كتب: محمد ماهر
تدقيق لُغوي: إسلام ثروت
من المتوقع أن يرتفع إنتاج الأفيون في البلاد مع دخول أفغانستان فترة جديدة من انعدام الأمن الاقتصادي والسياسي “كما يقول الخبراء”، مما يعني أن الهيروين الرخيص يمكن أن يُغرِق شوارع البلدات والمدن الأوروبية، جنبًا إلى جنب مع المِيث البلوري القاتل.
أصبحت التجارة العالمية غير المشروعة في المواد الخام المخدرة الأفغانية أحد أكبر تهديدات المخدرات والجريمة عبر الحدود الدولية في العالم، لا سيما بعد سقوط أفغانستان بين براثن حركة طالبان بعد الانسحاب الأمريكي المخزي والمتفق عليه مع طالبان منذ أيام “ترامب”؛ لكن التنفيذ بالطبع كان من نصيب “بايدن”، أحد أفراد نظام “أوباما”، مع ما يترتب على ذلك التهديد من عواقب وخيمة على الصحة والحكم والأمن على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
وانتشرت تلك التجارة غير المشروعة بالمواد الخام المخدرة من أفغانستان إلى كل قارة في العالم تقريبًا باستثناء أمريكا الجنوبية، وتُهرَّب تلك المواد عن طريق ثلاثة طرق رئيسة (طريق البلقان، والطريق الشمالي، والطريق الجنوبي).
ونظرًا لخطورة المشكلة، وضع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والمجتمع الدولي تحليل ورصد حركة المواد الخام المخدرة في أفغانستان بصفتها أولوية قصوى.
ومع وجود العديد من المنتجات النهائية من المواد المخدرة الأفغانية، فإن التهديد على أوروبا وأمريكا الشمالية يتزايد بشكل كبير، وعلى مناطق أخرى في جميع أنحاء العالم أيضًا.
يمكن معالجة المواد الخام المخدرة لتنتج المورفين والهيروين كمنتج نهائي، وهذه العمليات لا تحتاج إلى الكثير من المعدات أو المختبرات المتقدمة:
الشكل أدناه يوضح تأثير الجائحة على تلك التجارة وفقًا لموجز منصة رصد المخدرات الذي صدر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بعنوان “الأثر المحتمل لجائحة COVID-19 على الإتجار بالمواد المخدرة والميتامفيتامين والذي منشأه أفغانستان”.
يبين الشكل عدد وأماكن ضبطيات المواد الخام المخدرة في طريقين رئيسيين هما طريق البلقان والطريق الشمالي.
لم تمنع جائحة COVID-19 المستمرة طريق البلقان من الحفاظ على وضعه طريقًا رئيسًا للإتجار بالمواد الخام المخدرة الأفغانية، كما أنها لم تمنع على ما يبدو فرع القوقاز من نفس الطريق من أن يكون ممر عبور محتمل للإتجار بالمواد الخام المخدرة وتهريبها إلى الأسواق الأوروبية.
وعلى الرغم من التقلبات قصيرة الأجل، والتي ربما تكون ناجمة عن موجات من القيود التي فرضتها الدول والمتصلة COVID-19، فإن عمليات ضبط الهيروين الكبيرة التي تمت خلال عام 2020 في بلدان أخرى غير أفغانستان تشير إلى أن الإتجار بالمواد الخام المخدرة على نطاق واسع استمر طوال فترة الجائحة، ربما عن طريق شحنات أكبر مما كانت عليه قبل الجائحة.
وكان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة نشر تقريرًا عن هذه المسألة في مايو 2020 بعنوان “زيادة زراعة خشخاش الأفيون بنسبة 37 في المائة في عام 2020″، في حين يستكشف الباحثون طرقًا جديدة لجمع البيانات بسبب جائحة COVID-19.
بلغت المساحة الإجمالية المزروعة بخشخاش الأفيون في أفغانستان حوالي 224,000 هكتار في عام 2020، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 37 في المائة أو 61,000 هكتار بالمقارنة بعام 2019، وفقا للملخص التنفيذي لمسح الأفيون في أفغانستان لعام 2020. وكانت المساحة المزروعة، التي تبلغ مساحتها 000,224 هكتار، واحدة من أعلى قياسات المناطق التي أجراها المكتب على الإطلاق.
اشترك في نشر الدراسة هيئة الإحصاءات والمعلومات الوطنية الأفغانية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
ظلت المنطقة الجنوبية الغربية المنطقة الرئيسية المنتجة لخام لأفيون في البلاد، حيث بلغت نسبة الإنتاج بها 71 في المائة من مجموع إنتاج الأفيون في أفغانستان، في حين زادت المساحة المزروعة في جميع المحافظات الرئيسية لزراعة خشخاش الأفيون زيادة كبيرة.
وانخفض عدد المحافظات الخالية من الخشخاش في البلد من 13 إلى 12 محافظة في عام 2020، مع فقدان محافظة “كابيسا” في الشمال الشرقي مركزها الخالي من الخشخاش.
وقُدّر الإنتاج المحتمل للأفيون بـ 300,6 طن بناءٍ على البيانات التي جُمعت.
شكل جمع البيانات خلال جائحة COVID-19 تحديًا غير مسبوق للباحثين، ولم يكن ممكنًا القيام بعمل ميداني شخصي خلال الجائحة الحالية، مما دفع هيئة الإحصاءات والمعلومات الوطنية الأفغانية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى وضع واستخدام منهجية جديدة لتقدير العائدات؛ استنادًا إلى البيانات التي وفرتها الأقمار الصناعية.
وقدرت قيمة إنتاج الأفيون في المزارع في عام 2020 بمبلغ 350 مليون دولار أمريكي، وهو مؤشر هام على الدخل الإجمالي للمزارعين من زراعة الأفيون، وبلغت أسعار المنتج من المزرعة 55 دولارًا للكيلوجرام الواحد، أدنى مستوى لها منذ بداية عملية الرصد، مما يشير إلى أن الحالة الاقتصادية لمزارعي الأفيون الذين يعانون من الفقر قد تزداد سوءًا مؤخرًا.
وهناك عوامل متعددة تدفع باتجاه زيادة زراعة خشخاش الأفيون في أفغانستان، مثل عدم الاستقرار السياسي، وندرة فرص العمل، والافتقار إلى التعليم الجيد، ومحدودية الوصول إلى الأسواق.
لا تُعد زراعة خشخاش الأفيون مشكلة محلية، ولا يُستهلك الهيروين في أفغانستان والبلدان المحيطة بها فحسب، بل يستهلك أيضًا في أوروبا التي تعد الوجهة الرئيسة لإنتاج الهيروين في أفغانستان.
وهذه المعلومات أساسية لتخطيط وتنفيذ ورصد الجهود العالمية لمكافحة المخدرات.
والخلاصة أن العالم عامة، والقارة الأوربية وأمريكا الشمالية خاصة، سيعانون من زيادة زراعة خام الأفيون في أفغانستان وما ينتهي إليه من منتجات أكثر خطورة مثل المورفين الهيروين، حيث أن طالبان لا تعرف سوى تلك الوسيلة كدخل ثابت كانت مَوَّلت منه عملياتها طوال العشرين عامًا الماضية.
ملاحظة: مصادر الخرائط من تقارير جهات مختلفة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة.