته السابقة.
إنّ إيمانهم القويّ بتناسخ الأرواح يمثّل راحة من الحزن بسبب فقدان الحياة، ويعزّز هذا الإيمان التسامح والتضامن بين أبناء الطائفة الدورزيه.
وفقًا لرؤية الدروز فإنّ الجسد هو كالثوب الذي تبدّله الروح. وإنّ إنعدام أهمية الجسد الحقيقية عند الدروز يظهر في غياب الحاجة إلى طقوس الدفن، مثل شاهد القبر وزيارة قبر الميّت في مواعيد محدّدة أو حتى في جلب الجثة إلى مكان سكن أسرة الميّت. رغم وجود المقابر، فغالبًا ليست هناك شواهد قبور عند الدروز .
ويشير الاعتقاد بتناسخ الأرواح عند الدروز أيضًا إلى عدم جواز البكاء على الميّت، نظرًا إلى أنّ روحه قد أنبعثت في مولود جديد ممّا يجلب الفرح إلى أسرته.
راى العلماء في فكرة تناسخ الأرواح
بعض العلماء يفسرون ظهور العبقريات المبكرة للأطفال، بأن هؤلاء الأطفال صغار الأجسام فقط، ولكن الأرواح التي حلت بهذه الأجسام كبيرة في السن و ذات نضج، فبعض العلماء يرى أن النبوغ المبكر للموسيقار النمساوي (موتسارت) هو شيء من هذا، ويرى العالِم الأمريكي (إدجار واتسون) أن الطفل البلجيكي (أندريه لنور) لا بُد أن يكون نموذجًا حيًّا لهذه النظرية، فهذا الطفل كان في الثانية من عمره، وكان قادرًا على أن يعرف حاصل ضرب خمسة أرقام في خمسة أرقام، مع أنه لا يعرف الأرقام، ولا يعرف كيف يعد من واحد إلى عشرة!
وقال العلماء كذلك أن الإنسان قد يتذكر حياته السابقة التي عاشها في جسد سابق، وفي سنة 1956م أصدر كاتب برازيلي كتابًا بعنوان (كانوا هناك.. وأصبحوا هنا) لمؤلِف أسمه ” موري برنشتين ” وأهم ما في الكتاب أن سيدة برازيلية قالت أنها كانت تعيش قبل ذلك (في حياة سابقة) في أيرلندا، ولم يترك المؤلِف شيئًا من حياة هذه السيدة لم يعرضه على العلماء، ثم سافر مع السيدة إلى أيرلندا، وتركها تتعرف على الأماكن التي عاشت فيها؟
ومن الغريب أن هذه السيدة كانت تدخل المتحف وتقول: هذه كانت موجودة في مكان معين، وهذه كانت جزءًا من بيت شخص ما، وكان علماء الآثار يؤكدون كل ما تقول، مع أنها لم تترك البرازيل نهائيا .
بالإضافة إلي أن الذين يشتغلون بالتنويم المغناطيسي يواجهون الكثير من هذه الأحداث والنوادر، فمن الممكن أن يطلب المنوّم المغناطيسي إلى الشخص الذي نومه أن يعود إلى فترة طفولته، ويروي ما حدث في ذلك الوقت، ويفاجأ المنوم المغناطيسي بأن طفولة هذا الشخص النائم كانت في القرن العاشر أو الحادي عشر، أو كانت قبل الميلاد ، ثم أنه يروي أحداثًا عجيبة وبلغات لا يعرفها ذلك الشخص نهائيا إذا استيقظ من النوم.
كما يقول العلماء أيضا أن تناسخ الأرواح يعطيها فرصة جديدة للتكفير عن آثامها وخطاياها السابقة، أي لسداد ديون الماضي، وتحسين الوضع الحالي للحصول على التطور والارتقاء، ووسيلة للحصول على المزيد من المعرفة الاختبارية، وفي إعادة التجسد تقوم الروح برسالة معينة بين البشر، مثل إنسان يأتي من سفر بعيد إلى بلاد فقيرة نائية بهدف تأدية رسالة معينة، ويقولون أيضًا في عودة التجسد تتخطى الروح الفروق الجنسية، فمن الممكن أن امرأة في حياة سابقة تتجسد في شكل رجل، ولذلك يغلب عليه طابع الأنوثة، وإذا حدث العكس تجد المرأة يغلب عليها ملامح وخشونة الرجال .
قصص عن تناسخ الأرواح
وروى الصحافي الهندي وكاتب القصص البوليسية المعروف كريم راسن شوهان انه ألتقى يوما بالصبي تراجيت من عائلة سنج، والذي اخبره بإنه كان في الحياة الأخرى ويتذكر الكثير منها.
