fbpx
مقالات

هشام النجار يكتب: إنقضاء حقبة نصرالله والخوميني وظهور الإمام موسى الصدر في لبنان

كثيرون يصفون هذه المرحلة بالفرصة وأنا أتفق تمامًا؛ فهي فرصة لانكشاف مُضاف لتيار الإسلام السياسي؛ إذ أن الإنكشاف الفاضح الأول جرى خلال اختباره في السلطة بعد ما عُرف بثورات الربيع العربي وتبين مدى ضحالته وفشله، والثاني الآن حيث يجري اختبار شعارات أخرى أطلقها مثل أحقيته بصدارة مشهد المواجهة الحضارية ضد الغرب وإسرائيل وأنه أجدر بذلك من التيار القومي والعروبي، كما أنها فرصة لاستعادة نموذج الدولة الوطنية في دول مفروض عليها واقع غريب وعبثي بقوة السلاح عبر رهنها بالكامل (ثروات ومصالح وقرارات سيادية) لقوى إقليمية خارجية، وأضيف هنا أنها رغم الآلام والجراح والأحزان فرصة نادرة للشيعة العرب لإعادتهم إلى حضن أوطانهم العربية وفك ارتهانهم الضار والعبثي والكارثي للنظام الحاكم في إيران، ليس في لبنان فقط إنما في كل دول المنطقة وبالطبع على وجه الخصوص اليمن والعراق وسوريا.

ذكرت في أكثر من مناسبة وعبر مقالات متكررة خلال الأعوام الماضية أنه ليس أمام المواطنين الشيعة في الدول العربية سوى التحلي بالوطنية والدفاع عن مقدرات أوطانهم بجانب أشقائهم من مختلف الانتماءات والطوائف في مواجهة أطماع قوى حاولت خداعهم تحت ستار مزاعم الدفاع عن الطائفة ونصرتها.

قلت وقتها إن الشيعة في لبنان والعراق وسوريا واليمن اكتشفوا أنهم أيضًا ضحية تلك الأطماع التي تهدف لأن يقطعوا صلتهم بمحيطهم العربي وتظل بلادهم مدمرة معزولة عن شقيقاتها العربية حيث لا تضمن دولة المركز هيمنتها وتحقيق أطماعها إلا بجعل العالم العربي دولًا فاشلة على طريقة الإخوان وداعش بتحويلها إلى دار حرب، وفي الحرب الكل خاسر شيعة وسنة ومسيحيين.

ليس هناك منتصر نهائي في معادلات كهذه وما ستعاني منه طائفة سيعاني منه الجميع لذلك سمعنا انتقادات -قبل عملية طوفان الأقصى بسنوات وبالطبع قبل الحرب في لبنان- في الشارع الشيعي لحزب الله وخرجت المظاهرات ضد الحزب في مناطق نفوذه بجنوب لبنان ووقعت مواجهات في بعلبك والهرمل والنبطية، وفي العراق اتحد الصوتان الشيعي والسني ثائرين ضد الظلم والفساد المُشرْعَن بالطائفية.

ما يشجع على تغيير الوضع القائم إنتهازًا للفرصة المواتية بعد إضعاف قوة الميليشيات والأحزاب الطائفية (ولو بيد إسرائيل المحتلة الغاشمة) أن الشيعة العرب ليسوا هم عناصر الميليشيات الطائفية فهؤلاء قلة منتفعة فاسدة مثلها مثل نسبة جماعة الإخوان الإرهابية إلى عموم المسلمين السنة، أما الغالبية فوطنيون يدركون أن المسيحي والسني الذي يعاني الفقر والبؤس والمرض لا يختلف عن الشيعي شريكه في المعاناة، وأن بغداد وبيروت تتسع لكل الطوائف والمذاهب ولا ينبغي تركها لأعداء الحياة من جماعات لا يهمها تطوير ولا تعليم ولا إطعام جائع ولا إغاثة محتاج ولا تجيد غير لغة الدم والتهديد لتحولها إلى مدن أشباح حقدًا على العرب وحضارتهم.

منهج موسى الصدر منقذ الشيعة العرب

كانت حركة أمل التي نشأت في لبنان وأسسها موسى الصدر -وأسس كذلك المجلس الشيعي الأعلى سنة 1967م- تعبر عن نفسها وإطارها اللبناني، وعمقها العربي، ولم تلوِث نفسها بأبعاد خارجية وتصورات وخيالات أيديولوجية تؤرق المنطقة والإقليم، ودعت إلى “لَبْنَنَة” الشيعَة اللبنانيين وعدم خروجهم انتمائيا عن خط الدولة اللبنانية.

