fbpx
تقاريرسلايدر

مستندات التحصيل بين مزايا القرار وجدل العيوب

حوار: نرمين قاسم
تدقيق: ياسر فتحي

أثارت قرارات البنك المركزي الصادرة بشأن إيقاف التعامل بمستندات التحصيل جدلاً بين مؤيد ومُعارِض.

د. هشام صلاح

في حوارٍ خاصٍ لـ”الجمهورية الثانية” مع أ.د/هشام صلاح سيد، الخبير المصرفي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء، والحاصل على دكتوراة الفلسفة في الاقتصاد، فيما يلي أبرز ماجاء في الحوار:

• بدايةً.. ماهي قرارات البنك المركزي التي صدرت؟ ولماذا ثارت كل هذه الضجة حولها؟

أصدر البنك المركزي المصري قرارًا بوقف التعامل بمستندات التحصيل، في تنفيذ جميع العمليات الاستيرادية، والعمل بالاعتمادات المستندية فقط، بداية مِن شهر مارس المُقبل مع بدء التطبيق الإلزامي لنظام التسجيل المُسبَق للشحنات، واستثنىٰ القرار فروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها، مع السماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن البضائع التي شُحِنَت بالفعل قبل صدور هذا القرار.
وأوضح المركزي أنَّ القرار يأتي في إطار حَوكمة عملية الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المُسبَق للشحنات،
وأما بالنسبة لما أُثير مِن جدلٍ حول ذلك؛ فيرجع لأهمية هذه الوسيلة، وهي مستندات التحصيل ووزنها المرتفع نسبيًا كأحد الطرق المتبعة لتمويل عمليات التجارة الخارجية بالبنوك؛ لسهولة إجراءتها وانخفاض تكاليفها مقارنةً بالاعتمادات المستندية.

• ماالفرق بين مستندات التحصيل والاعتمادات المستندية؟

قيام البنوك بعمليات تمويل التجارة الخارجية يتم عبر آلياتٍ و طرق محددة تنظم عمليات الاستيراد، وهي الاعتمادات المستندية ومستندات التحصيل،
والاعتماد المستندي هو وسيلة للشراء من الخارج (الاستيراد) حيث أنَّ المُصدِّر (الخارجي) عندما يقوم بتصدير البضاعة إلى المستورد، يريد أنْ يضمن قيام هذا المستورد بسداد كامل قيمة البضاعة، وفي نفس الوقت يريد المستورد أنْ يضمن قيام هذا المُصدِّر بتوريد البضاعة بنفس المواصفات المتفق عليها، قبل أن يقوم بإجراء تحويل القيمة المالية للمُصدِّر..
وبالتالي عملية الاستيراد هذه لابد أن تحكمها قواعد تطمئن المستورد بأن البنك صاحب الاعتماد لن يدفع القيمه إلا بعد التأكد مِن تنفيذ الشروط الواردة في الاعتماد المستندي، والمتفق عليها، لذلك يعتبر الاعتماد المستندي وسيلةً فعالة في عمليات الاستيراد والتصدير، ويتكون مِن أربعة أطراف (المستورد – بنك المستورد – المُصدِّر – بنك المُصدِّر).

أما في التحصيل المستندي.. نستند على وجود ثقه بين المستورد والمُصدِّر نتيجة لتعاملٍ مسبق بينهما، وتتم عن طريق قيام البنك باعتماد نموذج (4) الخاص بعملية الاستيراد، ودور البنك هنا سواء بنك المُصدِّر أو بنك المستورد هو إرسال وتسليم المستندات الخاصة بالبضاعة وتحويل قيمتها للمُصدِّر.
لذلك فإن عموله البنوك بالنسبة لمستندات التحصيل أقل كثيرًا إذا ما قورنت بعمولة الاعتمادات المستندية، لذلك فإن أغلب الشركات تفضل التعامل بمستندات التحصيل.