واخبرته عائلة الصبي إنه ومنذ كان عمره عامين يتحدث عن حياته الأخرى، وهرب من المنزل ليبحث عن بيته الأول، وهو يعرف في أي قرية كان يسكن يومها ويعرف اسم امه وأبيه ومدرسته التي تعلم فيها، وقال إنه ركب في حياته الأخرى في ال10 من شهر سبتمبر عام 1992 الدراجة متجها إلى البيت، فصدمه شاب كان يركب دراجة نارية فأصيب نتيجة ذلك بجروح في رأسه، وفي اليوم التالي توفي، وقال أبوه الحالي رانجيت سنج أن الصبي كان يصر على أقواله مما دفعه وزوجته للذهاب إلى القرية التي يقول أنه ولد فيها، في البداية لم يجد أحد يصادق على قول ابنه أو يعطى أوصاف لوالديه في حياته الأولى كما يدعي، ونصحه أحد السكان بالذهاب الى القرية المجاورة والتحدث مع معلم المدرسة الذي أكد له وقوع حادثة الدراجة النارية، كما وجد عنوان الوالدين ،وكانت المفاجأة الكبيرة عندما ألتقى تراجيت سنج والده في الحياة الأولى، فذكره بأن كتبه بعد الحادثة كانت ملوثة بالدماء، وقال له أيضا كم من المال كان بحوزته يومها، وبكت أمه من الحياة الأولى وحملت له الكتاب الملوث بالدم والدراهم واحتفظت بهما كذكري، وعندما عرض على الصبي صورة زفاف والديه في الحياة الأولى عرفهما بسرعة رغم تقدم السن.
ولم يصدق الكاتب ما يسمعه أو يرفض ذلك، لكنه كان فضوليا وأراد معرفة الموضوع كله حتى النهاية، فزار العائلتين كل واحدة على حدا، وسمع نفس القصة وأكد مالك مزرعة بالقرب من مكان الحادثة على قول الصبي قبل مقتله بوجود دراهم في محفظته تساوي ثمن الكتاب الذي أشتراه منه بالدين ويبدو أنه كان آتيا اليه كي يسدد ثمنه.
كما تأكد للصحفي راسن شوهان أن الصبي ابن عائلة سنج لم يذهب قط الى المدرسة لان أسرته فقيره جدا، لكن عندما طلب منه كتابة الأحرف الأبجدية اللاتينية والبنجابية كتبها من دون أي أخطاء، بالإضافة لكتابته الكثير من الكلمات الصعبة أيضا، وقارن خطه مع خط الولد الذي توفي في الحادثة فلم يميز بينهما أبدا، وحسب قوله كخبير علم الجرائم لا يمكن أن يكون لشخصين نفس الخط لأن كل يد لها خصوصياتها في الكتابة، وهذا ما يسهل كشف عمليات الغش والتزوير.
وأخبره احد معتنقي التقمص ان الروح عندما تتقمص جسد أخر تأخذ معها خصال الجسد الأول مثل خاصية خط اليد.
وللتأكيد اخذ الكاتب خط الصبي والشاب المتوفي وفحصها لدى خبراء خط فاتضح انها من يد واحدة.
ومن القصص اللطيفة التي تذكر في هذا الشأن أنه في أواخر القرن التاسع عشر كان ملك سيام وزوجته في زيارة رسمية إلى فرنسا، وعندما زارا قصر رئيس الجمهورية جاء كلب صغير يشم رجل ملكة سيام ويلعقها ويحرك ذيله بسرور، ثم جلس على ركبتيها وأخذ يشمها، فما كان منها إلا أنها إنفجرت في البكاء، وتساءلت عن عمر هذا الكلب؟ فقالوا لها سنتان، فصاحت أنه ابني بعينه الذي مات منذ عامين، ولم يجد رئيس جمهورية فرنسا مخرجًا إلا أن يقنع ابنته صاحبة هذا الكلب بالتنازل عنه لملكة سيام.
وقصة أخرى حدثت في شمال الصين، إذ أن رجلا وزوجته كان يلبيان كل رغبات ابنهما الضعيف والمريض دائما، وبعد أن زاد ضعفه وشارف على الموت طلب منهما أن يذبحا له الحصان، و كان ذلك الحصان هو كل ما يملكان، وذلك حتي يأكل الولد لحمه، لكنهما رفضا ذلك.
