تماماً كما نرى في أفلام الخيال العلمي، هل يمكن أن يأتي يوم يسيطر فيه الرجال الآليون على العالم في المستقبل؟
الذكاء الاصطناعي هو نظام علمي بدأ رسميا في عام 1956 في كلية دارتموث في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية.
هل يمكن أن يأتي يوم تصبح فيه الآلات أذكى من صانعيها؟
للإجابة على هذا السؤال علينا العودة للعام 1997 حين لعب بطل العالم في الشطرنج جيري كاسباروف ضد الكومبيوتر الخارق Deep Blue، وانتهت المباراة بأن تغلب الكومبيوتر على بطل العالم في الشطرنج بجولتين مقابل جولة واحدة.
لكن هل يعتبر فوز الكومبيوتر على الإنسان في هذه المسابقات مقياساً لتفوق ذكاء الأجهزة على البشر؟
للإنصاف هذه المقارنة غير عادلة، لأن هذا النوع من المسابقات يعتمد على حجم المعلومات المخزنة وسرعة استعادة ومعالجة هذه المعلومات.
لا يمكن مقارنة سرعة معالجة البيانات بين الكمبيوتر والانسان، حيث تنتصر الآلة على الإنسان من ناحية سرعة معالجة المعلومات، لأن أسرع جهاز كومبيوتر في العالم يستطيع أن يفكر أسرع من العقل البشري.. نظرياً على الأقل.
لكن لحظة..
الذكاء ليس سرعة معالجة المعلومات!
الذكاء ليس حتى نوعاً واحداً فهناك الذكاء المنطقي أو الحسابي وهناك الذكاء العاطفي وهناك الذكاء الاجتماعي، فضلاً عن أن الذكاء يشمل أيضاً القدرة على التعلم والتأقلم.
نعم تستطيع أجهزة الكومبيوتر الخارقة معالجة المعلومات أسرع من الإنسان، لكنها غير قادرة على التأقلم والتعلم مثل الإنسان.
يستطيع الإنسان إن وضع في ظروف جديدة أن يستخدم ما يملكه من معلومات وما يملكه من ذكريات في الماضي ليتأقلم مع أوضاع جديدة لم تحدث له من قبل، ليستطيع خلق حلول لم توجد في ذاكرته من قبل.
لكن البرنامج نفسه لا يستطيع أن يطور أدواته ويتأقلم كما يفعل دماغنا.
لكن هل يمكن لعلماء الذكاء الصناعي محاكاة الدماغ؟
المشكلة لا تكمن في قدرتهم على محاكاة عمل الدماغ، بقدر ما تكمن في أننا لا نعلم أصلاً كيف يعمل دماغنا بالضبط، لذا كيف يمكن للعلماء محاكاة شيء لم نفهمه بعد؟!
لكن هل يجب أن يكون الذكاء فقط كما تعمل أدمغتنا؟
هذا ما يفكر فيه بعض علماء الذكاء الصناعي ببحثهم لتطوير نماذج للذكاء تختلف عن أدمغتنا، وهذا ما فكر فيه أيضاً العالم والمؤلف راي كورزويل الذي يعمل مديراً لمهندسي جوجل، والذي تنبأ بأنها مسألة وقت فقط قبل تطوير أنظمة كومبيوتر قادرة على “الوعي الذاتي”، أي أنها ستكون قادرة على تحليل قدراتها الخاصة وتطويرها لتحسين أدائها.
ذهب كورزويل لأبعد من ذلك حين أشعل الجدل في فبراير الماضي بمقال تنبأ فيه أن الروبوتات ستفوق صانعيها ذكاء سنة 2030.
إذن هل يمكن أن تصبح الروبوتات يوماً أذكى من البشر؟
الإجابة هي أن أحداً لا يملك الإجابة!.. وهو أمر في حد ذاته يدعو للقلق لأن الآلات أصبحت على مقدار من الذكاء بحيث ستتجاوز الذكاء البشري.
العالم دخل في الثورة الصناعية الرابعة، التي طالت جميع مجالات الحياة، بما في ذلك الإنسان، وإن هذه الثورة ستغير في حياة الإنسان وتساهم في إطالة عمره، لكن هناك جانب بشع في هذه الثورة.
هناك تحول شامل في العالم وهو التحول الرقمي، لذلك نحن أمام تحد حقيقي وهو أن الآلات التي نصنعها ستتفوق يوما ما علينا، وإذا وصلت الآلات إلى مرحلة تتفوق فيها قدرة وذكاء على البشر فسيكون لديها الطموح للسيطرة على العالم.
عندما يتفوق “عقل الآلة” على العقل البشري..
كثير من العلماء يدعون لأنشاء إدارة رقابة على الذكاء الاصطناعي للحد من مخاطره،
لاحتمال أن تخرج الآلات عن سيطرة من صنعها، أو أن ينقسم العالم في ظل الثورة الصناعية إلى صنفين من البشر، أشخاص متطورون يتمتعون بمواصفات عالية وأشخاص متخلفون عقليا وصحيا بسبب عدم الإتاحة لهم للاستفادة من التقنية. لا ندرك يقيناً أبعاد ما نصنعه بأيدينا، أو على الأقل تبعاته في المستقبل.