وبتبسيطٍ أكثر سأذكر مزايا كلا
منهم:

* مزايا الاعتماد المستندي:

– أنه ضامنٌ للمستورد باستلام بضاعته في الوقت المحدد والمكان المحدد، ومطابقته تمامًا للمواصفات السابق الاتفاق عليها مع المصدِّر، وبأنه لم يدفع إلا بعد تحقيق ذلك.
– أنه ضامنٌ للمُصدِّر بأنَّ قيمة بضاعته ستصل إليه ولن يتعرض لمخاطرعدم السداد.
– أما بالنسبة للبنوك، فهو أحد أهم مصادر الإيرادات، سواء عن طريق عمولات الاعتماد في كل مراحله أو الاستفادة مِن الأموال مِن تاريخ دفعها إلى تاريخ تحويلها، ولو كانت بتسهيلات سيستفيد مِن فوائد عمولات على المبلغ حين سدادها مِن العملية في إطار التسهيلات الممنوحة له.

* عيوب الاعتماد المستندي:

– طول فتره إجراءاته.
– ارتفاع عمولاته.

* مزايا مستندات التحصيل:

– بساطة التنفيذ، وانخفاض التكاليف للمستورد، وسرعة الإجراءات.
– إتاحة الفرصة لمراجعة مستندات العملية قبل سداد قيمتها.
– السداد هنا مؤجَّل لحين وصول البضاعة.
– توجد خيارات سواء بالدفع فور الاطلاع أو الدفع مقابل توقيع المستورد على كمبيالة بتاريخٍ آجل، وتتوقف المدة على مدىٰ ثقه المُصدِّر بالمستورد.

* عيوب مستندات التحصيل:

– لا يوجد التزامٌ مِن البنوك لأي طرف، سواء ضمانُ الدفع أو مطابقه البضائع للمواصفات المتفق عليها.

• ماهي الانعكاسات الإيجابية لتلك القرارات على الاقتصاد المصري؟

– يهدف البنك المركزي مِن هذا القرار حَوكمة عملية الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المُسبَق للشحنات (Aci) وبذلك يتم التحكم والسيطرة على جودة ونوعية الواردات، وأيضًا تحسين ميزان المدفوعات لمصر بشكلٍ عام.
حيث أنَّ تفعيل منظومة رقمنة المنظومة الجمركية وربط كل الموانئ عبر منصةٍ إلكترونيةٍ (النافذه الواحدة)، مما يساعد في تحفيز بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات، وتخفيض زمن الإنتاج الجمركي، وتخفيض رسوم الأرضيات، والتخزين وغرامات التأخير.

– كما أصدر البنك المركزي تيسيراتٍ جيدةٍ للمستوردين والمستخلصين الجمركيين بالسماح بقبول الفواتير التجارية للشحنات المستوردة دون اختام بشرط صدورها مِن الشركة الأم، ووجود العلامة التجارية الخاصة بها، واعتمادها مِن المستورد.

– كذلك أصدر المركزي توصيات للبنوك، بتخفيض عمولات الاعتمادات المستندية لتصبح مساويةً لعمولات مستندات التحصيل.

– سيقضي هذا القرار على احتمالية وجود أي تلاعب مِن بعض المستوردين في قيمة وحجم الواردات مِن خلال تقديمهم لفوائد بضائع تقل عن القيمة الحقيقية، بغرض تخفيض الرسوم الجمركية.

– تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات سيساعد في الاستعلام الكاملِ عن كافة الشحنات قبل شحنها ودخولها للبلاد وسرعه تنفيذ كافة الجهات المعنية بالشحن والإفراج الجمركي عنها.

– احتواء فاتورة الواردات المصرية المتزايدة، والسيطرة على عجز ميزان المعاملات الجارية، الذي ارتفع مِن 11 مليار إلى 18 مليار مِن عام 2020 إلى عام 2021.

• ما هي الانعكاسات السلبية لهذا القرار؟

مِن وجهة نظر بعض المستوردين، هناك تخوفاتٌ مِن تأثير هذا القرار نلخصها (على حد قولهم) فيما يلي:

– هناك توقع بتأثير ذلك على إمداد الصناعات بما تحتاجه من مستلزمات إنتاج، وسلع وسيطة، وقطع غيار، وخطوط إنتاج والتي ستتأثر إذا طالت فترة الاستيراد عن طريق الاعتماد المستندي.
– يعتبرونها إشارةً سلبيةً لوجود نقص في العملة، ودفع البنك المركزي لمواجهته عن طريق الرغبه في تحجيم الاستيراد لعدم القدرة على تلبية كافة الاحتياجات للمستوردين.
– التخوف مِن تأثر بعض القطاعات مثل المنظومة الصحية التي لاتحتمل إجراءاتٍ تستغرق وقتًا لتوريد احتياجاتها العاجلة.
– التخوف مِن تقليص جزء من الواردات التي تشمل مستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة، مما سينعكس سلبًا على المنتجات المصرية، وبالتالي ستؤثر على تنافسية الصادرات المصرية.
– عدم قدرة بعض المستوردين على توفير كامل قيمة البضائع المستوردة بالعملة الأجنبية.