وفي أحد الأيام أصر الولد على طلبه بإلحاح شديد بقوله سوف أموت لذا أريد أن آكل قطعة من لحم الحصان الآن وإلا سيكون الوقت متأخر وسأموت قبل ذلك، وخوفا عليه ذبحا الحصان وطبخت الأم اللحم وقدمته الى ابنها وبعد ان أكل مات بعد ساعات قليلة، وبعد الدفن أتى اليهم راهب بوذي عرف القصة من دون أن يروها أحد له، وقال لهما أن أبنهما كان ابن عائلة غنية وعندما بلغ ال18 سنة من العمر ذهب مع عائلته لزيارة أقارب له ذبحوا حصانا تكريما لهم، إلا أن الشاب أصيب بسهم قتل فيه وكان راغبا في أكل لحم الحصان، ووصف الراهب الولد والشاب فأتضح أن لديهما نفس العلامات على جسميهما، والشبه في العادات متقاربة إلى درجة غير عادية.
وفي كتابه الأخير عن التقمص وتناسخ الأرواح أورد الكاتب الأمريكي وعالم النفس كارتر فيبس العديد من الروايات عن التقمص، من أهمها ما حدث لجيمس ليننيجر الذي ولد بحالة نفسية وجسدية جيدة، وعند بلوغه العامين أظهر شغفا وولعا بالطائرات بشكل غير عادي وكان يرفض اللعب بأي لعب أخرى مثل الأطفال مما أقلق والديه.
وكان يستيقظ دائما ويروي لوالدته الكوابيس التي كان يراها وبأن الطائرة قد هوت والرجل الصغير القامة فيها لم يتمكن من الخروج منها، وتساءلت والدته بعد ذلك إذا كان حب إبنها جيمس للطائرات يخفي أكثر مما تراه أو تسمعه منه، أم أن ما يرويه ليس سوى من مخيلة طفل، وتذكرت يوما أنها اشترت له طائرة عسكرية تحمل تحت جناحها حسبما إعتقدت صاروخاً فصحح لها إبنها معلوماتها وقال، يا أمي هذا ليس صاروخاً بل خزان الوقود، ولم تشهد هي نفسها من قبل خزان وقود طائرة، فكيف لطفل في الثانية من عمره التفريق بين خزان الوقود والصاروخ، ومع الوقت بدا جيمس يصاب بالمزيد من الكوابيس و يقصها على والدته إضافة إلى قصص من حياة في الماضي، وقال يوماً لوالديه بأنه كان قائد طائرة في سلاح الجو الاميركي فوق حاملة الطائرات Natoma، حتى أنه تذكر اسمه صديقه على السفينة وكان إسمه جاك لارسون، مما أصاب الوالد بالقلق وقرر أن يبحث القضية بعمق أكثر، وبالفعل حصل على معلومات مذهلة، فحاملة الطائرات الاميركية ناتوما كانت بالفعل متمركزة في المحيط الهادي والصديق لارسون الذي ما زال حياً ويسكن في كانساس كان على متنها .
وفي يوم من الايام وفي الوقت الذي كان يقلب فيه جيمس مع والده صفحات كتاب عن الحرب العالمية الثانية وضع أصبعه على صورة لجزيرة يابانية وقال إسمها من دون تردد، أنها جزيرة Iwo Jima وقد أطلق على طائرته صاروخ ووقعت فوق هذه الجزيرة بعد أن أصيب محركها مباشرة، فأصبح الوالدان أكثر تحمسا لمعرفة ماضي إبنهما وهل له حياة سابقة حقيقة، وإذا كان ذلك فكيف كانت، ولاحظا أنه عندما يلفظ إسمه كان يقول جميس الثالث، فبحث الوالد في لائحة أسماء الذين كانوا فوق حاملة الطائرات وسقطت طائرتهم في الجزيرة اليابانية فعثر على إسم جيمس م. هيوستين جنيور وهو من الجيل الثالث في العائلة، وقتل بالفعل في اليابان عند إصابة طائرته خلال الحرب.
ومن العلماء الألمان الذي انشغلوا بقضية التقمص وتناسخ الأرواح عالم الانتروبوزوف رودولف شتاينرز، والذي قال في محاضرة له في ميونيخ وألحقت بملفات علم النفس وحالات الغيب، أن الكثير من المشاهدات أكدت صحة اعتقاد البوذيين والهندوس بالتقمص أو انتقال الروح من جسد توفي إلى جسد آخر في الوقت المناسب، وإلا فاين تذهب الروح بعد مغادرتها الجسد، إنها تحوم في الفضاء باحثة عن جسد لها لأنها لا تفنى.