كان السيد موسى الصدر يؤمِن بالتعددية، وبالتعايش الإنساني (الإسلامي-الإسلامي، والإسلامي-المسيحي) داخل الدولة، وكانت رؤيته في السياسة أقرب إلى الدولة المدنية، ودعا فئته من الشيعة أن لا ينقطعوا عن المحيط التعددي، وأن يتبنوا أطروحات تفاعلية وتشاركية لا إقصائية ولا طائفية، ولا انفصالية عن المجتمع والمحيط.

وقد حُورِب الرجل والكيانات التي أسسها، من الكلاسيكيين الشيعَة، بل ومن بعض المعتدلين، فقد رفض مشروعَه الشيخُ جواد مغنية والسيد هاشم معروف الحسني، وهذا التيار كان أقرب إلى كلاسيكية النجف في العطاء المدرسي والحوزوي، ويفضل بقاء الأوضاع على ما هي عليه.

قوبل نهج السيد موسى الصدر كذلك بعدم ارتياح في إيران، بخاصة من رجال الدين المحسوبين على الثورة الخُومِينية، وزادت هذه الفجوة بعد احتفاء مجموعات شريعتي بالسيد موسى الصدر وبأفكاره ونظرياته، واعتباره ندا للخُومِيني.
كذلك سعى العلامة مهدي شمس الدين الذي خلف موسى الصدر في زعامة المجلس الأعلى إلى استقلال القرار الشيعي اللبناني عن قُم، وطالب بالفصل التام بين ولاية الفقيه الإيرانية وشيعة لبنان، وأسس نظريته الشهيرة: “العلمانية المؤمنة”، مِما زاد الفجوة بين تياره ومجموعات حزب الله وروافدها التي تقدس نظرية ولاية الفقيه وتعلن مرارًا تبعيتها الكلية للدولة الإيرانية.

وفي نفس خط “العلمانية المؤمنة” التي أسسها مهدي شمس الدين زعيم المجلس الأعلى، إذا بالزعيم الشيعي نبيه بري يميل إلى “عَلْمَنة” حركة أمل، بما يُسَمى “العلمانية العاقلة”، وهذان الرافدان (حركة أمل والمجلس الأعلى) هما ميراث موسى الصدر الذي خلفه من بعده، مِما جعلهما في مصب نيران حزب الله التنظيرية والعسكرية، لأن الحركة مارقة في نظره إذ لا تؤمن بولاية الفقيه، ولا تؤمن بالتبعية لإيران، وليس لإيران أي فضل في نشأتها أو دعمها، وتسعى لتوسيع نفوذها في الجنوب اللبناني على حساب شعبية حزب الله الإيراني.

هذه الفوارق الكبيرة في المنهج والسياسيات والتوجه والقناعات بين حزب الله مهمة جدًا لتحديد كيفية التعامل مع الواقع اللبناني الحالي ومستقبلًا وكيف انتهاز فرصة تقويض حزب الله لإعادة الروح والحياة للدولة اللبنانية ولكل طوائف لبنان وفي مقدمتهم الشيعة، وذلك عبر تعديل الأوضاع المقلوبة وتصويب المعادلات وموازين القوى على الأرض لصالح الشيعة العرب والشيعة اللبنانيين على حساب الشيعة الفرس والشيعة الموالين لإيران، ما يعني الدفع بأوراق لبنانية عروبية أصيلة تمثل الخط الشيعي العربي المنحاز للبنان وللعرب وغير الموالي لإيران ولنظرية ولاية الفقيه الخومينية.

يمكن التعامل عربيًا مع هذا الواقع بتشجيع التيار الشيعي العربي الوطني غير الموالي لإيران، فهل هناك إمكانية ليشهد المستقبل القريب تمددًا لحركة أمل الشيعية العربية على حساب حزب الله المُنهَك جسديا في سوريا والمحطم في لبنان، والذي انهارت شعبيته خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية في لبنان والوطن العربي كله.

نتساءل: هل يمكن أن تبلور حركة أمل مواقفها وتكتيكاتها اللوجستية والعسكرية وتعود حركة جامعة للشيعَة اللبنانيين والعرب، في وجه الغطرسة الإيرانية الممثلة في سياسة حزب الله في لبنان وسوريا؟