“أيُّ قراراتٍ اقتصادية لن نعرف آثارها سريعًا، وبالتالي لابد وأنْ ننتظر حتى يؤتي القرار ثماره ونرى على أرض الواقع تأثيراته على عمليات التجارة الخارجية، وهذا الأمر يحتاج إلى فترة مِن 3 إلى 6 أشهر للحكم عليه”.

• هل سيؤثر القرار على متوسطي وصغار المستوردين؟ وكيف سيكون التأثير إذا حدث؟

– هناك تخوفاتٌ مِن عدم قدرة صغار المستوردين على توفير كامل قيمة البضائع بالعملة الأجنبية، مما سينعكس سلبًا على توريدها والوفاء بالتزاماتها في توقيتاتها المحددة.
– صغار المستوردين لايتمتعون بتسهيلاتٌ ائتمانية مما يُخِل بمبدأ تكافؤ الفرص لصالح كبار المستوردين الذين لهم تسهيلات ائتمانية بالبنوك وكذلك مع المنشآت التابعة لفروع الشركات الأجنبية والشركات التابعة لها والمُستثناة مِن القرار.

• هل سيؤثر القرار على المواطن بشكل مباشر عن طريق زيادة أسعار السلع؟

– هناك بعض التخوفات مِن ارتفاع أسعار بعض المنتجات إذا ما تم تحميل المنتج ثمن ارتفاع تكاليف طولِ فترةِ الاستيراد، أو زيادة فترة الشحن للبضائع المستوردة.

• ماهي عيوب هذا القرار؟

– أي قرار له انعاكاساتٌ سلبية وإيجابية، والمهم أن تكون إيجابياته أكثر، وتفوق سلبياته وأنْ يكون المستفيد مِن الإيجابيات هم الشريحة الأكبر مِن الشريحة المتضررة بسلبياته (إنْ وجِدَت).
– وتكمن آثار هذا القرار والجدل المُثار بشأنه بسبب معاناة السوق مِن تداعيات جائحة كورونا التي قاربت على العامين، وكذلك اقتراب شهر رمضان الذي يزيد مِن فاتورة الاستيراد مع إعلان البعض عن عدم وجود شفافية، وإعلام الجهات المَعنية بالقرار وعمل حوار مجتمعي معها للوصول لأفضل صيغة، ولكن قرارات البنك المركزي بوصفه قائد السياسة النقدية والمسئول الأول عنها لا يجب أنْ تخضع للأهواء والرغبات، بل أنْ يكون هدفها الصالح العام.

• كيف نتلافىٰ عيوب هذا القرار؟

– استثنىٰ البنك المركزي بالفعل الشحنات الواردة بالبريد السريع و الشحنات حتى 5000 دولار، بالإضافة إلى الأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها والسلع الغذائيه (شاي، لحوم، دواجن، أسماك، قمح، زيت، لبن بودرة، لبن أطفال، فول، عدس، زبدة، ذرة).
– كما سمح البنك المركزي للبضائع السابق شحنها قبل صدور القرار بالتعامل معها مِن خلال مستندات التحصيل.
– أصدر البنك المركزي تعليماته للبنوك بتخفيض عمولة الاعتمادات المستندية لتصبح مثل عمولات سندات التحصيل دون أي أعباء إضافية على المستوردين.
– أصدر البنك المركزي توجيهاته للبنوك بوضع آليات سريعة تُسهِم في تسهيل إجراءات الاستيراد وعدم وجود أي تأخيرات في تلبية أي عملية استيرادية.
– كما أصدر المركزي توجيهاته للبنوك بزيادة الحدود الائتمانية القائمه للعملاء وفتح حدود جديدة للعملاء بما يتناسب وقدرة كل عميل، وحجم استيراده، وفتح كافة الاعتمادات المستندية المطلوبة مِن العملاء فور طلبهم.
– أصدر البنك المركزي توجيهاته للبنوك بتلقي استفسارات وشكاوىٰ العملاء والرد عليها بصورة سريعة وتذليل أي عقبات قد تواجهه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى