دراسة علمية: وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على أدمغة المراهقين
نشرت دورية الجمعية الطبية الأميركية “جاما” دراسة علمية حديثة تشير الى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مرحلة المراهقة المبكرة قد تصحبها تغيرات في حساسية الدماغ للمكافآت والعقوبات الاجتماعية.
وتشير الدراسة، التي أجريت على 169 طالباً تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً، الارتباطات طويلة المدى بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والنمو العصبي للمراهقين.
جذبت وسائل التواصل الاجتماعي ملايين المراهقين حول العالم؛ ووفرت لهم فرصاً غير مسبوقة من التفاعلات الاجتماعية على مدار الساعة.
ولا يُمكن بطبيعة الحال التنبؤ بتأثير كل تلك المدخلات الاجتماعية في أدمغة الأطفال والمراهقين، وخاصة خلال فترة النمو الحرجة؛ والتي يكون فيها الدماغ حساساً بشكل خاص للمكافآت الاجتماعية، وفقاً للدراسة.
وتسمح وسائل التواصل الاجتماعي بالوصول الفوري للمعلومات الاجتماعية؛ والتواصل مع فئات متعددة؛ وتلقي ردود فعل من الإعجابات والإشعارات والرسائل وأيضاً التعليقات السلبية.
وتقول الدراسة إن نحو 78٪ من الأطفال المشاركين فيها يتفقدون أجهزتهم كل ساعة على الأقل، فيما يتواجد 46٪ منهم بشكل مستمر تقريباً على وسيلة واحدة على الأقل من وسائل التواصل الاجتماعي.
وذلك يعني أن هؤلاء الأطفال “عرضة بشكل فريد ومستمر” لتلقي رد فعل مستمر على منشوراتهم وصورهم وآرائهم الشخصية.
كما أشارت الدارسة إلى أنه في تلك المرحلة العمرية (المراهقة) يخضع الدماغ لإعادة تنظيم هيكلية وظيفية كبيرة، فالمناطق العصبية المشاركة في السعادة والحزن والاستياء وغيرها من المشاعر تُصبح في حالة نشاط مفرط.
وقد يؤدي التفقد المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي إلى تفاقم الاستجابة العصبية في تلك المناطق، وقد يقوض أيضاً قدرة المراهقين على الانخراط في السيطرة المعرفية؛ أيّ قد تدفعهم التعليقات السلبية إلى الوصول إلى حالة غضب عصبية يفقدون خلالها السيطرة على سلوكياتهم.
كما أن التعرض المتكرر للمكافآت الاجتماعية الرقمية -كإشعارات الإعجاب- قد يزيد من التفاعل العصبي للإشارات المتعلقة بالمكافأة، ما يقلل من قدرة المراهقين على مقاومة الحوافز، ويدفعهم لمشاركة المزيد من المنشورات بهدف حصد المزيد من الاعجابات.
واستخدم الباحثون الرنين المغناطيسي الوظيفي في الدراسة لرصد الإشارات التي تخرج من منطقة المكافأة في الدماغ، والتحكم المعرفي والمرتبطة بقشرة الفص الجبهي، ووجدوا أن تلك المناطق تنشط بشكل أكبر كلما زادت فترة سلوكيات تفقد من وسائل التواصل الاجتماعي.
كما أظهرت مناطق في الدماغ اختلافات في النشاط العصبي طبقاً لعدد الساعات التي ينشطون فيها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووجد الباحثون أيضاً أن المراهقين يواجهون زيادة في إفراز الدوبامين استجابةً للتعليقات والمكافآت الاجتماعية، ما يشجع أيضاً على السلوكيات عالية المكافأة.
وتقول بعض الدراسات إن التعرض المتكرر لمكافأة اجتماعية يقلل من تنظيم مستقبلات الدوبامين وإنتاجه، ما ينتج عنه انخفاض حساسية دوائر المكافأة، بمعنى أن الشخص سيحتاج إلى المزيد من الدوبامين في المستقبل كي يشعر بالسعادة جراء حصوله على المكافأة الاجتماعية.
وبالتالي، سيعاني المراهقون من انخفاض في المشاعر الإيجابية -والتي كانت مجزية سابقاً – وسيصبحون في المستقبل مدفوعين بمحاولات زيادة سلوكيات البحث عن المكافأة.
وتوفر تلك الدراسة أول نظرة ثاقبة حول كيفية تغيير السلوكيات المعتادة لوسائل التواصل الاجتماعي في نمو دماغ المراهقين.