زاهي حواس يكشف أسرار الملك أمنحتب الأول بالأشعة المقطعية
كتبت: ندىٰ حسن
تدقيق: ياسر فتحي
ظلت أسرار مومياء أمنحتب الأول مخبأة تحت اللفائف وقناع الوجه الجنائزي، حتى تم الكشف عنها مؤخرًا في الدراسة العلمية التي نُشرت في 28 ديسمبر 2021 في مجلة فرونتيرز في الطب لعالم المصريات الدكتور “زاهي حواس”، والدكتورة “سحر سليم” أستاذة الأشعة بكلية الطب جامعة القاهرة والخبيرة في أشعة الآثار.
واستخدمت الدكتورة سحر سليم، والدكتور زاهي حواس تقنية أشعة متطورة مِن التصوير المقطعي المحوسب وبرامج الكمبيوتر المتقدمة لفك اللفائف من على مومياء أمنحتب الأول بشكل رقمي آمِن ودون الحاجة إلى لمس المومياء.
وكشفت الدراسة المصرية لأول مرة عن وجه الفرعون وعمره وحالته الصحية بالإضافة إلى العديد مِن أسرار تحنيط المومياء وإعادة دفنها.
وظل وجه صاحب هذه المومياء ومايتعلق به مِن معلومات حبيسة اللفائف وخلف القناع الملكي حتى كشفت عنها الدراسة العلمية التي نُشِرت مؤخرًا في المجلة العلميةFrontiers in Medicine المرموقة عالميًا بواسطة الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصرية مع الدكتورة سحر سليم أستاذ الأشعة بكلية الطب بجامعة القاهرة خبيرة أشعة الآثار.
حيث فحص العالِمان المصريان مومياء الملك أمنحتب الأول باستخدام جهاز التصوير المقطعي المحوسب والموجود في حديقة المتحف المصري بالقاهرة.
واستخدم العالِمان المصريان التقنيات الحديثة للأشعة المقطعية في إزالة اللفائف عن مومياء الملك أمنحتب الأول بشكل افتراضي آمِن بواسطة برامج الحاسب الآلي وبدون المساس بالمومياء،
فهذه التقنية تحفظ المومياء سليمة بدون لمس، على عكس الطريقة القديمة في فك اللفائف بشكل فعلي والذي كان يُعَرضها للتلف.
وقال الدكتور “زاهي حواس” أنَّ هذه الدراسة نجحت ولأول مرة منذ أكثر مِن ثلاثة آلاف سنة، تم فك اللفائف بواسطة الكومبيوتر عن وجه الملك أمنحتب الأول و الذي اتضح أنه يشبه بشكل كبير والده الملك أحمس الأول والمحفوظة في متحف الأقصر، كما حددت الدراسة بشكل دقيق عمرالملك أمنحتب الأول وقت الوفاة، وقدَّرته ب ٣٥عامًا.
وأكد “حواس” أنَّ الدراسة أنبأت عن الحالة الصحية الجيدة للملك، فلم تظهر أي أمراض أو إصابات بالمومياء تُنبئ عن سبب الوفاة.
وكشفت الدراسة أيضًا معلومات مثيرة عن طريقة تحنيط الملك أمنحتب الأول المميزة حيث اتضح أنَّ وضعية تقاطع الساعدين على جسد مومياء الملوك (التي تسمىٰ الوضعية الأوزيرية) بدأت بمومياء الملك أمنحتب الأول.
فهذه الوضعية الأوزيرية لَم تُرىٰ في مَن سبق الملك أمنحتب الأول مِن الملوك، و استمرت بعده في ملوك المملكة الحديثة.
وأثبتت الدراسة أن المخ لا يزال موجودًا في جمجمة الملك أمنحتب الأول، فلم تتم إزالة المخ في عملية التحنيط على عكس معظم ملوك المملكة الحديثة مثل توت عنخ آمون و رمسيس الثاني و غيرهما، حيث تمت إزالة المخ ووضع مواد تحنيط و راتنجات بداخل الجمجمة.
كما كشفت صور الأشعة ثلاثية الأبعاد الدقيقة في الدراسة عن وجود ٣٠ تميمة في داخل المومياء وبين لفائفها، وكذلك وجود حزام أسفل ظهر مومياء الملك مكونٌ مِن ٣٤ خرزة مِن الذهب، كما كشفت الدراسة التي قام بها الفريق المصري الخالص عن التقنية الدقيقة للمصريين القدماء في صناعة القناع الجنائزي للمومياء ووضع الأحجار الثمينة عليه.
وكشفت الدراسة ولأول مرة عن أسرار معالجة كهنة الأسرة ٢١ للمومياوات الملكية لإعادة دفنهم في الخبيئتين الملكيتين في وادي الملوك و الدير البحري.
فأثبتت الدراسة العناية الفائقة التي أولاها كهنة الأسرة ٢١ في إعادة دفن مومياء الملك أمنحتب الأول والحفاظ على الحلي الذهبية ووضع العديد مِن التمائم بداخل المومياء مما يعيد الثقة في حسن نوايا في مشروع إعادة دفن المومياوات الملكية للحفاظ عليها عكس المزاعم التي أثيرت عن أنَّ الهدف كان لسرقة الحلي و النفائس مِن مومياوات الملوك القدامىٰ لإعادة استخدامها لملوك الأسرة ال ٢١.
وقام الدكتور “زاهي حواس” والدكتورة “سحر سليم” باستخدام الأشعة المقطعية لفحص أربعين مومياء ملكية مِن المملكة الحديثة في مشروع المومياوات الملكية التابع لوزارة الآثار المصرية والذي بدأ منذ عام ٢٠٠٥ ومستمر حتى الآن.
ومِن النتائج المهمة لهذا المشروع، هو الكشف عن أسرار مقتل الملك رمسيس الثالث في مؤامرة الحريم ومقتل الملك سقنن رع في معركة حرير مصر مِن الغزاة الهكسوس مما يدل ذلك على أنَّ علوم الآثار الحديثة بأيادي الخبراء المصريين يمكنها إعادة كتابة التاريخ.
وتعتبر مومياء الملك “أمنحتب الأول” والقناع الجنائزي هي أيقونة حفل موكب المومياوات الملكية المهيب لنقلها مِن المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط في أوائل أبريل مِن هذا العام.
الملك أمنحتب الأول هو ابن الملك أحمس قاهر الهكسوس والذي تولى عرش مصر بعد والده وحكم البلاد لمدة واحد و عشرين عامًا (مِن 1525 الى1504 قبل الميلاد في الأسرة ١٨).
وتم العثور على مومياء الملك أمنحتب الأول عام 1881 في مخبأ الدير البحري الملكي في الأقصر، حيث قام كهنة الأسرة الحادية والعشرين بإعادة دفن وإخفاء مومياوات العديد مِن الملوك والأمراء لحمايتهم مِن لصوص المقابر، وبعد نقلهم إلى القاهرة، تم فك اللفائف عن كل المومياوات الملكية وذلك في الفترة ما بين ١٨٨١ و ١٨٩٦ عدا مومياء الملك أمنحتب الأول.
فهي المومياء الملكية الوحيدة التي لَم يتم فك اللفائف عنها في العصر الحديث وذلك حفاظًا على جمال المومياء المُغطاة بالقناع الجنائزي وأكاليل الزهور الملونة.