يومًا ما.. سيتجاوز الذكاء الاصطناعي قدرات العقل البشري
موضوعات الذكاء الاصطناعي الأكثر بحثاً بين الناس وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وبعد سلسلة من التطورات، خرج مؤسس “مايكروسوفت” بيل جيتس ليعلن أن الذكاء الاصطناعي في تطور مستمر وغير قابل للإيقاف، مؤكداً أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستتجاوز يوماً ما قدرات العقل البشري، وسيكون بإمكانه القيام بكل ما يقوم به العقل البشري بالإضافة لتمتعه بذاكرة وسرعة غير محدودتين، واصفاً سرعة عمل العقل البشري بـ”الحلزون!”.
ما الطفرة التي وصلت الآلات إلى هذه القدرات العالية التي بدأت تنافس القدرات البشرية؟
تتطور نماذج الذكاء الاصطناعي على يد خبراء وهي تعتمد بشكل كامل على البيانات، وكلما زادت كمية البيانات المدخلة زادت دقة الإجابات، بالتالي تلعب عملية التعامل مع البيانات الدور الأساس في هذا المجال.
النماذج اللغوية أحد أشكال “الشبكات العصبية الاصطناعية”، التي تعد من المواضيع المهمة لدورها الفعال في تطوير كثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال بناء النماذج والتحليل وتقييم البيانات والتنبؤ والسيطرة عليها، كشكل من أشكال التعلم الآلي العميق.
جاءت الشبكات العصبية الاصطناعية كحل ثوري وضع الآلة على أعتاب المحاكاة الذكية للعقل البشري، ويعد فهمها ومعرفة طريقة عملها الطريق الأسهل لتعلم الذكاء الاصطناعي.
أول شبكة عصبية اصطناعية
في أربعينات وخمسينات القرن الماضي بدأ تطوير الشبكات العصبية الاصطناعية ANN ، إذ قامت شركة “أي بي إم” IBM بالمحاولة الأولى لمحاكاة الخلية العصبية، لكنها أهملت في ما بعد.
في نهاية الخمسينيات، بدأ عالم الأعصاب الأمريكي فرانك روزنبلات العمل على ما يدعى اليوم بـ “بيرسيبترون”Perceptron ، وهو اسم التجارب بدأها لمحاكاة العقل البشري في عملية التفكير بين عامي 1957-1962، التي أدت إلى ابتكاره أول شبكة اصطناعية في التاريخ، والتي أصبحت في ما بعد حجر الأساس للذكاء الاصطناعي والتعلم العميق الذي نعرفه اليوم.
وتعد “بيرسيبترون” من أبسط أنواع الشبكات العصبونية وأكثرها بدائية، إذ لا يحتوي على طبقة عصبونات خفية بل تنتقل المعلومات المدخلة من الطبقة الأمامية (المدخل) إلى النهائية (المخرج) مباشرة، وتربط بينها موصلات ذات أوزان قابلة للتعديل.
محاكاة الدماغ البشري
يعرف العالم الفنلندي تيوفو كوهونين، وهو أحد أبرز العلماء في مجال الشبكات العصبية الاصطناعية بأنها “شبكات ذات ترابط كثيف في ما بينها وتضم عناصر بسيطة ومتوازية وذات تنظيم هرمي، وتتفاعل مع كائنات العالم الحقيقي بالطريقة نفسها التي يتفاعل بها النظام العصبي البيولوجي مع العالم الحقيقي”.
تعد الشبكات الاصطناعية محاكاة إلكترونية برمجية لطريقة عمل الأعصاب البيولوجية في الدماغ البشري في التعلم والتذكر واتخاذ القرارات وتمييز الأشياء.
يحوي الدماغ البشري حوالى 86 مليار خلية عصبية Neuron، تتميز بقدرتها على التواصل وتبادل الإشارات (النبضات)، وترتبط مع بعضها بشبكة واسعة من الألياف العصبية، وبذلك تعالج الخلايا المعلومات وتخزنها بشكل متواز.
تكمن قوة الشبكات العصبية في الشكل الهيكلي الذي تقوم عليه معالجة البيانات والمدخلات بحيث يستطيع كل جزء منه أن يعمل بشكل منفصل يديره جزء آخر يشرف على عمله، تماماً كما تعمل حوسبة معالجات الكومبيوتر، وكل ما تقوم به الخلايا العصبية الاصطناعية هو معالجة البيانات بأسلوب محاكاة العقل البشري.
العصبونات الاصطناعية
وفي حين يمتلك الإنسان خمس حواس تعمل كوحدات إدخال توصله بالعالم الخارجي، كذلك تحتاج الشبكات العصبية إلى وحدات إدخال مماثلة، ووحدات معالجة تتم فيها عمليات حسابية نحصل من خلالها على رد الفعل المناسب لكل مدخل من المدخلات للشبكة.
ويمثل العصبون أصغر وحدة في الشبكة، ويتجلى تشابهها الرئيس مع الدماغ البشري في اكتسابها المعرفة بالتدريب وتخزينها هذه المعرفة باستخدام وصلات داخل العصبونات تسمى “الأوزان”، وتتكون الشبكة من ثلاثة مستويات:
-مستوى المدخلات.
-مستوى مخفي.
-مستوى المخرجات.
وتمر بسلسلة من العمليات الرياضية التي تحاول محاكاة كيفية عمل العصبون في الدماغ البشري، أولها عملية الضرب وثانيها الجمع ثم يتم إدخال ناتج العمليتين إلى تابع رياضي، للحصول أخيراً على ما يسمى “النتيجة أو المخرج”.
المتحولات الكبيرة
وتعد المتحولات Transformers من أهم الشبكات الاصطناعية، إذ اعتبر ظهورها عام 2017 إنجازاً مهم، لكونها تعمل بطريقة مشابهة للعقل البشري تماماً.
في طريقة تعقب المعلومات اعتماداً على السياق وليس موقع الكلمة، إذ كانت الشبكات تعمل في بداياتها على التنبؤ بالإجابة وفقاً لآخر كلمة في الجملة الأمر الذي يجعل المخرجات غير دقيقة.
عالجت المتحولات واحداً من أكبر عيوب الشبكات من خلال قدرتها على إعطاء كل كلمة نسبة من اهتمامها وفقاً لمدى أهميتها داخل الجملة وليس موقعها فحسب، الأمر الذي صنع تحولاً كبيراً في قدرات المحاكات لدى الشبكات، ومن هذه اللحظة بدأت تتطور النماذج اللغوية وتتنافس في ما بينها.
في النهاية بالتطور المتلاحق والسريع لأنظمة الذكاء الاصطناعي سيتحول العالم بعد عدد قليل من السنوات الى عالم مختلف، سيتحكم فيه الذكاء الاصطناعي في البشر.. بفضل تطور قدراتهم التي تفوق قدرات البشر.