وهل تستطيع حركة أمل أن تحتضن الجميع وتصير جزءًا من الدولة الوطنية الحديثة؟

ظهور موسى الصدر وانقضاء الحقبة الخومينية


لو حدث ذلك فإنني أعده بمثابة عودة للإمام موسى الصدر من غيبته الغامضة التي طالت، إذ أن الرواية الأكثر ترجيحًا لسيناريو تغييب أنه اختفى لأن الخوميني أراد ذلك؛ وقد قال الدكتور علي نوري زادة، وهو صديق شخصي للإمام موسى الصدر ويرأس مركز دراسات متخصص في الشؤون الإيرانية في لندن، إن الصدر كان أول من استشعر خطر وصول المتطرفين إلى الحكم في إيران أواخر سبعينيات القرن الماضي، وأجرى اتصالات سرية مع الشاه محمد رضا بهلوي، وهو ما علم به آية الله الخوميني ومن حوله، فقرروا التخلص منه لأنه يشكل خطرًا عليهم وعلى طموحهم بالاستيلاء على الحكم في إيران، وهو ما تم بالفعل بالتواطؤ مع نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا الذي كان على علاقة سيئة مع نظام الشاه في إيران، وأيضًا كانت علاقة الصدر سيئة جدًا مع القذافي، لأن موقفه في الحرب الأهلية اللبنانية كان ضد المجموعات المرتبطة بالنظام الليبي.

إن بعث الشيعية العروبية الوطنية في لبنان هو بمثابة بعث لمنهج الإمام موسى الصدر الذي كان أول من وحد الشيعَة تحت راية واحدة، وأول من عمِل على إحياء تجمعات شيعية ذات صبغة خاصة تشارك في الحياة الاجتماعية والإنسانية والأهم أنها تنتمي إلى لبنان والعروبة، لا لمحاور ولا لمشاريع توسعية طائفية.

غاب الإمام موسى الصدر (1928م- 1978م) مؤسس حركة أمل، وغيابه مرتبط بفرضية تورط الخومينيين في قتله، لأن منهج حركة أمل وفلسفتها قائمة على عدم شعورها وقيادتها بالفضل للخُومِيني وعدم خضوعها لأوامر السلطة الإيرانية على طول الخط، وجاء حزب الله الموالي بشكل فج وصريح للسلطة في إيران ليزحزح حركة أمل عن مكانتها التاريخية، بل ويعتبرها حركة علمانية متمردة على تعاليم الإمام المعصوم وعلى دولة الفقيه “إيران”، فهل يظهر موسى الصدر مجددً في لبنان بعد إزاحة حزب الله وكبح جماح إيران الخومينية؟

في مقابل الحالة الوطنية العروبية المفترضة والتي تضم شيعة وطنيين، نجد أن حزب الله هو أكبر وأقدم وأخطر تنظيم مسلح مُوالٍ لإيران الخُومِينية داخل الفضاء العربي، وهو لم يُخفِ هذه الموالاة منذ تأسيسه، لذلك كان طبيعيا أن يقول السيد إبراهيم الأمين الناطق الرسمي باسم الحزب (وهو المرشح حاليًا لتولي قيادته خلفًا لنصرالله)، جوابًا عن سؤال حول علاقة الحزب بإيران (نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران).

لذلك أرى أن تيار الإسلام السياسي الشيعي أخطر بكثير من تيار الإسلام السياسي السني (داعش والإخوان والقاعدة)؛ حيث هناك مشروع قائم بالفعل في العمق العربي يجسد نظام الولي الفقيه التوسعي (مركز وولايات تابعة له تديرها الأذرع)، بينما لم تستطيع كيانات الإسلام السياسي السني والقوى الإقليمية التي رعتها ودعمتها مثل تركيا إقامة مشروعها التوسعي (مركز وولايات) تحت عنوان (الخلافة)، علاوة على الإلهام والدعم الذي منحه الأول للثاني على إمتداد مسيرته، ويكفي أن نعلم كيف تأثرت مختلف التيارات التكفيرية في العالم العربي بالثورة الخومينية وسعت لاستنساخها، ويكفي أن نعلم أن قتل الرئيس الراحل الشهيد أنور السادات كان أيضًا بفتوى من الخوميني وليس فحسب من حركيين عرب تكفيريين، هذا بخلاف التطور غير المسبوق الذي طرأ على مستويات التأثير والتواصل والتنسيق والدعم والتحريك من الخلف طول السنوات الماضية والذي تُوج بتنفيذ عملية طوفان الأقصى التي نتج عنها أحداث مفصلية في عمر هذا التيار، لا بل في عمر الأمة.

جاء في الإعلان التأسيسي لحزب الله أو ما يُسَمى بـ(الرسالة المفتوحة) التي وجهها الحزب إلى المستضعفين في لبنان والعالَم في 16 فبراير 1985م: (إننا أُمة أبناء حزب الله نعتبر أنفسنا جزءًا من أمة الإسلام المركزية في العالَم، نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضرًا بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخُومِيني دام ظله).

