چورج أنسي يكتب : إلى المصدومين في دين ماجد الكدواني
لم أندهش أبدًا من تعليقات بعض مرتادى وسائل التواصل الاجتماعى -من المصريين- عندما عبروا عن عميق حزنهم وصدمتهم عند اكتشاف ديانة أحد نجوم الفن!
فتلك الصدمة كاشفة لما عليه حال المجتمع المصرى وعقليته وتشدده, الذى تصاعد بقوة مع المد الدينى منذ سبعينيات القرن الماضى.
هذا الجمهور المصدوم المخدوع هو نتاج الظروف والبيئة التى نشأ فيها من خلال تربية أسرية ترسخت فى أذهانها -عبر عدة عقود- كل كوارث الطائفية البغيضة وعدم القدرة على التعايش مع الآخر المختلف ،والتى تأسست بقوة مع وصول الرئيس الراحل أنور السادات الى السلطة عام ١٩٧٠ معلنًا بذلك دولة “العلم والايمان” تحت قيادته كرئيس “مؤمن” وبدعم من قوى إقليمية ودولية حرصت على “تديين” المناخ العام فى مصر بشكل يخدمها، وتغيير هويتها التعددية المحتضنة لكل الديانات والطوائف والأعراق، الى دولة شبه دينية تنبذ الآخر أيًا كان.
وآخر هؤلاء النجوم الذي صدم جمهور كبير فى ديانته، كان الفنان المبدع ماجد الكدوانى، الذى احتفل أخيرًا بزفاف نجله فى إحدى الكنائس، ومن هنا ظهر المستور على مستويين، الأول متمثلًا فى الكدواني نفسه بمعرفة ديانته المسيحية، والثانى فى صدمة المتابعين بسبب اسمه “الخادع” غير واضح المعالم الدينية، والذى أخفى عنهم وراءه معرفة ديانته لسنوات طويلة، وفق تصورهم.
لست فى حاجة للتذكير بالقمم التى آثرت الحياة الفنية منذ بدايات القرن الماضى، فقد جمعت استوديوهات الفن والمسارح فى مصر، أشكالًا وألوانًا من الطوائف والعرقيات التى ساهمت فى تتويج الفن المصرى على عرش قلوب جميع العرب.
لم يكن هناك من يهتم بطائفة وديانة هذا الفنان أو ذاك؛ اللهم إلا فى أضيق الحدود، بل إن مصر استقبلت فنانين من خارج الديانات والطوائف المعروفة؛ ولم تشكل عقيدتهم وطوائفهم عائقًا أمام مشوارهم الفنى، وهو أمر لم يعد متاحًا الآن فى ظل ما نعانيه من تدنى مستوى التعليم والتربية وعدم وضع تشريعات قانونية حاسمة تقضى على التمييز وتحارب التفرقة فى جميع قطاعات المجتمع، لكن-مع ذلك-يبقى الأمل فى أجيال جديدة تؤمن بأن الحياة تتسع للجميع وأن النجاح فى الجمهورية الثانية ، هو وليد عمل جماعى قائم على الكفاءة والإخلاص والتميز فى الأداء المهنى.