عبدالعزيز السلاموني يكتب: انحراف الإعلام بين التشجيع والتلميع
مما لا يدع مجالًا للشك، هناك أهداف سامية للإعلام بشتى صوره، المرئي والمسموع والمقروء، بجانب القواعد والمواثيق التي تضبط تلك المنظومة ذات التأثير القوى فى مصير الشعوب.
والمتابع للأحداث في العقود الأخيرة، في جميع أنحاء العالم، مع انطلاق المحطات الفضائية والتوسع في انتشار المواقع الإخبارية، يلاحظ القدرة والسطوة التي تمتلكها تلك المؤسسات الإعلامية في تشكيل الرأي العام.
فعلى مدار عقدين سابقين شاهدنا سقوط العديد من الأنظمة في عالمنا العربي أو ما تعرف “بثورات الربيع العربي”، وكان العامل المؤثر في ذلك هو الإعلام، عبر قنوات فضائية ووكالات أنباء عالمية ومواقع الكترونية تتبنى أجندات خاصة.
كلنا يعلم مدى تأثير الكلمة على المتلقي، فبكلمة قد تحدث ثورة وتشعل نارا لا تبقي ولا تذر، وبكلمة أخرى تسطيع اخماد بركان ثائر من الغضب.
فالإعلامي الحق هو الذى يفهم جيدا مدى خطورة مهمته، وتأثير كلمته التي ينطق بها أو يكتبها وفق مبادئ تنص عليها مهنته وضميره.
ولكن للأسف ما نشاهده أو نسمعه أو نقرأه في العديد من وسائل الإعلام أشياء يندى لها جبين الأخلاق، وتجعلك تشعر بالغثيان، لغياب الوعى الذي كان يجب أن يتحلى به من يمتهن تلك المهنة الخطيرة.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، ما حدث خلال الأيام الماضية في أحد أشهر برامج التوك شو في مصر والوطن العربي، والذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب أحد أبرز الإعلاميين في مصرحين استضاف المخرج الشهير خالد يوسف لتلميعه مرة أخرى، بعد ارتكاب أفعال مشينة!
تلك الشخصية التي هربت من مصر إثر ارتكاب أفعال فاضحة، وانتشار فيديوهات شاهدها الملايين في كل صوب وحدب، تمس العرض والشرف، وتناقلتها كل المواقع على السوشيال ميديا.
بأي حق، وبأي وجه، وبأي جرأة، استطاع المذيع والضيف الحديث، ومواجهة الملايين من جمهور المشاهدين؟! مع ابتسامة المذيع المتكلفة وكأنه يستضيف أحد الفاتحين أو أحد علماء الذرة!
بجانب الصورة التي ظهر عليها المخرج في كامل أناقته، ولغة جسده التي تشير إلى أنه برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وهو يقول: هناك حملة ممنهجة لقتل معنوياتي…!
والسؤال الذى يطرح نفسه، ويدور في أذهان الرأي العام: هل كل من شارك في ثورة ٣٠ يونيو تغفر له خطاياه ولا يعاقب؟! على اعتبار أن المخرج الشهير من المشاركين في الثورة وشارك في تصوير الجماهير الغفيرة المشاركة في الثورة.
والإجابة عن هذا السؤال: لا يوجد أحد فوق القانون في ظل عهد الرئيس السيسي، والوقائع تشهد على ذلك، فكم من وزراء ومسئولين قدموا للعدالة!
كيف لمثل هذا الضيف ألا يعاقب قانونيا على فعله الفاضح الذي هرب من أجله؟!
ألم تعاقب الفتيات اللاتي ظهرن معه في الفيديوهات؟! بلى عوقبن…! وقضين فترة في السجن خلف القضبان.
كيف يسمح له بالظهور الفج في البرامج والقنوات ويتحدث عن ثورة ٣٠ يونيو وكأنه أحد زعماء الثورة؟! وكيف يتحدث عن أعماله القادمة مشيرا لعمل فيلم عن حرب أكتوبر؟! مما أحدث حالة من الاستفزاز لدى الجمهور، وحالة من الغضب العام بين أوساط الشعب من المشاهدين!
أمن أجل ماذا يحدث ذلك العبث؟!
وإلى متى تنحرف رسالة الإعلام؟!