حزب الله إذًن هو حزب إيراني أو رأس الحربة الإيرانية في المنطقة، فهو تابع لها فقهيا وعقائديًا وسياسيًا واقتصاديًا، وجاءت نشأته لتتناغم مع إرادة إيران الخُومِيني للتوسع في المنطقة، والاعتماد على أجنحة مسلحة تدافع عن الأمن القومي الإيراني خارج الحدود الإيرانية كخطوط دفاع متقدمة بالداخل العربي، وهي النظرية التي لا زالت تنتهجها إيران حتى اليوم، بخاصة بعد فشل إيران الخُومِيني في الهيمنة على حركات التحرر في المنطقة كمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح بزعامة ياسر عرفات في بداية الثمانينيات.

أرادت طهران توليد حركة جديدة تكون هي السبب المباشر في وجودها واستمرارها بالدعم اللوجستي والعسكري، وتبقى تحت نفوذ الدولة الإيرانية، ولا تخرج عن الخط السياسي لإيران، فجاء إنشاء وتوليد حزب الله الذي دان بالطاعة من أول يوم للخُومِيني وإيران، في المقابل هناك حركة أمل الشيعية التي لا تدين بالفضل للخُومِيني ولا تخضع لأوامر السلطة الإيرانية على طول الخط، لأنها تعتبر نفسها الأصل والأُم للشيعَة في لبنان، ووجودها سابق على وجود الثورة الخُومِينية نفسها.

لم يكن حزب الله يومًا حزبًا لبنانيًا وطنيًا وباتت الوقائع التي تثبت ذلك مشهورة ويعلمها القاصي والداني، وقد شارك الحزب في قتل الأبرياء في سوريا، وصار جزءًا من المخطط السياسي الإيراني في المنطقة، فيرسل مقاتليه إلى العراق واليمن وجنوب لبنان، وصار شعاره “تحرير القدس يبدأ من اليمن”، و”يبدأ من العراق”، و”يبدأ من سوريا”، بعد أن كان تحرير القدس يبدأ من جنوب لبنان وفلسطين، فلم تُحرر القدس وجرى ويجري تدمير وتخريب كل هذه الحواضر العربية.

في أثناء الحرب الصليبية تَجمع الشيعَة العرب من أهل جنوب الشام، الذين تَربوا في دفء دمشق وضواحيها، واختلطوا بالوسط السني، وباعوا واشتروا وتعاملوا مع العرب والمسلمين يوميًا، واعتبروا أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية والإسلامية، تجمع هؤلاء بجبل عامل هربًا من الصليبيين.

وهؤلاء هم بذرة شِيعَة لبنان بصبغتهم الخاصة التجديدية الإصلاحية إلى يومنا هذا، فلا يزال جبل عامل وشِيعَة لبنان يمثِّلون تيارًا أصيلًا للتشيع العربي في مواجهة التشيع الفارسي، وأقصد بالتشيع العربي ذلك الذي لم يمتزج بالقومية الفارسية، ولا بالتراث الصفَوي الإقصائي.

وإن بدا في أحايين كثيرة أن رجالًا من جبل عامل يدعمون النهج الإيراني فإن وطأتهم أخف ولغتهم أهدأ وصدورهم أرحب، ولا يزال المصلحون الشيعَة يخرجون من حوزة لبنان وأصالتها العربية مثل هاني فحص ومهدي شمس الدين (تلميذ السيد موسى الصدر) وفضل الله وغيرهم.

لقد كانت الصبغة العربية غالبة على التشيع حتى انتهاء فترة الحروب الصليبية وبمجرد ميلاد الدولة الصفَوية دخلت العلاقات السنية الشيعية مرحلة جديدة من تاريخها المتموج وزادت الفجوة بين الطائفتين عمقًا واتساعًا، حينما أضحت الخطوط الطائفية تسير على تخوم الخطوط القومية والفارسية.

ذلك أن الدولة الصفَوية قامت على دعامتين: الأولى القبائل التركية المتشيعة في شرق الأناضول، التي زحفت على بلاد فارس برفقة شيوخها الصفَويين الذين كانت تقدسهم، والثانية هجرة علماء كثيرين من جبل عامل من لبنان إلى إيران، فامتزجت الثقافة الشيعية العربية بالثقافة الشيعية التركية، على أرض فارسية وثقافة فارسية خالصة.

أنتج ذلك جيلًا مشوهًا من التشيع الفارسي الإقصائي المتطرف، يتمثل في الدولة الصفَوية ورجال دينها، وامتدادها الحالي في الدولة الإيرانية.

ذلك ملمح مهم عن بَذرة شِيعة الشام عمومًا ولبنان خصوصًا، وكيف أن جذورهم عربية، وصبغتهم إنسانية، لا قومية ولا فارسية، لذا فهم يستحقون الأفضل، لا حزبًا يزعم أنه مبعوث الرب فيما هو أداة ورأس حربة إيران.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى